صحة

تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم

الترند العربي – متابعات

رغم أن الباراسيتامول يُعد واحدًا من أكثر الأدوية تداولًا حول العالم، ويُنظر إليه كمُسكن خفيف وآمن يمكن تناوله دون وصفة طبية، إلا أن تحذيرات صحية واسعة النطاق بدأت تُعيد صياغة الصورة التقليدية لهذا الدواء المنتشر. ففي الوقت الذي يلجأ فيه ملايين الأشخاص يوميًا إلى الباراسيتامول لعلاج الصداع وآلام العضلات وخفض الحرارة، تؤكد دراسات صحية وهيئات طبية بارزة أن هذا المسكن “ليس مناسبًا للجميع”، وأن الاستخدام غير المنضبط قد يتحول من وسيلة تخفيف إلى مصدر خطر صحي حقيقي، خاصة لدى الفئات المعرضة للمضاعفات. وتكشف التحذيرات الحديثة أن خطورة الباراسيتامول لا تكمن فقط في الجرعة الزائدة، بل أيضًا في التداخلات الدوائية وحالات الضعف الجسدي وأمراض الكبد والكلى، وصولًا إلى كبار السن الذين قد يواجهون مخاطر إضافية عند تناوله لفترات طويلة. هذه التحذيرات أعادت التركيز العالمي على أهمية الوعي الدوائي وعدم التعامل مع الأدوية المتداولة وكأنها خالية من التأثيرات، ما يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول الثقافة الصحية والاعتماد العشوائي على العقاقير المسكنة.

تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم
تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم

دواء شائع لكنه ليس مناسبًا للجميع

تؤكد هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) أن الباراسيتامول، رغم اعتباره آمنًا نسبيًا، لا يناسب جميع الفئات، وأن تجاهل الاستشارة الطبية قبل تناوله قد يؤدي إلى عواقب غير متوقعة. وتوضح الهيئة أن بعض الحالات الصحية تجعل الجسم أكثر حساسية تجاه تأثيرات الباراسيتامول، ما قد يرفع مخاطر السمية الكبدية أو التداخلات الدوائية الخطيرة. وتشمل هذه الفئات الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد بأنواعها، وخاصة من لديهم تاريخ مرضي يشمل الالتهاب الكبدي أو تليف الكبد أو ارتفاع إنزيمات الكبد بشكل مستمر. كما تنبه إلى أن مرضى الكلى يجب أن يتعاملوا مع الدواء بحذر شديد، إذ قد تتأثر قدرة الجسم على التخلص من الدواء، ما يؤدي إلى تراكمه بطريقة قد تسبب ضررًا تدريجيًا غير ملحوظ. وتلفت الهيئة إلى فئة أخرى كثيرًا ما يتم تجاهلها: الأشخاص الذين يقل وزنهم عن 50 كغم، حيث قد يتعرضون لجرعات تفوق احتياج الجسم الفعلي دون قصد، مما يزيد احتمالية السمية. وتضيف أن وجود تاريخ تحسسي تجاه الباراسيتامول أو أحد مكوناته يُعد سببًا كافيًا لتجنب الدواء تمامًا، مشددة على ضرورة قراءة التعليمات المرفقة مع كل عبوة، خاصة لمن يتناولون أكثر من دواء للبرد أو الإنفلونزا، إذ إن أغلب هذه الأدوية تحتوي على الباراسيتامول ضمن تركيبتها.

تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم
تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم

الجرعات المتداخلة.. الخطر غير المرئي

يمثل تناول أكثر من منتج دوائي يحتوي على الباراسيتامول الخطر الأكبر في الاستخدام اليومي لهذا الدواء، إذ قد يتجاوز الشخص الجرعة اليومية القصوى دون أن يدرك ذلك، خاصة في الشتاء حيث يكثر استخدام أدوية البرد والإنفلونزا. وتوضح NHS أن الباراسيتامول موجود في عشرات الأصناف الدوائية، ما يجعل احتمالية تداخل المنتجات شائعة للغاية. وتؤكد أن الجرعة القصوى التي لا يجب تجاوزها هي قرصان بتركيز 500 ملغ حتى أربع مرات يوميًا، أي ما يعادل 4 غرامات خلال 24 ساعة. وتشير الدراسات إلى أن تجاوز هذه الجرعة ولو قليلًا قد يتسبب في إجهاد الكبد، بينما يؤدي تجاوزها بدرجات كبيرة إلى تسمم حاد قد يتطلب دخول المستشفى فورًا. وتصف الهيئات الطبية الجرعة الزائدة بأنها “القاتل الصامت”، لأنها قد لا تظهر أعراضها فورًا، بل بعد ساعات أو أيام، حين تكون الأضرار قد بلغت مرحلة متقدمة. كما تشدد التوصيات العالمية على ضرورة الابتعاد عن تناول الباراسيتامول بالتزامن مع استهلاك الكحول، إذ يضاعف الكحول من أثر السمية الكبدية، وقد يؤدي الجمع بينهما إلى فشل كبدي حاد في بعض الحالات.

تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم
تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم

التداخلات الدوائية.. خطر يهدد فئات محددة

تسلط الهيئة البريطانية الضوء على فئات أخرى تحتاج إلى عناية مضاعفة قبل استخدام الباراسيتامول، مثل المرضى الذين يتناولون أدوية “وارفارين”، وهو دواء مميع للدم يُستخدم في حالات الجلطات والرجفان الأذيني. وتشير الدراسات إلى أن تناول الباراسيتامول بشكل يومي أو جرعات مرتفعة منه قد يزيد من تأثير الوارفارين، ما يرفع مخاطر النزيف الداخلي. كما تنبه إلى أن بعض علاجات الصرع والسل تتداخل مع الباراسيتامول وتؤثر على عملية أيضه داخل الكبد، ما قد يؤدي إلى تقليل فعاليته أو رفع سميته. وتكشف الجامعة البريطانية نفسها أن تناول الباراسيتامول بإفراط قد يتفاعل أيضًا مع مضادات الاحتقان وأدوية البرد التي تحتوي على مواد منشطة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم أو زيادة العبء على القلب لدى كبار السن أو المصابين بأمراض القلب. وتبرز أهمية هذه التحذيرات في أن الكثير من المرضى يعتمدون على المسكنات بشكل يومي، دون إدراك أنهم يستهلكون جرعات قد تتداخل مع أدويتهم المزمنة. وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من كبار السن يعانون من تعدد الأدوية (Polypharmacy)، ما يجعل إدارة الدواء أكثر تعقيدًا.

تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم
تحذيرات طبية جديدة: الباراسيتامول ليس آمنًا كما يعتقد الملايين حول العالم

دراسة حديثة تكشف مخاطر الاستخدام طويل الأمد

وفقًا لصحيفة ميرور البريطانية، أظهرت دراسة أجرتها جامعة نوتنغهام أن الاستخدام طويل الأمد للباراسيتامول لدى كبار السن يرتبط بزيادة واضحة في مخاطر الإصابة بعدد من المشكلات الصحية، من بينها قصور القلب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكلى، والتهابات المعدة والقرحة. وتكشف الدراسة أن الجرعات اليومية العالية تُعد العامل الأكثر تأثيرًا، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. وتشير النتائج إلى أن الباراسيتامول، رغم بساطة تركيبه، ليس خاليًا من التأثيرات الجانبية بعيدة المدى، وأن تناوله لفترات طويلة يجب أن يكون تحت إشراف طبي صارم. وتوضح الدراسة أن تأثيراته على القلب قد تكون مرتبطة بتأثيره في تنظيم السوائل داخل الجسم، ما قد يؤدي إلى إجهاد عضلة القلب لدى المرضى الذين لديهم تاريخ مرضي بالقلب أو الضغط. كما أشارت إلى أن الاستخدام اليومي قد يرفع خطر الإصابة بأمراض المعدة بنسبة تصل إلى 20%، خاصة لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية أخرى تؤثر على بطانة المعدة. وتؤكد الدراسة أن الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات هي كبار السن ومرضى الكلى والكبد والأشخاص الذين يتناولون الكحول بصفة منتظمة، ما يعكس أهمية تخصيص جرعات مناسبة لكل حالة بدلًا من الاعتماد على الجرعات العامة المتداولة.

إرشادات عالمية للحد من المخاطر

تحث منظمات الصحة العالمية على اتباع تعليمات دقيقة عند تناول الباراسيتامول، تبدأ بقراءة النشرة الطبية وتحديد عدد المرات اليومية بدقة. وتنبه التوصيات إلى ضرورة وجود فاصل زمني لا يقل عن أربع ساعات بين كل جرعة والأخرى، وعدم تجاوز ثمانية أقراص في اليوم الواحد. كما تشدد على ضرورة حفظ الدواء بعيدًا عن متناول الأطفال، إذ يعد الباراسيتامول أحد أكثر الأدوية تسببًا في حالات التسمم الطفولي في أوروبا وأميركا. وتشير الإرشادات أيضًا إلى ضرورة مراجعة الطبيب عند استمرار الألم أو الحمى لأكثر من ثلاثة أيام، لأن استمرار الأعراض قد يشير إلى مشكلة صحية تتطلب علاجًا محددًا وليس مجرد مسكن للألم. وتُوصي الهيئات الطبية بالبحث عن بدائل آمنة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات الكبد أو تناول الكحول، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، لكنها تؤكد أن لكل بديل مخاطره الخاصة، وأن قرار اختيار المسكن يجب أن يكون طبيًا بالدرجة الأولى.

