داء إبليس
يعبر البعض عن هذا الداء بالعناد، ربما تجملا أو تهوينا أو خلطا ولكنه في الحقيقة اسمه (الكبر!).
والكبر أبو الخطايا إن جاز التعبير فهو الذي أخرج إبليس من الجنة ومن الملة وجعله منبوذا أبد الآبدين (فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين).
والواقع أننا لو تأملنا المشاكل والخصومات من حولنا في حياتنا الاجتماعية والمهنية سنجد أن الكبر هو العامل المشترك في معظمها تحت مسميات كثيرة وأغلفة عديدة وفي قوالب شتى وحجج واهية ومبررات معلبة جاهزة، فأحيانا تحت ستار الكرامة، والتنازل، والضعف، ومرات أخرى بحجة أنه هو الذي بدأ، أو أنا غلطان بس مش هاعتذر الناس يقولوا عني ايه؟ وهلم جرا!
والأسوأ من هذا كله قيام البعض بتبرير هذا السلوك المشين من خلال محاولة قلب الأمور وتأويل الوقائع ولي عنق الحقائق لإيجاد مخرج يبقيهم على الاستكبار.
ولذا نحتاج في معالجتنا لهذا الأمر إلى عدة أمور أولها أن ندرك أن النفس الإنسانية يعتريها من الغضب اللحظي والتوتر والاندفاع ما يعتريها وأنها إن هدأت وسكنت لابد وأن تراجع المواقف التي اتخذت في لحظات التهور وهذا ما يميزنا عن غيرنا من مخلوقات الله وهو أن نعمة العقل، والأمر الآخر هو أننا كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون، فالخطأ أمر طبيعي بل هو من طبيعة البشر، فلا أحد معصوم، والاعتراف بالخطأ خير من التمادي فيه، فالاستكبار عن الاعتراف به خطأ آخر، يدخلنا في نفق مظلم من الأخطاء المتسلسلة اللامتناهية، وإذا أدركنا هاتين الحقيقتين فإن هذا يأخذنا بلا شك إلى تقبل ثقافة الاعتذار ممارسين له من ناحية ومتقبلين بلا شروط المعتذرين فتقديم الاعتذار من شيم الكبار وقبوله من شيم الكرام.
وأخيرًا: تذكر دائما لن يندم إلا المستكبرون، فما جاء اللين في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.