كُتاب الترند العربي

“وجبات سريعة”.. لحظات سريعة أم حياة بطيئة؟

محمود عبدالراضي

في زخم الحياة العصرية، حيث تتسارع الدقائق وتتلاحق الساعات، أصبح من السهل جداً أن تلتقط وجبة سريعة من الخارج، لكنها ليست مجرد وجبة، بل هي طعام سريع يجري داخل شرايين حياتنا، ليترك وراءه طعماً مريراً من التفريط في صحتنا وأوقاتنا.

الوجبات السريعة أصبحت اليوم جزءاً من روتيننا اليومي، ترفٌ زائفٌ يتسلل إلينا عبر نوافذ الشاشات والإعلانات اللامعة، ويقنعنا بأن الحياة السريعة لا تحتاج إلى وقت للطهي أو التروي، ولكن ماذا يحدث عندما تغفل العيون عن الحقيقة المرة التي تكمن خلف هذا “الطعام السريع”؟

تلك الوجبات التي نتناولها في عجلة، من دون أن ننتبه إلى ما تحمله من دهون مشبعة، ونكهات صناعية، ومواد حافظة، هي أشبه بشظايا صغيرة تتسلل إلى أجسادنا وتخترق صحتنا في غفلة منا، قد تكون لذيذة للوهلة الأولى، لكنها سرعان ما تتحول إلى سموم تؤثر على القلب والشرايين، وتساهم في تفشي السمنة، ومشاكل الجهاز الهضمي، وحتى أمراض السكري.

وفي ظل هذه المغريات، يظل الحل البسيط والمُجدي هو العودة إلى مطبخ المنزل، حيث يمكننا أن نصنع أطباقاً صحية ولذيذة، تملأ البيت بعبق الطهي وروائح الحب.

في المنزل، حيث يتجمع أفراد العائلة على مائدة واحدة، يعود الطعم الحقيقي للطعام، ويبدأ كل فرد في تناول وجبته مع الآخرين، فتكتمل السعادة ويغمر الدفء المكان.

لا أحد يستطيع أن ينكر أن لمة العائلة حول المائدة لها مذاق خاص، فيه من الألفة والحنين ما يجعلنا نعيش لحظات من الراحة النفسية التي لا تضاهيها أي وجبة من الخارج، فنحن بحاجة إلى تلك الوجبات التي تصنعها أيدينا، والتي تحتوي على مكونات طازجة ومغذية، بعيداً عن المواد الكيميائية التي تتسلل إلى وجباتنا الجاهزة.

إن تحضير الطعام في المنزل ليس مجرد خيار غذائي، بل هو استثمار في صحتنا وحياتنا، ويخلق فرصة لإعادة التواصل بين أفراد الأسرة.

الطعام المنزلي، وإن بدا أبطأ في تحضيره، إلا أنه أسرع في تحقيق الفوائد الصحية، وأطول في الحفاظ على نشاطنا وحيويتنا، وعندما نطهو في المنزل، نُضيف لمسة من الفخر والتفرد في كل طبق، نُقدم فيه الحب والتوجيه لأولادنا، لذا، فلنعد إلى الجذور، إلى الطعام الذي يحافظ على صحتنا ويجمع عائلاتنا حول مائدة واحدة، حيث تجد الحياة طعماً آخر، وطعماً أفضل.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى