رياضة

ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر

الترند العربي – متابعات

مع دقات التاسعة مساءً، وتحت أضواء ملعب الأمير مولاي عبد الله في الرباط، لا تبدأ مباراة كرة قدم عادية، بل تُفتح صفحة جديدة من تاريخ القارة السمراء، حيث يقص منتخب المغرب شريط انطلاق كأس الأمم الإفريقية 2025، في مواجهة تحمل كل رمزية البداية، وكل ثقل التوقعات، أمام منتخب جزر القمر، في ليلة تختلط فيها السياسة الرياضية بالحلم الشعبي، والضغط الجماهيري بالطموح القاري.

الافتتاح ليس مجرد مباراة أولى في جدول البطولة، بل هو إعلان رسمي عن انطلاق سباق طويل نحو اللقب، ورسالة مبكرة حول هوية النسخة الخامسة والثلاثين، التي تستضيفها المملكة المغربية وسط اهتمام قاري ودولي غير مسبوق، في ظل بنية تحتية متطورة، وتطلعات كبيرة بأن تكون هذه النسخة علامة فارقة في تاريخ البطولة.

المغرب.. أرض البطولة وموعد مع التاريخ

يدخل المنتخب المغربي البطولة وهو لا يحمل فقط صفة البلد المنظم، بل صفة المرشح الأول على الورق، في ظل ما حققه خلال السنوات الأخيرة من إنجازات غير مسبوقة، أبرزها المركز الرابع في كأس العالم 2022 بقطر، وهو الإنجاز الذي أعاد تعريف مكانة الكرة الإفريقية على الساحة العالمية.

أسود الأطلس لا يبحثون في هذه النسخة عن مشاركة مشرفة، بل عن لقب طال انتظاره، هو الثاني في تاريخهم، والأول منذ عام 1976. نصف قرن تقريبًا يفصل بين الحلم القديم والحلم الجديد، وبين جيل رفع الكأس وجيل يُطالب اليوم بترجمتها على أرضه وبين جماهيره.

ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر
ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر

الافتتاح.. حين يتحول الضغط إلى اختبار حقيقي

مباريات الافتتاح في البطولات الكبرى لا تُقاس دائمًا بالمنطق الفني البحت. المنتخب المستضيف يلعب وهو محاط بآمال الملايين، لكنه في الوقت ذاته يواجه ضغط البداية، والخوف من التعثر المبكر، الذي قد يفتح أبواب الشك والتوتر.

المنتخب المغربي يدخل المباراة مدركًا أن الفوز ليس مجرد ثلاث نقاط، بل رسالة طمأنة للجماهير، وتأكيد مبكر على أن الفريق قادر على تحمل عبء الترشح، وأنه جاهز للذهاب بعيدًا في البطولة.

الوليد الركراكي.. قائد المشروع الجديد

منذ توليه القيادة الفنية، شكّل وليد الركراكي حالة خاصة في المشهد الكروي المغربي. مدرب نجح في الجمع بين الواقعية التكتيكية والطموح الهجومي، وقاد منتخب بلاده إلى إنجاز عالمي غير مسبوق، ليصبح اسمه مرتبطًا بمشروع وطني يتجاوز النتائج إلى بناء هوية واضحة.

في كأس الأمم الإفريقية 2025، يخوض الركراكي تحديًا من نوع مختلف. هذه المرة لا يلعب دور الحصان الأسود، بل دور المرشح الأبرز، وهو ما يتطلب إدارة ذهنية عالية، وقدرة على التعامل مع الضغوط، وحسم المباريات التي قد تبدو سهلة على الورق لكنها معقدة على أرض الملعب.

قائمة النجوم.. ثراء فني وتنوع تكتيكي

يدخل المنتخب المغربي البطولة بقائمة مدججة بالأسماء اللامعة في أقوى الدوريات الأوروبية. القائد أشرف حكيمي، مدافع باريس سان جيرمان، يمثل رمزًا للجيل الحالي، بما يجمعه من خبرة دولية وروح قيادية.

إلى جانبه، يبرز يوسف النصيري، مهاجم أولمبياكوس، كأحد مفاتيح اللعب الهجومي، بما يمتلكه من قدرة على التحرك داخل منطقة الجزاء، واستغلال أنصاف الفرص. كما يحضر إبراهيم دياز، صانع ألعاب ريال مدريد، ليمنح المنتخب بُعدًا إبداعيًا إضافيًا، وقدرة على كسر التكتلات الدفاعية.

وسط الملعب لا يقل قوة، بوجود سفيان مرابط، لاعب ريال بيتيس، وعز الدين أوناحي، لاعب جيرونا، وهما ثنائي يمنح الفريق توازنًا بين الصلابة الدفاعية والمرونة الهجومية، فيما يضيف نصير مزراوي بُعدًا تكتيكيًا على الأطراف.

ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر
ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر

استغلال الأرض والجمهور.. السلاح المزدوج

اللعب على أرضك وبين جماهيرك قد يكون نعمة ونقمة في آن واحد. الجماهير المغربية معروفة بشغفها الكبير، وقدرتها على تحويل المدرجات إلى بحر من الأصوات والألوان، وهو عامل قد يمنح اللاعبين دفعة معنوية هائلة.

في المقابل، أي تعثر أو تأخر في التسجيل قد يزيد من الضغط، ويجعل المباراة أكثر تعقيدًا. هنا تظهر أهمية الهدوء والتركيز، وقدرة القادة داخل الملعب على إدارة إيقاع اللقاء.

جزر القمر.. الطموح الهادئ في مواجهة العاصفة

على الجانب الآخر، يدخل منتخب جزر القمر المباراة دون ضغوط حقيقية، لكنه محمّل بطموح مشروع في تقديم نفسه كمنافس عنيد. هذه المشاركة هي الثانية في تاريخ المنتخب القُمري في كأس الأمم الإفريقية، بعد ظهوره الأول في نسخة 2021 بالكاميرون.

هذا الظهور السابق منح المنتخب خبرة أولية في التعامل مع أجواء البطولة، ورفع سقف الطموحات، حيث لم يعد الهدف هو المشاركة فقط، بل محاولة ترك بصمة، ولو في مواجهة عملاق بحجم المغرب.

ستيفانو كوزين.. قراءة واقعية للتحدي

المدرب الإيطالي ستيفانو كوزين لا يخفي صعوبة المهمة، وقد وصف المواجهة سابقًا بأنها أشبه بتسلق جبل إيفرست. هذا التشبيه يعكس إدراكًا عميقًا للفوارق، لكنه في الوقت ذاته لا يحمل نبرة استسلام، بل واقعية ممزوجة برغبة في قلب التوقعات.

كوزين يدرك أن الضغط كله يقع على المغرب، وأن فريقه يستطيع اللعب بأريحية نسبية، مع التركيز على التنظيم الدفاعي، ومحاولة استغلال المرتدات، أو أي لحظة ارتباك قد تصيب أصحاب الأرض.

أسماء يعوّل عليها منتخب جزر القمر

رغم تواضع الإمكانات مقارنة بالمغرب، يمتلك منتخب جزر القمر مجموعة من اللاعبين القادرين على صنع الفارق. ألفاردو بن نبوهان، مهاجم زيمون الصربي، يمثل أحد الحلول الهجومية المهمة، إلى جانب رفيقي سعيد، مهاجم ستاندر دو لياج البلجيكي.

كما يبرز يوسف بنجلود، مهاجم سوشو الفرنسي، وثنائي الوسط يوسف ماشانجاما لاعب الباطن السعودي، وياسين برهان لاعب أريس ليماسول القبرصي، وهم أسماء تعكس تنوع تجارب لاعبي المنتخب بين دوريات مختلفة.

المجموعة الأولى.. بداية لا تقبل الحسابات الخاطئة

تضم المجموعة الأولى إلى جانب المغرب وجزر القمر كلًا من مالي وزامبيا، وهي مجموعة لا تعرف الرحمة، حيث لا مجال لفقدان النقاط بسهولة. الفوز في الافتتاح يمنح المغرب أفضلية نفسية كبيرة، ويخفف الضغط قبل مواجهة مالي الصعبة في الجولة الثانية.

أما جزر القمر، فخروجها بنتيجة إيجابية، أو حتى بأداء قوي، قد يشكل دفعة معنوية مهمة قبل مباراتي زامبيا ومالي، ويعزز آمالها في المنافسة على إحدى بطاقات التأهل.

