ثورة المطاعم الفاخرة في الرياض وجدة… ماذا يجذب الجيل الجديد؟

الترند العربي – متابعات
تشهد مدينتا الرياض وجدة خلال الأعوام الأخيرة طفرة غير مسبوقة في قطاع المطاعم الفاخرة، مدفوعة بتحولات اجتماعية واقتصادية واسعة، وارتفاع الطلب على تجارب طعام مبتكرة تتجاوز فكرة الوجبة إلى أسلوب حياة. فقد أصبحت تجربة المطعم اليوم جزءًا من المشهد الثقافي للجيل الجديد، وبوابة للقاءات الاجتماعية، وتعبيرًا عن الهوية الفردية، ومؤشرًا على تطور المشهد الحضري في المملكة.

ارتفاع أعداد المطاعم الدولية في السعودية
منذ 2021، سجّل سوق المطاعم نمواً بنسب تتراوح بين 12% و18% سنويًا بحسب تقارير Statista وهيئة السياحة، فيما شهدت الرياض وحدها دخول أكثر من 70 علامة عالمية جديدة خلال السنوات الأربع الأخيرة، من بينها مطاعم حاصلة على نجوم ميشلان أو يقودها طهاة عالميون. أما جدة، التي تعتبر العاصمة السياحية للمملكة، فقد أصبحت مركزًا للمطاعم البحرية والفيوجن واللاونجات الراقية، مع توسّع مشاريع كورنيش جدة والواجهة البحرية.
جاذبية التجربة البصرية… ديكور يوازي جودة الطعام
تُظهر دراسة أجرتها منصة OpenTable أن 62% من رواد المطاعم الفاخرة في الخليج يختارون المطعم بناءً على الديكور قبل الوجبة نفسها. وفي الرياض وجدة أصبح التصميم الداخلي عنصرًا تنافسيًا حاسمًا، حيث تميل المطاعم إلى اعتماد مساحات واسعة، إضاءة خافتة، خلفيات نباتية، ومفاهيم تصميمية مستوحاة من ثقافات مختلفة.
الجيل الجديد يبحث عن مكان “يُصوَّر” بقدر ما يُستمتع فيه، وهو ما دفع العديد من المطاعم إلى تصميم زوايا مخصصة للصور، وترتيب الطاولات بطريقة تخدم المحتوى البصري على وسائل التواصل.

ماذا يبحث الجيل الجديد؟ أكثر من الطعام وأقل من الرسمية
يميل الشباب في السعودية إلى تجارب الطعام التي توفر:
• تنوع عالمي: مطابخ نادرة مثل البيروفية، النيكاي، الآسيوية العصرية، المطبخ المتوسطي الحديث.
• تجربة اجتماعية: موسيقى حيّة، عروض ناعمة، مساحات مفتوحة للقاءات.
• جودة الخدمة: احترافية الطاقم أصبحت جزءًا من التقييم.
• التوازن الصحي: قوائم نباتية، خيارات منخفضة السعرات، وطرق طهي مبتكرة.
• خصوصية: غرف خاصة في جدة والرياض أصبحت من أهم عوامل الجذب للعائلات.
كما أن الجيل الجديد يفضل “تجربة” تتميز بعناصر حسية — صوت، ضوء، رائحة، طعام — قبل النظر إلى السعر، ما جعل متوسط إنفاق الفرد في المطاعم الفاخرة يرتفع بنسبة تتراوح بين 20% و30% مقارنة بعام 2019.
منصات التواصل تغيّر قواعد اللعبة
أصبحت منصات مثل TikTok وInstagram المحرك الأساسي لانتشار المطاعم الجديدة. إذ تكشف دراسة سعودية حديثة أن 74% من رواد المطاعم دون سن الثلاثين يزورون مطعمًا بعد رؤيته في فيديو قصير، حتى قبل قراءة التقييمات.
هذا التحول أجبر المطاعم على الاهتمام بالعرض البصري للأطباق، الزوايا الجمالية، وتصميم الإضاءة بما يخدم ثقافة المحتوى السريع.

الرياض… عاصمة المطاعم الراقية
مع مشاريع كبرى مثل البوليفارد، بوليفارد وورلد، ذا رودز، طريق الأمير تركي الأول، والواجهة الجديدة لطريق الملك فهد أصبحت الرياض مركزًا يجذب العلامات العالمية الراغبة في دخول السوق السعودي.
وتقدّر جهات اقتصادية أن الرياض وحدها ستستقطب أكثر من 150 علامة جديدة بحلول 2027، في ظل التوسع العمراني والزيادة السكانية الهائلة.
مطاعم مثل Milos، Roka، LPM، Zuma، STK، Novikov أصبحت جزءًا من المشهد اليومي، وتستقبل قوائم انتظار تمتد لأيام، خصوصًا في عطلات الأسبوع.
جدة… مدينة الذوق البحري والمطاعم ذات الطابع الثقافي
تختلف جدة في هويتها، إذ تجمع بين الطابع الساحلي والروح الفنية الحضرية.
ومع اكتمال مشاريع مثل ممشى جدة، الكورنيش الشمالي، جدة ووترفرنت أصبحت المدينة موطنًا لمطاعم فخمة تعتمد على المأكولات البحرية وتجارب الفيوجن، بالإضافة إلى المطاعم التي تستلهم روح البيوت الحجازية بطرق معاصرة.
وتشير بيانات اقتصادية إلى أن 41% من الإنفاق على المطاعم الفاخرة في المنطقة الغربية يتم داخل جدة وحدها.

دور رؤية 2030 في خلق هذا التحول
قطاع المطاعم جزء أساسي من قطاع السياحة والترفيه الذي تعمل رؤية 2030 على تعزيزه.
وقد ساهمت مبادرات مثل:
– تحسين البيئة التنظيمية للمطاعم
– تسهيل دخول العلامات العالمية
– دعم المواهب السعودية في مجال الطهي
– توسع برامج التدريب والابتعاث للطهاة
في خلق سوق أكثر تنافسًا وثراءً، وأصبحت السعودية اليوم من أسرع أسواق الضيافة نموًا في العالم.
مفهوم “المطعم كمشهد ثقافي”
لم تعد زيارة المطعم مجرد نشاط ترفيهي، بل أصبحت فرصة لعيش تجربة ثقافية كاملة.
فبعض المطاعم توفر عروضًا موسيقية عربية، وأخرى تعتمد على سرد قصصي أثناء تقديم الأطباق، بينما تدمج مطاعم أخرى تقنيات مثل الواقع المعزز أو الإضاءة التفاعلية لخلق تجربة ترفيهية ذات بعد تقني.
مستقبل المطاعم الفاخرة… إلى أين؟
وفق تقديرات HSBC وExpedia Market Insights فإن الطلب على المطاعم الفاخرة في السعودية سيستمر بالنمو لخمسة أسباب رئيسية:
- ارتفاع القوة الشرائية للشريحة الشابة
- دخول خبرات طهي عالمية
- نمو عدد السياح الدوليين والزوار من الداخل
- توسع مشاريع الرياض الكبرى والبحر الأحمر ونيوم
- ارتباط تجربة المطعم بعادات اجتماعية جديدة مثل الاحتفال والمناسبات الصغيرة
كما يُتوقع أن تتجه المطاعم إلى القوائم الموسمية، الطهي المفتوح، التجارب الحسية المتعددة، ودمج التسويق بالمؤثرين كجزء من الهوية التشغيلية.
ما سبب ازدهار المطاعم الفاخرة في الرياض وجدة؟
السبب الرئيس يعود إلى التحول الاقتصادي والاجتماعي، وزيادة القوة الشرائية، ودخول علامات عالمية، إضافة إلى المشاريع الحضرية الجديدة التي جعلت المطاعم جزءًا من نمط الحياة.
هل يفضّل الجيل الجديد الطعام أم التجربة؟
الدراسات تشير إلى أن 60% من رواد المطاعم الفاخرة يهتمون بالتجربة البصرية والحسية أكثر من نوع الطعام نفسه.
ما أكثر أنواع المطاعم انتشارًا في السعودية؟
المطابخ اليابانية والبيروفية والمتوسطية الحديثة، إضافة إلى مطاعم الفيوجن والمطاعم ذات الطابع الثقافي.
هل الأسعار المرتفعة تؤثر على الإقبال؟
رغم ارتفاع الأسعار، ما يزال الإقبال قويًا لأن الجيل الجديد يبحث عن تجربة كاملة وليس وجبة فقط.
هل ستستمر ثورة المطاعم الفاخرة في السنوات القادمة؟
نعم، تشير التوقعات إلى استمرار النمو مع فتح مناطق جديدة في الرياض والبحر الأحمر وجدة سوبر دوم، وتزايد السياحة الخارجية والداخلية.
