فاطمة العدلاني
دائمًا وأبدًا كانت تشدني تلك اللقطات التي يبكي فيها الأب ناظرًا لابنته لحظة إفلات يدها من يده لتستند علي يد شريك حياتها بدلًا من أبيها.. تلمس قلبي تلك اللقطة التي يظهر بها حب الأب وشعوره بفقدان جوهرة من بيته حتى لو كانت ستظل في القرب فمجرد حرمان نظره من رؤيتها كل ليلة في بيته وفقدانها بغرفتها يطفيان على عينه خوف وقلق كأنه يخاطب نفسه هل يستحقها هل سيحافظ على الكنز المتمثل في نشأة زرعتها وراعيتها وأحسنت تربيتها لما يقرب من عقدين ونصف هل تسرعت بالتفريط بها بعيدا عني هل كانت تستحق الأفضل والأفضل، دائما بالنسبة لِلأب الأفضل أن تظل تحت رعايته فوحده من سيطمئن عليها ببيته تحت سقف قصره ولو كان غرفة. أن يعود ليلا يراها تبتسم له وتمازحه فينسى برزق الله له فيها أين كان ومع من وكوارث عمله طيلة اليوم!
ولكنها سنة الحياة أن يتركها لتقوم بنشأ جيل جديد وتعمير الأرض.
دائما كنت أتساءل هل شعر الأب والأم بالساعات والأيام والسنوات التي مرت مع طفلتهم وآنستهم التي عاشت عمرا معهم حتى صارت عروسا أم أنهما تفاجئا لوهلة فبكيا على فراقها هل شعرا بالعمر فيبكيان لفقدان حسن عشرتها وأدبها أم ان الزمن نزعهما في التربية الصحيحة والنشأة والتعليم والتدريب والسلوكيات والأخلاقيات حتى وجدا أن العمر سرقهما.
ورغماً عن ذلك وذاك لا شك أنه حلم كل أم أن تحضر هذا اليوم التاريخي في حياة ابنتها وكغريزة أنثوية طبيعية خلقها الله بنا حلم” الفستان والطرحة ” ولكن دعنا نرى انتشار ظاهرة مؤخرا حتى أصبحت “تريند” مواقع التواصل الاجتماعي ألا وهي “strong independent women” أيتها الفتاة الجامعية المثقفة خطابي إليك سائلة إياك ونفسي…
لِمَ خلقنا الله؟؟ سؤال غريب محير لا تدرين الإجابة تعالي معي:
خلق الله حواء من ضلع أعوج بآدم خلقها وهو نائم حتى لا يتألم فيكرهها وهو أقوي وخلق منك طفلا تلديه مستيقظة تري الموت أمامك من الألم فتزدادي حبا ورأفة وعاطفة لمولودك حتى أنك تفديه بحياتك… أثبت الطب الحديث أنه لولا اعوجاج الضلع الحامي للقلب لكانت أقل ضربة تسبب نزيفا من موت… فعليك أن تفتخري بكونك خلقتي من ضلع اعوج فهذا لا ينقصك البتة وما هو إلا دليل أن عاطفتك أقوى منه وأن قلبك غلب عقلك.. وفي خلقك بيان لمهمتك حماية القلب أُمّا حنونه وأُختًا رحيمة وبنتًا عطوفة وزوجة وفية
على حواء أن تفتخر بأنها خُلِقت من ضلع أعوج!!!
وعلى ادم ان لا يحاول إصلاح ذاك الاعوجاج لأنه وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم إن حاول الرجل إصلاح ذاك الاعوجاج كسرها.
والآن أنا أؤمن أن المرأة نصف المجتمع ولها كيانها وأصبحت سفيرة ووزيرة وأيضا أُخبرك أنك لست أقل منهم البتة عزيزتي لكونك مهمتك الأساسية هي تربية النشأ بتاتا على النقيض أنت مهمتك الأساسية هذه تمثل بناء أُمّة بحالها وثقافتك وعلمك دافع قوي لتحقيق ذلك الهدف، ربما يوما ما تصلين ذلك وتفوقينهم ولابد لكل امرأة أن تحقق ذاتها وتثبتي لنفسك قبل المجتمع أنك تستطيعين وبقوة.
ولكن لحظة هل أثبتي ذاتك في أولادك في نشأتهم تفوقهم الدراسي الذهني الأفقي الديني هل قمتي بواجبك الأساسي في تربية أجيال ناشئة بأسس وقواعد تحمي مجتمعنا من أفكار اجرامية مشوهه وعقول فارغة وأطفال مشردة جائعة ليست مشردة بيتا ولكنها مشردة فكرا تعليميا رقيا وجائعة ليست جوعا طعاما بل جوعا من الحنان والدفء والحرمان من أسرة بها أعضاء ناجحين من أب وأم مناسبين لاختيارهم بعضهم البعض، هل اخترت لأولادك ما يصلح أن يكون أبا أم خشيت الثلاثين وتحت ضغط مجتمعي جاهل سعدت يوما أمام المرآه بفستان أبيض وشقيت عمرا بمجتمع أحاطك برجلا لا يناسبك ولا يوافقك فكريا أو مجتمعيا….
وعشان اللحظة دي بقى نعمل حسابها بنقول الوظيفة المستقبل الاعتماد على الذات الثقة بالنفس هنا الخطأ يمكن تعديله وتفاديه برغم أن العمر لا يعوضه شيء…بس دي نقطة الاسترونج اندبينتانت وومن الي استطاعت تنجح في هدفها في الحياة الأول نشأ سليم كشخص بيمثل نصف مجتمع وكشخص سوبر مان ضاف للمجتمع كذلك…
وخطابي للأم هل ابنتك علي دراية كاملة بكيفية إنشاء حياة أسرية سعيدة قائمة بأسس سليمة ووعي بالحقوق لها والواجبات عليها كقوانين الدولة التي يدري بها المواطنون؟ ؟ أم فقط تنتظر الأبيض أخبريها أنها سترى الفستان الابيض بالمرآه لا مفر ولكن أخبريها ان تستعد جيدا لتلك المسئولية العميقة التي تعاني من خسائرها الفادحة محاكم الأسرة وزيادة نسبة مطلقات وأطفال مشردين ومجتمع فاشل.
أخيرًا وليس آخرًا ادرسي واشتغلي وحققي أحلامك بس متنسيش يا سندريلا تحققي مكاسبك كبنت وأخت وزوجة وأم ثم ارسلي تلغرافا لي كي ابحث معك عن تحقيق نجاحك كوزيرة وسفيرة ورئيسة دولة، تحقيق ذاتك ونجاحك فكريا ضروري حتى تستطيعي موازنة تلك المتطلبات التربوية والنشأة السليمة وإدارة عبئ الأسرة بنظام سليم واعي لكن لا تنسي يا نجيبة هدفك الأساسي إذا قمتي بشراء الأبيض.