كُتاب الترند العربي

لمن بيليق العز؟

هلا خباز

كم مرة سمعنا عبارة “العز بيلبق له”؟

هالعبارة تحديدًا لا تطلق إلا على الأصيل ابن العز. إلي ما بتغير بفعل المناصب أو الفلوس، إلي بيجلس على كرسي وبيستلم المنصب وهو عارف إن وجوده للتكليف وليس للتشريف، وإنه موجود ليدعم ويطور فريق عمله ويكون صوت الحق لهم.

ابن العز إلي لما الله يغنيه من واسع فضله، يعرف يحافظ على اتزانه، مظهره، طريقة كلامه، أسلوب تعامله مع الآخرين، حديثه بالمجالس وأمام الكاميرات. ومثل ما قالوا: “ابن الأصول لا ينقص منك وإن عاشرك دهرًا ولا يقلل من عطاء وإن قل”.

هذا لو حكينا من ناحية مهنية. نجي لأولاد العز، “وعلى فكرة العز لا يقتصر على الوضع المادي وحساب بنكي بست أصفار”. العز وقفة بالظهر وسند ما يميل، العز كرامة ولطف وبسمة بالوجه. وصدق من قال: “أولاد الأصول رزق”.

العز مش ماركات نلبسها وشعارات تغطي جسدنا وأرواحنا، وتلغي هويتنا، ومثل ما بيقول المثل الشامي: “إلي ما بتزينوا عروقه ما بتزينوا خروقه”.

العز شيء نابع من جوه، إحساسك بنفسك وامتلائك بما لديك من خلق وعلم ومعرفة وأدب جم. العز ذكرياتك البسيطة إلي صنعتك اليوم، دروس مريت فيها وتعلمت، إن حياتك تكون ثرية بكل التفاصيل الي مريت عليها مهما كانت. العز إنك تكون شبعان من جوة ومش جوعان اهتمام ولفت نظر. لا تخاف، ابن العز بينعرف من بعيد، من أول كلمة وتصرف، وممكن تعرفه من أول نظرة.

ومثل ما قالت ستي: “ابن الأصل لو طعميته خبز حاف بيصون، وقليل الأصل لو طعمتيه من لحم كتافك بيخون”.

العز بيلبق لناس بتعرف تتصرف على أساسه وبتعرف إنها موجودة لتساعد وتسعد غيرها. العز مو أصل وفصل، هو شي بتتربى عليه ومنكبره ونأصله جواتنا.

أولاد العز ليس شرطًا أن يكونوا من أبناء العائلات العريقة أو الطبقة الأرستقراطية. أولاد العز والأصول تعرفهم من تواضعهم. لا يحسدون ولا يتصنعون اللطف والكلام المعسول. أولاد العز لا يتغيرون مهما تغيرت ظروفهم ومال الزمن فيهم.

وفي هذا الصدد يقول أحمد شوقي:
“لا يقولنَّ امرؤٌ أصلي فما… أصلهُ مُسكٌ وأصلُ الناسِ طينْ
قسماً لو قدروا ما احتشموا… لا يعُّف الناسُ إِلا عاجزينْ”.

وعلى الجانب الآخر، وفي عالم موازٍ، عالم غريب انقلبت فيه الموازين وأفرز لنا نوع جديد من البشر يطلق عليهم Nouveau riche أو الأثرياء الجدد، أو كما يجب أن نسميهم محدثي النعم.

حداثة النعم لا تقتصر على المال فقط؛ صورها عديدة وشفناها من دون أن نعمم. شهرة غير مبررة، لاستضافات على السجادة الحمراء، لمنصات تصدر لنا محتوى بلا مضمون، للقاءات إعلامية عرت هشاشة منطقهم.

أناس ظهروا فجأة من أوساط اجتماعية وثقافية مختلفة. ظهروا من العدم، ظهروا فجأة ليتباهوا… بشو؟
بالأشيء.

لأن السيارات الفارهة، والسفر السبع نجوم، والماركات من فوقك لتحتك، ولسانك المعوج، لو رفعوا شأنك اجتماعيًا حسب السائد المنحرف، ما بيعملوا منك ابن عز.

وفي ظل المشوشات الاجتماعية التي نواجهها من كل صوب، نحن بحاجة لإعادة تعريف المصطلحات، وتسمية الأشياء باسمها، أن نعلم أبناءنا أن ما يشاهدونه فوضى لن تستمر ولا يجب أن تستمر.

وبأننا من نصنع عزنا.. الأشياء لا تصنعنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى