90 مليون وظيفة جديدة في أفق السياحة.. أحمد الخطيب يرسم ملامح الثورة القادمة في قطاع السفر العالمي
الترند العربي – متابعات
في مشهدٍ يعبّر عن التحول التاريخي الذي يشهده قطاع السياحة العالمي، أعلن وزير السياحة السعودي أحمد بن عقيل الخطيب أن القطاع يستعد لإضافة نحو 90 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2034، في وقتٍ يوظّف فيه أكثر من 357 مليون شخص حول العالم، مما يجعله أحد أكبر المحركات الاقتصادية على وجه الأرض.
وجاء تصريح الوزير خلال كلمته الافتتاحية في مؤتمر ومعرض Tourise بالعاصمة الرياض، الذي يُعد من أبرز المنصات العالمية لمناقشة مستقبل التقنية والذكاء الاصطناعي في السياحة، بمشاركة أكثر من 50 وزير سياحة من مختلف دول العالم.
وأكد الخطيب أن الأرقام تكشف عن فجوةٍ تُقدّر بـ40 مليون وظيفة تحتاج إلى حلول عاجلة، داعيًا إلى تحالف عالمي بين القطاعين العام والخاص لمعالجة هذه الفجوة من خلال مبادرات واقعية تتبنّى التكنولوجيا دون أن تُقصي الإنسان.

قطاع السياحة.. القوة الهادئة التي تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي
أوضح الوزير أن السياحة لم تعد مجرد صناعة ترفيهية، بل تحوّلت إلى قاطرة تنموية كبرى تخلق الوظائف وتحفز الابتكار وتدعم سلاسل الإمداد العالمية.
وأضاف أن الدول التي تنجح في تطوير بنيتها السياحية هي التي تُحقق النمو الأكثر استدامة، مشيرًا إلى أن القطاع يسهم اليوم بما يزيد عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، متجاوزًا بذلك قطاعات الطاقة والنقل في بعض الاقتصادات.
وأكد الخطيب أن التحولات التقنية والرقمية، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعلّم الآلي، أصبحت عناصر أساسية في تحسين تجربة المسافر وتعزيز كفاءة التشغيل، لكنها في الوقت نفسه لا يمكن أن تحلّ محلّ العنصر البشري الذي يبقى محور الضيافة والتفاعل الإنساني في السياحة.

الرياض مركز الحوار العالمي للسياحة المستقبلية
استقطب مؤتمر Tourise أكثر من 5000 مشارك وخبير دولي، وناقش ملفات الابتكار، الاستدامة، والسفر الذكي.
وأشار الخطيب إلى أن الرياض باتت اليوم واحدة من أهم العواصم العالمية للسياحة الدولية، بعد أن نجحت المملكة في استضافة كبرى الفعاليات العالمية، مثل قمة منظمة السياحة العالمية واجتماعات منظمة التعاون الاقتصادي، مؤكّدًا أن المملكة تسير بخطى واثقة لتصبح ضمن أكبر خمس وجهات سياحية في العالم بحلول عام 2030.
كما شدّد الوزير على أن المؤتمر لا يكتفي بعرض الرؤى النظرية، بل يقدّم حلولًا تطبيقية لتمكين الحكومات والشركات الناشئة من توظيف التقنية في تطوير الوجهات السياحية، وتحسين تجربة الزائر من الحجز وحتى العودة إلى الوطن.

المرأة والشباب في قلب التحوّل السياحي العالمي
لفت الخطيب إلى أن 40% من الوظائف السياحية حول العالم يمكن أن تشغلها النساء، و30% منها مخصصة للشباب، ما يجعل السياحة القطاع الأكثر قدرة على تمكين الفئات المجتمعية الضعيفة ودعم الاستقرار الاجتماعي في الدول النامية.
وأشار إلى أن الدول التي تضع سياسات مرنة لتدريب وتأهيل القوى العاملة في هذا المجال تحقق قفزات نوعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما دعا الوزير إلى ضمان أن تستفيد الدول الصغيرة والجزر والمناطق النامية — خصوصًا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي والمحيط الهادي — من فرص هذا النمو العالمي، مؤكدًا أن العدالة في توزيع الفرص تمثل شرطًا أساسيًا لبناء اقتصاد سياحي عالمي متوازن.

الذكاء الاصطناعي شريك لا بديل
خلال كلمته، شدّد الخطيب على أن الذكاء الاصطناعي قادم لا محالة، لكن لا يمكن أن يحل محلّ الإنسان في كل المجالات، خصوصًا في تلك التي تعتمد على العلاقات العاطفية والتواصل المباشر مثل الضيافة وخدمة الزوار.
وأوضح أن الاستخدام الذكي للتقنيات الحديثة يجب أن يُعزّز قدرات البشر لا أن يستبدلهم، مشيرًا إلى أن الابتكار الحقيقي هو في التكامل بين الإنسان والآلة، حيث يوفّر الذكاء الاصطناعي المعلومات والتحليل، بينما يُقدّم الإنسان الحس الإنساني والتجربة الوجدانية.
السياحة كقوة إنسانية قبل أن تكون اقتصادية
أكد الخطيب أن السياحة هي القطاع الأكثر إنسانية بين جميع القطاعات الاقتصادية، لأنها ترتكز على التواصل والتفاعل بين الشعوب.
وقال إن كل رحلة سفر هي في جوهرها رسالة سلام وتبادل ثقافي، مشيرًا إلى أن المملكة — من خلال مبادراتها مثل “روح السعودية” و**“اكتشف السعودية”** — تسعى لترسيخ صورة السياحة كجسر للتفاهم بين الثقافات.
وأضاف أن السعودية تعمل على تطوير البنية التحتية السياحية في أكثر من 20 وجهة رئيسية، بما يشمل مشاريع البحر الأحمر، نيوم، العلا، والقدية، التي تُجسّد مزيجًا فريدًا بين الاستدامة والهوية المحلية.
دعوة عالمية من الرياض
اختتم وزير السياحة كلمته بتوجيه دعوة إلى المجتمع الدولي لتبني تحالف سياحي عالمي من أجل الإنسان، يهدف إلى حماية الوظائف وتوفير التعليم والتدريب للكوادر الجديدة في هذه الصناعة، مؤكدًا أن العالم بحاجة إلى نمو سياحي مسؤول يضع البيئة والمجتمعات المحلية في صميم كل مشروع.
وأشار إلى أن الرؤية السعودية في هذا المجال تنطلق من مبدأ أن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي، وأن نجاح أي اقتصاد يعتمد على قدرته في تمكين مواطنيه قبل الاعتماد على التكنولوجيا وحدها.
كم عدد الوظائف التي سيوفرها قطاع السياحة عالميًا بحلول 2034؟
يتوقع الوزير أحمد الخطيب أن يضيف القطاع نحو 90 مليون وظيفة جديدة خلال السنوات المقبلة، ليصل إجمالي العاملين إلى ما يقارب نصف مليار شخص حول العالم.
ما نسبة مشاركة النساء في وظائف السياحة؟
حوالي 40% من الوظائف العالمية في هذا القطاع تشغلها النساء، مما يجعله من أكثر القطاعات تمكينًا لهن.
هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تقليص فرص العمل في السياحة؟
بحسب الخطيب، الذكاء الاصطناعي قادم لدعم الإنسان لا لاستبداله، وهو وسيلة لتعزيز الكفاءة وتحسين تجربة السائح.
كيف تساهم السعودية في تطوير السياحة العالمية؟
من خلال استضافة المؤتمرات الدولية الكبرى، والاستثمار في مشاريع ضخمة مثل نيوم والبحر الأحمر والعلا، لتصبح الرياض مركزًا محوريًا للسياحة المستقبلية.
ما أبرز التحديات التي تواجه السياحة عالميًا؟
أبرزها فجوة الـ40 مليون وظيفة التي تحتاج إلى حلول عاجلة، إضافة إلى ضرورة تحقيق العدالة في توزيع الفرص بين الدول المتقدمة والنامية.
في ختام كلمته، أكد الوزير أحمد بن عقيل الخطيب أن السياحة ليست مجرد اقتصاد، بل مشروع إنساني عالمي يفتح الأبواب أمام الملايين، ويمنح العالم فرصة جديدة لبناء مستقبل أكثر توازنًا واستدامة — يقوده الإنسان وتدعمه التقنية.
اقرأ أيضًا: 875 مليون دولار تدفع لوسيد نحو المستقبل.. توسّع سعودي يعيد رسم خريطة السيارات الكهربائية عالميًا