الثقافة الدوائية.. الحلقة المفقودة في الكثير من المجتمعات

تكشف الدراسات الصحية أن أكثر من 40% من الأشخاص حول العالم يعتمدون على الأدوية المسكنة بشكل متكرر دون استشارة طبية، وهو ما يرفع احتمالات سوء الاستخدام بدرجة عالية. وتوضح الإحصاءات أن الباراسيتامول هو الدواء الأكثر استخدامًا في المنازل، وغالبًا ما يتم تناوله بشكل عشوائي عند الشعور بالصداع أو الإرهاق أو الحمى، دون إدراك أن الإفراط في تناوله قد يتسبب في أضرار خطيرة. وتبرز مشكلة الثقافة الدوائية في أن كثيرًا من الناس يعتقدون أن الأدوية الشائعة “آمنة تلقائيًا”، ويُهملون حقيقة أنها تؤثر على أعضاء حساسة مثل الكبد والكلى. كما تلعب العادات الاجتماعية دورًا مهمًا، حيث يُنظر إلى المسكنات كحل سريع لمشكلات متعددة مثل التعب والإرهاق، بينما يجب معالجة الأسباب بدلًا من إخفاء الأعراض. وتدعو الهيئات الصحية إلى إطلاق حملات توعية واسعة لشرح آليات التعامل مع المسكنات، وكيفية قراءة النشرات الطبية، وأهمية تسجيل الأدوية المستخدمة يوميًا لتجنب الجرعات المسموح بها.

كيف يتعامل الجسم مع الباراسيتامول؟

يعتمد تأثير الباراسيتامول على آلية معقدة تتضمن تثبيط مادة البروستاغلاندين المسؤولة عن الإحساس بالألم وارتفاع الحرارة. ويتم امتصاصه بسرعة في الجهاز الهضمي، ثم يُنقل إلى الكبد حيث تتم عملية “الأيض”. ويقوم الكبد بتحويل الجزء الأكبر من الدواء إلى مواد غير ضارة تُطرح عبر الكلى، بينما يتحول جزء صغير إلى مادة سامة تسمى NAPQI، والتي يتم التخلص منها عادة بواسطة مادة “الغلوتاثيون” الموجودة في الكبد. ولكن عند تناول جرعات كبيرة تتجاوز قدرة الكبد على التخلص من NAPQI، تتراكم المادة السامة وتبدأ بإلحاق الضرر بخلايا الكبد، مما يؤدي إلى فشل كبدي في الحالات الحادة. وتوضح هذه الآلية لماذا يعد الباراسيتامول خطرًا على الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد، أو أولئك الذين يستهلكون الكحول، لأن الكبد لديهم قد يكون ضعيفًا وغير قادر على معالجة المادة السامة بالسرعة المطلوبة.

متى يجب التوقف فورًا عن تناول الباراسيتامول؟

تشدد منظمات الصحة العالمية على ضرورة التوقف المباشر عن تناول الدواء عند ظهور أعراض معينة، مثل ألم شديد في الجزء العلوي من البطن، اصفرار الجلد أو العينين، غثيان مستمر، فقدان الشهية، أو شعور عام بالوهن الشديد. كما يجب التوقف إذا لاحظ المريض ظهور طفح جلدي أو صعوبة في التنفس، وهي علامات قد تدل على رد فعل تحسسي. وتؤكد الإرشادات أن ظهور هذه الأعراض يتطلب زيارة عاجلة للطبيب أو الطوارئ، خاصة إذا كان الشخص قد تناول جرعة زائدة أو دمج عدة أدوية تحتوي على الباراسيتامول دون قصد.

هل يعتبر الباراسيتامول آمنًا للاستخدام اليومي؟
آمن عند الالتزام بالجرعة، لكنه غير مناسب لبعض الفئات مثل مرضى الكبد والكلى.

هل يمكن تناوله مع أدوية البرد؟
نعم، بشرط التأكد من أن أدوية البرد لا تحتوي على الباراسيتامول لتجنب الجرعة الزائدة.

هل استخدامه خطير على كبار السن؟
الاستخدام الطويل قد يزيد المخاطر مثل ارتفاع الضغط أو قصور القلب.

هل يمكن تناول الباراسيتامول مع الكحول؟
يُمنع منعًا باتًا، لأن الجمع بينهما قد يؤدي إلى فشل كبدي.

ما الجرعة القصوى اليومية؟
ثمانية أقراص من تركيز 500 ملغ خلال 24 ساعة.

اقرأ أيضًا: قاعدة روسية على البحر الأحمر؟ تحركات سودانية قد تغيّر موازين النفوذ في المنطقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى