
السلوك الإيجابي
عصام محمد عبدالقادر
يصعب أن يتشكل لدينا الوعى بعيدًا عن معرفة نصفها بالقويمة، أو الصحيحة، وبالطبع نستطيع أن نحدد النمط الذى ينتمى إليه فى ضوء الأبعاد، التى تتناولها جنبات ما نتحصل عليه من معلومات موثقة، وهنا يمكننا أن نقدر المستوى، الذى يصل إليه الفرد؛ لنقرر حينئذ أنه يحوز القدر، أو المقدار، الذى به يكون اتجاهاته، وميوله، التى بها يراعى تصرفاته، ويضبط سلوكه، بل، ويتحرى أقواله، التى يصرح بها؛ ومن ثم تتوافر لديه مقومات الإيجابية، التى تجعله دومًا فى بؤرة التفاعل، مع ما يدور حوله من أحداث، وهذا ما ننشده من إنسان يمتلك المواطنة فى صورتها الصالحة.
السلوك الإيجابى يجعلنا نتقبل كل ما من شأنه أن يرشدنا إلى الطريق الصحيح؛ فلا نعانى من سلبيات، تضير بمسيرتنا المهنية، أو الحياتية؛ حيث القناعة، التى تنبرى على معرفة عميقة، غير مشوبة، وهنا نتضافر من أجل تحقيق الأثر النافع، الذى نستشعر من خلاله بالطمأنينة، بل، لا نغالى إذا ما قلنا أن هذا يعزز ماهية رضا الذات لدينا، ويزيد من تمسكنا بنبل الخلق، النابع من اتصافات القيم النبيلة، التى آمنا بها، وخلقنا فى ضوئها سياجًا، نحمى به المجتمع، الذى نفخر بالانتماء إلى مكوّنه؛ لذا ندرك أهمية الحفاظ على مكنون الحضارة، التى تزخر بتراث ثقافي، يعبر عن أصالة، وتجذّر الإنسان، على سهل أرضه، التى يعشق ثراها.
نتاج السلوك الإيجابي، نرصده فى تحمل مطلق للمسئولية، وهذا يجعل حيز الحرية مقرونا بهذا الفعل الراقي؛ فيصعب أن نتجاوز حقوق الآخرين، ولا نتطاول على حدود الحِمى، أو أن نختار ما قد يسبب ضرر منْ يجاورنا؛ لذا دومًا نتحرى صور الممارسة السوية؛ لنحافظ على ما يجدى نفعًا، ونهجر ما قد ينتج عنه معاناة الغير، وهذا فى حد ذاته، لا يتعلق بقواعد يجب أن نسير عليها؛ لكنه يمثل نوازع نبيلة، تنير لنا طريق الخير، وتجنبا للانزلاق فى مسارات وعرة، قد تسبب آلامًا، يصعب حصرها على النفس، وعلى من نحب.
حاضنة التنمية، والرعاية للسلوك الإيجابي، تقع على كل المؤسسات، دون استثناء؛ ومن ثم صار الجميع فى حيز المسئولية، التى تفرض على الأسرة أن تتحمل المشاق، والصعاب؛ من أجل أن تعزز الممارسات الدالة عليه، وتثابر المؤسسة التربوية وفق خطط، تقوم على منهجية واضحة، تتضمن فى طياتها صياغة أنشطة مقصودة، تعمل على تعديل السلوك، غير المرغوب فيه، وتعضيد القويم منه، وهنا لا يتوقف العطاء؛ فنجد مؤسسات التوعية المتمثلة فى المنصات الإعلامية، والمنابر العقدية، وكافة الموائد المجتمعية، كالنوادي، والروابط، والجمعيات، والمنتديات، وغيرها؛ حيث تقوم بأدوارها المنشودة منها.
إذا ما أردنا أن نشاهد صور السلوك الإيجابية لدى الإنسان؛ فإن واحة المشاركة المجتمعية تصدق ذلك، أو تكذبه؛ حيث ما نراه من انسجام فى ساحة الأعمال التطوعية، وكافة المبادرات، التى تسهم فى تعزيز أطر التواصل، والتكافل بين أطياف المجتمع، وهذا يبرهن ليس فقط على ماهية التعاون؛ لكنه يؤكد على إيمان الفرد بالمسئولية، التى تنسدل من فلسفة الاندماج المجتمعي، والعطاء، دون مقابل، وبلا حدود، وبالطبع لا ينفك ذلك عن فقه الاحترام، كقيمة تعبر عن جوهر التقدير، وعمق استيعاب المعاني، التى تنسدل من فلسفة العدل، والمساواة، كونهما حجر زاوية بناء المجتمعات، التى نصفها بأنها متماسكة.
تعالوا بنا نعزّز قيم الصدق، والاحترام، والعدل، والصبر، والتعاون، والتى من شأنها أن تزين خلق الأبناء، وتشجعهم على ممارسة السلوكيات الإيجابية، التى ترتبط بها بصور وظيفية، تبعث فى الذات ثقة، وتضمن تأكيد حدود الاحترام، وتقوّى مبادئ، وأسس الحوار، الذى يزيد من مسارات التواصل فى شتى البيئات الواقعية منها، والرقمية؛ ومن ثم نتجنب السقوط فى بوتقة الصراعات، التى تضير النفوس، وتقوّض الجهود، وتكرّس الإحباط، وتزيد من حالات الانطواء، والاكتئاب فى عالم المادية البحتة.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.
المصدر: اليوم السابع