رياضةرياضة عالمية

المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب

المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب

الترند العربي – متابعات

في ليلةٍ لا تُنسى من ليالي كرة القدم العالمية، سطر المنتخب المغربي للشباب فصلاً جديدًا في كتاب المجد الكروي، بعد أن توّج بلقب كأس العالم تحت 20 عامًا 2025 عقب فوزه على الأرجنتين بهدفين دون رد، ليصبح أول منتخب عربي يحقق هذا الإنجاز التاريخي، وثاني منتخب إفريقي بعد غانا عام 2009 يعتلي منصات التتويج العالمية في هذه الفئة.
هذا التتويج لم يكن مجرد انتصار رياضي، بل كان تجسيدًا لعمل مؤسسي طويل المدى، أعاد رسم خريطة كرة القدم المغربية، ووضعها في قلب المشهد الكروي الدولي.


بداية الحلم.. من الفكرة إلى الإنجاز

منذ انطلاق البطولة، ظهر واضحًا أن منتخب المغرب جاء ليكتب قصة مختلفة.
التحضيرات المكثفة قبل البطولة، والمعسكرات الطويلة التي خاضها الفريق في أجواء احترافية، كانت مؤشرًا على أن الطاقم الفني بقيادة المدرب محمد وهبي يدرك تمامًا حجم التحدي، ويعمل بمنهجية واضحة قائمة على الانضباط، الصبر، والإيمان بالقدرة على مقارعة الكبار.
دخل المغرب دور المجموعات بثقة، فحقق الانتصار تلو الآخر، مقدّمًا كرة جماعية حديثة تعتمد على الضغط العالي، والانتشار الذكي، والتدرج المنظم في بناء الهجمات.

ما ميّز المنتخب المغربي هو التوازن بين الأداء الدفاعي والهجومي، إذ لم يكن الفريق يعتمد على المهارة الفردية بقدر ما كان يراهن على المنظومة الجماعية التي جعلت منه خصمًا صعبًا لأي منافس.
اللاعبون أدركوا منذ اللحظة الأولى أنهم يمثلون وطنًا بأكمله، وأنهم أمام فرصة نادرة لتغيير الصورة النمطية عن المنتخبات العربية في المحافل العالمية.

المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب
المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب

مواجهة الأرجنتين.. ليلة الحسم

في المباراة النهائية التي احتضنها ملعب سانتياغو الوطني في تشيلي، دخل المنتخب المغربي اللقاء أمام الأرجنتين، بطل العالم في النسخة السابقة، بثقة غير مسبوقة.
منذ الدقيقة الأولى، بدا “أشبال الأطلس” أكثر انضباطًا، وأكثر رغبة في تحقيق النصر، ففرضوا سيطرتهم على مجريات اللعب، ونجحوا في الحد من خطورة لاعبي الأرجنتين الذين لم يجدوا الطريق إلى المرمى.

وجاءت اللحظة المنتظرة في الدقيقة الثانية عشرة، حين سجّل النجم ياسر زبيري الهدف الأول من ضربة حرة مباشرة سكنت الزاوية العليا للمرمى، معلنة بداية الحلم الكبير.
ثم عاد اللاعب نفسه في الدقيقة التاسعة والعشرين ليضيف الهدف الثاني بتسديدة قوية من داخل منطقة الجزاء، لتتحول المدرجات إلى سيل من الفرح، وترتسم ملامح التاريخ على وجوه الجماهير المغربية التي ملأت المدرجات بالأعلام والأغاني الوطنية.

في الشوط الثاني، حاول المنتخب الأرجنتيني العودة، إلا أن الدفاع المغربي أبدع في الإغلاق والتغطية، مع تألق الحارس عبداللطيف بوسفيان الذي تصدى لأكثر من فرصة محققة، مانعًا أي محاولة لتغيير النتيجة.
استمرت المباراة على وقع هتافات الجماهير حتى صافرة النهاية التي أعلنت تتويج المغرب ببطولة العالم، وسط مشهد احتفالي سيبقى محفورًا في ذاكرة كل عربي.

المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب
المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب

التنظيم والانضباط.. مفتاح التفوق المغربي

التحليل الفني لأداء المنتخب المغربي يُظهر بوضوح أن التفوق لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط طويل المدى.
الفريق اعتمد على نهج تكتيكي متوازن يمزج بين الواقعية والجرأة، فالدفاع منظم ومترابط، وخط الوسط ديناميكي يجيد التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم، بينما يتسم خط الهجوم بالتحرك الذكي وخلق المساحات.

ما ساعد المغرب على بلوغ هذه الدرجة من الانسجام هو تطبيق سياسة “اللعب الموحد” التي تبناها الاتحاد المغربي في السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى توحيد أسلوب اللعب بين مختلف الفئات العمرية، لضمان استمرارية الهوية التكتيكية من منتخب الشباب حتى المنتخب الأول.
هذه الرؤية التي وضعها فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كانت حجر الأساس في بناء هذا الجيل الذي يُعتبر امتدادًا طبيعيًا لمسيرة منتخب الكبار الذي أبهر العالم في مونديال قطر 2022.

المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب
المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب

أكاديميات المغرب.. مصنع النجوم

وراء هذا النجاح قصة طويلة من العمل الصامت.
الأكاديميات المغربية، وعلى رأسها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، لعبت دورًا محوريًا في اكتشاف وصقل المواهب منذ الصغر.
اللاعبون الذين تألقوا في هذه البطولة هم نتاج منظومة احترافية تهتم بالتكوين البدني، التغذية، التأهيل النفسي، والتعليم الرياضي الحديث.
تم تجهيز اللاعبين على أعلى المستويات، ليس فقط كرياضيين، بل كمحترفين قادرين على تمثيل بلدهم بثقافة الانتصار وروح المسؤولية.

وقد استفاد المنتخب المغربي أيضًا من سياسة الدمج بين اللاعبين المحليين والمغتربين في أوروبا، حيث تم استدعاء عناصر تلعب في أندية فرنسية وهولندية وإسبانية، ما منح الفريق عمقًا فنيًا وتجربة احترافية ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز.


الجماهير والفرحة العربية

الفرحة لم تكن مغربية فقط، بل عربية شاملة.
من الرباط إلى الرياض، ومن القاهرة إلى الدوحة، توحّدت المشاعر العربية في ليلةٍ واحدة، احتفاءً بمنتخب أعاد الأمل في أن الكرة العربية قادرة على الصعود إلى القمم العالمية.
مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت بعبارات الفخر والإعجاب، وتحوّل وسم #المغرب_بطل_العالم_للشباب إلى الأكثر تداولًا في مختلف الدول العربية.
حتى الصحف العالمية وصفت الإنجاز بأنه “ثورة كروية عربية”، وأشادت بقدرة المغرب على كسر احتكار القوى التقليدية للبطولات العالمية.

المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب
المغرب قاهر كبار العالم يكتب التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب

قراءة تكتيكية للنهائي

تحليل المباراة النهائية يكشف عن نضج تكتيكي كبير لدى المنتخب المغربي.
الفريق لعب بخطة 4-2-3-1، ركّز فيها المدرب على السيطرة على وسط الملعب باستخدام محورَي ارتكاز يتمتعان بالقوة البدنية والرؤية الواسعة، مع الاعتماد على الأجنحة السريعة في بناء الهجمات المرتدة.
هذا التوازن بين الدفاع والهجوم منح المغرب القدرة على خنق منافسه الأرجنتيني الذي لم يتمكن من إيجاد الحلول.

اللاعبون كانوا على وعيٍ تام بمتطلبات كل لحظة، فحين تشتد الضغوط، يعود الجميع للدفاع، وحين تتاح المساحة، يتحول الفريق بكامله إلى وضع هجومي خاطف.
ذلك الانضباط هو ما جعل الخصم عاجزًا عن العودة رغم محاولاته المستمرة.


منجزٌ وطني يتجاوز حدود الملعب

الإنجاز لم يكن رياضيًا فقط، بل كان وطنيًا بامتياز.
فالتتويج العالمي أثبت أن الاستثمار في الرياضة هو استثمار في الإنسان أولًا، وأن رؤية المغرب في تطوير الرياضة بدأت تؤتي ثمارها.
المدارس الكروية، المراكز الطبية المتخصصة، والبنية التحتية الحديثة التي تم إنشاؤها في السنوات الأخيرة، كلها كانت عوامل مباشرة في الوصول إلى هذا المستوى من الجاهزية.

هذا اللقب سيشكل نقطة تحول في مستقبل كرة القدم المغربية، إذ يُتوقع أن يفتح الباب أمام المزيد من الرعايات، ويزيد من الاهتمام بالبطولات المحلية للفئات السنية، ويجذب أنظار الكشافين العالميين إلى المواهب المغربية.


ردود فعل عربية ودولية

انهالت التهاني من كل مكان.
رؤساء اتحادات عربية، ووزراء رياضة، ونجوم كرة عالميون أشادوا بالإنجاز المغربي.
اللاعب السابق “ديدييه دروغبا” وصف فوز المغرب بأنه “لحظة فخر للقارة الأفريقية بأكملها”.
أما الأسطورة الأرجنتينية “باتيستوتا” فقال إن المنتخب المغربي “استحق الفوز لأنه لعب بعقل وجرأة وانضباط نادر”.
وفي المغرب، خرجت الجماهير إلى الشوارع في احتفالات امتدت حتى الصباح، تُرفع فيها الأعلام وتُردد الأناشيد الوطنية، بينما أضاءت المباني الكبرى في الرباط والدار البيضاء باللونين الأحمر والأخضر احتفالًا بالحدث التاريخي.


مكاسب اقتصادية وترويجية

الفوز باللقب العالمي لم يكن فقط تتويجًا رياضيًا، بل إنعاشًا اقتصاديًا غير مباشر.
فقيمة اللاعبين السوقية ارتفعت بشكل ملحوظ، وأندية أوروبية بدأت في إرسال عروضها للتفاوض مع المواهب الشابة.
كما أصبح اسم المغرب حاضرًا في وسائل الإعلام العالمية، ليس كوجهة سياحية فحسب، بل كقوة كروية جديدة على الساحة الدولية.
هذا سيؤدي بلا شك إلى زيادة الاستثمارات في قطاع الرياضة والسياحة الرياضية، وتوسيع القاعدة الجماهيرية للأندية المغربية في الخارج.


نحو مستقبل مشرق

المنتخب المغربي للشباب أثبت أن الطريق إلى العالمية يبدأ من الإيمان بالمشروع المحلي.
هذا الجيل هو انعكاس لسنوات من البناء والإصلاح في المنظومة الكروية، ومنهجية علمية تقوم على استقطاب المواهب، وتعليمها الانضباط والاحتراف منذ الصغر.
التحدي القادم هو الحفاظ على هذا الزخم، وضمان انتقال هؤلاء الأبطال إلى المنتخب الأول دون فقدان الحافز أو الانضباط.

إن هذا الفوز ليس مجرد كأس تُرفع، بل هو درس للأمة العربية بأكملها في كيفية بناء النجاح عبر رؤية طويلة الأمد، وإرادة لا تعرف المستحيل، وتكامل بين العمل الإداري والفني والجماهيري.


ما نتيجة المباراة النهائية؟
فاز المنتخب المغربي على الأرجنتين بهدفين دون رد، ليحقق أول لقب عالمي في تاريخه في فئة الشباب.

من سجّل أهداف المغرب؟
اللاعب ياسر زبيري كان نجم اللقاء بتسجيله هدفي الفوز في الدقيقتين 12 و29.

أين أُقيمت البطولة؟
استضافت تشيلي بطولة كأس العالم للشباب 2025، واُقيمت المباراة النهائية في ملعب سانتياغو الوطني.

من هو مدرب المنتخب المغربي؟
يقود الفريق المدرب الوطني محمد وهبي الذي نجح في توظيف مهارات لاعبيه بأفضل شكل تكتيكي ممكن.

ما أهمية هذا التتويج للعرب؟
يعد المغرب أول منتخب عربي يتوّج بالبطولة، مما يجعله مصدر إلهام لبقية المنتخبات في المنطقة لتطوير الفئات السنية والاستثمار في المواهب.


ختام

بهذا الإنجاز، أثبت المغرب أن الحلم العربي في كرة القدم ليس بعيد المنال، وأن العمل المتقن قادر على تحويل الأمنيات إلى واقع يلمسه الجميع.
لقد أصبح “أسود الأطلس الصغار” أيقونة جيلٍ كامل من الشباب العربي، ورمزًا لروح المثابرة والانتماء.
إنها لحظة مجد تتجاوز حدود الزمان والمكان، وستظل علامة مضيئة في سجل كرة القدم العربية والأفريقية إلى الأبد.

اقرأ أيضًا: المغرب يصنع التاريخ ويتأهل لأول مرة إلى نهائي كأس العالم للشباب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى