مأساة في الأجواء التركية.. تحطم طائرة عسكرية يودي برئيس أركان الجيش الليبي وكبار قادته
الترند العربي – متابعات
في حادثة مأساوية هزّت الأوساط السياسية والعسكرية في ليبيا والمنطقة، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، مساء الثلاثاء، مقتل رئيس أركان الجيش الليبي الفريق أول محمد الحداد، وعدد من كبار القيادات العسكرية، إثر تحطم طائرة خاصة كانت تقلّهم بعد إقلاعها من العاصمة التركية أنقرة، في حادث غامض فتح الباب أمام تساؤلات واسعة وتحقيقات مشتركة بين أنقرة وطرابلس.
إعلان رسمي يهزّ ليبيا
أكد عبد الحميد الدبيبة، في بيان رسمي نُشر عبر حسابه، وفاة رئيس الأركان الفريق أول محمد الحداد، إلى جانب عدد من مرافقيه، مشيرًا إلى أن الحادث وقع عقب إقلاع الطائرة من أنقرة في طريقها إلى العاصمة الليبية طرابلس. وأوضح البيان أن الوفد العسكري كان في زيارة رسمية لتركيا ضمن إطار التعاون العسكري بين البلدين، قبل أن تنتهي الرحلة بشكل مأساوي بعد دقائق قليلة من الإقلاع.
وشملت قائمة الضحايا، بحسب البيان الرسمي، رئيس أركان القوات البرية الفريق ركن الفيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري العميد محمود القطيوي، ومستشار رئيس الأركان محمد العصاوي دياب، إلى جانب المصور العسكري محمد عمر أحمد محجوب، ما جعل الحادث من أكثر الكوارث تأثيرًا في تاريخ المؤسسة العسكرية الليبية الحديث.

تفاصيل الطائرة المنكوبة
أفادت وسائل إعلام تركية، من بينها قناة “NTV”، أن الطائرة المنكوبة من طراز “فالكون 50”، وهي طائرة خاصة تُستخدم غالبًا في الرحلات الرسمية وكبار الشخصيات. وأوضحت القناة أن الطائرة أقلعت من مطار أنقرة متجهة إلى طرابلس، لكنها اختفت من شاشات الرادار بعد دقائق قليلة من الإقلاع، عقب وصولها إلى ارتفاع يقدّر بنحو 32,400 قدم.
وبحسب البيانات الأولية، سجلت أجهزة المراقبة الجوية انخفاضًا مفاجئًا في الارتفاع، تلاه انقطاع كامل للاتصال، ما دفع السلطات التركية إلى تفعيل بروتوكولات الطوارئ وبدء عمليات بحث موسعة في محيط العاصمة.

طلب هبوط اضطراري ثم صمت مفاجئ
قالت وزارة الداخلية التركية إن طاقم الطائرة أرسل طلبًا عاجلًا للهبوط الاضطراري بعد الإقلاع بفترة قصيرة، دون توضيح طبيعة العطل أو الأسباب التي دفعت إلى ذلك الطلب. وأضافت الوزارة أن الاتصال انقطع بعد دقائق من الطلب، لتبدأ بعدها عمليات البحث والإنقاذ بمشاركة طائرات مروحية ووحدات أرضية.
وأكد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا لاحقًا العثور على حطام الطائرة في منطقة وعرة قرب أنقرة، موضحًا أن فرق الطوارئ تعمل على تأمين الموقع، وأن بيانًا تفصيليًا سيصدر لاحقًا يوضح ملابسات الحادث وأسبابه الأولية.
مشاهد البحث والصدمة
تداولت وسائل الإعلام التركية صورًا ومقاطع مصورة لعمليات البحث التي جرت في منطقة اختفاء الطائرة، حيث شوهدت طائرات مروحية تحلق على ارتفاع منخفض، في حين أفاد شهود عيان بسماع دوي انفجار قوي في المنطقة نفسها قبل العثور على الحطام.
هذه المشاهد عززت حالة الصدمة، لا سيما بعد تأكيد عدم وجود ناجين، ما حوّل الحادث إلى فاجعة وطنية في ليبيا، وحدث أمني بالغ الحساسية في تركيا نظرًا لوقوعه داخل أجوائها.

زيارة رسمية انتهت بكارثة
كان الفريق أول محمد الحداد قد أجرى، قبل الحادث بأيام قليلة، زيارة رسمية إلى أنقرة، التقى خلالها وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو، ضمن سلسلة لقاءات عسكرية تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
ونشرت وكالة “رويترز” صورًا للحداد خلال اللقاءات الرسمية، كان آخرها صورة جمعته بوزير الدفاع التركي بتاريخ 23 ديسمبر 2025، لتتحول تلك الصور لاحقًا إلى ما يشبه “اللقطة الأخيرة” قبل المأساة.
صدمة داخل المؤسسة العسكرية الليبية
يمثل مقتل رئيس الأركان الليبي وكبار مساعديه ضربة قاسية للمؤسسة العسكرية في ليبيا، في توقيت حساس تشهده البلاد على المستويين السياسي والأمني. ويُعد الفريق أول محمد الحداد من أبرز الشخصيات العسكرية في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، حيث لعب دورًا محوريًا في جهود إعادة تنظيم الجيش، وتوحيد المؤسسات العسكرية، والتنسيق مع الشركاء الدوليين.
ويرى مراقبون أن غياب هذا العدد من القيادات دفعة واحدة قد يفرض تحديات كبيرة على القيادة العسكرية، ويستدعي إعادة ترتيب عاجلة داخل هرم القيادة لضمان الاستقرار وعدم تأثر الأداء الأمني.
تحقيقات مشتركة وترقب دولي
أعلنت السلطات التركية أن التحقيق في أسباب تحطم الطائرة سيُجرى بالتنسيق مع الجانب الليبي، وبمشاركة خبراء في الطيران المدني والعسكري، إضافة إلى فحص سجلات الصيانة، والاتصالات الجوية، وصندوقي التسجيل في الطائرة إن وُجدا.
وأكدت مصادر مطلعة أن التحقيق سيشمل دراسة احتمال العطل الفني، أو الظروف الجوية، أو أي عوامل أخرى قد تكون أسهمت في الحادث، وسط حرص رسمي من الجانبين على الشفافية الكاملة نظرًا لحساسية الحادث وتداعياته السياسية.
ردود فعل وتعازي رسمية
انهالت رسائل التعزية من مسؤولين ليبيين وشخصيات سياسية وعسكرية، عبّروا فيها عن حزنهم العميق لفقدان قيادات وصفوها بـ”الركيزة الأساسية” في مسار بناء المؤسسة العسكرية. كما صدرت تعازي رسمية من الجانب التركي، أكدت وقوف أنقرة إلى جانب ليبيا في هذا الظرف الأليم.
وفي الداخل الليبي، خيّم الحزن على الشارع العام، وسط مطالب بتكريم الضحايا بما يليق بمكانتهم، وإطلاق تحقيق وطني موازٍ لمتابعة تفاصيل الحادث وتداعياته.

تداعيات سياسية وأمنية محتملة
يرى محللون أن الحادث قد يترك أثرًا يتجاوز الجانب الإنساني، ليصل إلى الساحة السياسية والعسكرية، خصوصًا في ظل تشابك الملفات الليبية، وحساسية التوازنات داخل المؤسسات الأمنية. ويشير البعض إلى أن المرحلة المقبلة ستتطلب إدارة دقيقة لتفادي أي فراغ قيادي أو ارتباك ميداني.
وفي المقابل، يؤكد آخرون أن المؤسسة العسكرية الليبية تمتلك من الكوادر ما يمكّنها من تجاوز الأزمة، شريطة الإسراع في اتخاذ قرارات تنظيمية واضحة، تحافظ على الاستقرار وتضمن استمرارية العمل.
من هو الفريق أول محمد الحداد؟
هو رئيس أركان الجيش الليبي، وأحد أبرز القيادات العسكرية في البلاد، لعب دورًا مهمًا في إعادة تنظيم المؤسسة العسكرية وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين.
ما نوع الطائرة التي تحطمت؟
الطائرة من طراز “فالكون 50”، وهي طائرة خاصة تُستخدم غالبًا في الرحلات الرسمية لكبار المسؤولين.
أين وقع حادث التحطم؟
وقع الحادث في منطقة وعرة قرب العاصمة التركية أنقرة، بعد دقائق من إقلاع الطائرة.
هل تم تحديد سبب الحادث؟
حتى الآن، لم تُعلن السلطات سببًا نهائيًا، ولا تزال التحقيقات جارية بشكل مشترك بين تركيا وليبيا.
ما أبرز تداعيات الحادث على ليبيا؟
يمثل الحادث خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية، وقد يفرض تحديات تنظيمية وأمنية، إلا أن الجهات الرسمية تؤكد قدرتها على احتواء الموقف.
هل هناك تعاون تركي ليبي في التحقيق؟
نعم، أعلنت أنقرة وطرابلس عن تحقيق مشترك لضمان كشف ملابسات الحادث بشفافية كاملة.
بهذا الحدث المفجع، تُطوى صفحة من تاريخ القيادة العسكرية الليبية، فيما تبقى الأسئلة مفتوحة بانتظار نتائج التحقيق، وسط ترقب داخلي وإقليمي لتداعيات واحدة من أكثر الحوادث الجوية غموضًا وتأثيرًا في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضًا: داكار يعود من قلب الصحراء.. السعودية تستعد لملحمة عالمية جديدة في نسخة 2026