حفل الافتتاح.. كرة القدم كحدث جماهيري شامل

لا تقتصر ليلة اليوم على مباراة فقط، بل تشهد أيضًا حفل افتتاح رسمي ينطلق في السابعة والنصف مساءً بتوقيت القاهرة. اللجنة المنظمة المحلية طالبت الجماهير بالحضور المبكر، حيث ستُفتح أبواب ملعب الأمير مولاي عبد الله في الثالثة عصرًا، لضمان انسيابية الدخول، والالتزام بالتعليمات التنظيمية.

هذا التنظيم يعكس حرص المغرب على تقديم نسخة استثنائية، تجمع بين المتعة الرياضية والاحتراف التنظيمي، في بطولة يُنتظر أن تكون واحدة من الأفضل في تاريخ كأس الأمم الإفريقية.

تسعة ملاعب.. مسرح البطولة

بطولة كأس الأمم الإفريقية 2025 ستقام على تسعة ملاعب موزعة على مدن مغربية مختلفة، في مشهد يعكس حجم الاستثمار في البنية التحتية الرياضية، وقدرة المملكة على استضافة أحداث كبرى بمعايير عالمية.

هذه الملاعب ليست مجرد ساحات للمباريات، بل منصات لعرض صورة جديدة لكرة القدم الإفريقية، التي باتت اليوم أكثر تنظيمًا وجاذبية.

الافتتاح كرسالة سياسية ورياضية

استضافة المغرب للبطولة، وافتتاحها بمواجهة على ملعب الأمير مولاي عبد الله، يحمل بعدًا رمزيًا يتجاوز الرياضة. البطولة تُعد رسالة ثقة في قدرة القارة على تنظيم أحداث كبرى، ورسالة وحدة رياضية تجمع منتخبات إفريقيا تحت راية المنافسة الشريفة.

المغرب، من خلال هذه النسخة، يسعى لتقديم نفسه كقلب نابض لكرة القدم الإفريقية، ومركز للتلاقي الرياضي والثقافي.

ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر
ليلة الافتتاح الكبير.. المغرب يفتح أبواب الحلم الإفريقي من بوابة جزر القمر

بين الحلم والواجب

بالنسبة للمغرب، المباراة الافتتاحية تقع بين الحلم والواجب. الحلم هو رفع الكأس أمام الجماهير، والواجب هو عدم التعثر في أول خطوة. هذه المعادلة ستختبر شخصية المنتخب، وقدرته على التعامل مع الضغوط، وتحويلها إلى دافع إيجابي.

أما جزر القمر، فيدخل المباراة بلا خوف، مدفوعًا برغبة في كتابة قصة مختلفة، قد تبدأ من ملعب الأمير مولاي عبد الله.

كرة القدم لا تعترف بالمستحيل

التاريخ الإفريقي حافل بالمفاجآت، ومباريات الافتتاح تحديدًا كانت دائمًا مسرحًا لسيناريوهات غير متوقعة. صحيح أن المغرب يتفوق على الورق، لكن كرة القدم لا تُحسم بالأسماء وحدها.

هذا الإدراك هو ما يمنح المباراة نكهتها الخاصة، ويجعلها أكثر من مجرد افتتاح رسمي، بل اختبارًا حقيقيًا لقيمة التحضيرات، وقوة الشخصية، وصدق الطموح.

متى تُقام مباراة المغرب وجزر القمر؟
تُقام في التاسعة مساء اليوم الأحد 21 ديسمبر 2025، على ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط.

ما أهمية المباراة؟
تمثل المباراة الافتتاحية لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2025، وتحمل رمزية كبيرة للمنتخب المغربي كبلد منظم.

ما هدف المغرب في البطولة؟
يسعى المنتخب المغربي للتتويج باللقب الثاني في تاريخه، والأول منذ عام 1976.

كم مرة شارك منتخب جزر القمر في كأس الأمم الإفريقية؟
هذه هي المشاركة الثانية في تاريخه، بعد ظهوره الأول في نسخة 2021 بالكاميرون.

متى ينطلق حفل الافتتاح؟
ينطلق حفل افتتاح البطولة في السابعة والنصف مساءً بتوقيت القاهرة.

اقرأ أيضًا: ذاكرة لا تُقدَّر بثمن.. داخل مكتبة جمعية أدبي الطائف حيث تحفظ الكتب تاريخ المدينة الثقافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى