صحة

مادة بلاستيكية شائعة تهدد مستقبل البشرية

الترند العربي – متابعات

كشف باحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد عن أدلة جديدة تشير إلى وجود مادة كيميائية يكاد يكون من المستحيل تجنبها.

المادة هي فثالات البنزيل بوتيل (BBP)، التي توجد في كل شيء بدءاً من الأرضيات المصنوعة من الفينيل وحتى ألعاب الأطفال، ربما تؤثر على الخلايا التناسلية بتركيزات يتم اكتشافها عادة في عينات الدم البشرية.

تنتمي مادة BBP إلى عائلة من المواد الكيميائية تسمى الفثالات، والتي يستخدمها المصنعون كمواد ملينة، وهي مواد مضافة تزيد من مرونة ومتانة المنتجات البلاستيكية.

وبعيدًا عن الأرضيات المصنوعة من الفينيل والألعاب، تظهر مادة BBP في حشوات السجاد وتغليف الأطعمة ومنتجات العناية الشخصية، وقد تم تحديد المركب على أنه مادة كيميائية تسبب خللًا في الغدد الصماء، مما يعني أنه يمكن أن يتداخل مع أنظمة الهرمونات في الجسم.

لدراسة تأثير BBP على التكاثر، استخدم فريق البحث Caenorhabditis elegans (C. elegans)، وهي ديدان مجهرية تشترك في تشابهات جينية كبيرة مع البشر.

ويسمح استخدام هذه الديدان الشفافة للعلماء بمراقبة التغيرات في الأعضاء التناسلية بشكل مباشر أثناء العمل مع كائن حي له عمليات تكاثر مماثلة للبشر.

وباستخدام سلالة متخصصة من الديدان الأسطوانية المعدلة لتكون أكثر نفاذية للمواد الكيميائية، اختبر الباحثون تركيزات مختلفة من BBP: 1 و10 و100 و500 ميكرومول.

وكشفت النتائج التي توصلوا إليها عن نمط غير متوقع، فتسبب التعرض لـ 10 ميكرومول من BBP في حدوث أكبر ضرر، مما أدى إلى زيادة بمقدار 1.71 ضعفًا في أخطاء فصل الكروموسوم X. تُعرف هذه الظاهرة، حيث يمكن أن تسبب الجرعات المنخفضة تأثيرات أكثر شدة من الجرعات العالية.

وعندما فحص الباحثون تأثيرات BBP عن كثب، وجدوا علامات متعددة على تلف الخلايا، فقد تسببت المادة الكيميائية في زيادة موت الخلايا في الأعضاء التناسلية، وتعطيل التنظيم الطبيعي للكروموسومات، وتنشيط أنظمة الاستجابة لتلف الحمض النووي. كما لاحظوا مستويات مرتفعة من الإجهاد التأكسدي في جميع أنحاء الأعضاء التناسلية للديدان المعرضة.

وكشفت الدراسة التي نُشرت في مجلة «PLOS Genetics» أن هذه الديدان تعالج BBP بشكل مشابه للبشر، حيث تحللها إلى مستقلبين أساسيين: فثالات أحادي بوتيل (MBP) وفثالات أحادي بنزيل (MBzP).

والأمر الحاسم هو أن تركيزات BBP ومستقلباتها الموجودة في الديدان المعرضة لـ 10 ميكرومول تتطابق مع المستويات التي تم الإبلاغ عنها سابقًا في العينات البيولوجية البشرية.

وتم الكشف عن تركيزات مماثلة في دم الحبل السري البشري (0.089 ميكروجرام لكل مليلتر)، وبول الأم (حتى 0.336 ميكروجرام لكل مليلتر لـ MBzP)، والسائل الأمنيوسي (حتى 0.263 ميكروجرام لكل مليلتر لـ MBP).

كما اكتشف الباحثون أن التعرض لـ BBP أدى إلى تغيير التعبير عن 344 جينًا في الديدان، وتلعب هذه الجينات المتأثرة أدوارًا حاسمة في كيفية تعامل الخلايا مع المواد السامة، والحفاظ على تنظيمها البنيوي، وتنظيم الدورة التناسلية، وإدارة الإجهاد التأكسدي، ويشير هذا التغيير الواسع النطاق في نشاط الجينات إلى أن تأثيرات BBP قد تكون أكثر تعقيدًا مما كان مفهومًا سابقًا.

وكشفت التحليلات الإضافية أن الديدان المكشوفة أظهرت مشاكل في تنظيم الكروموسومات أثناء تكوين الخلايا التناسلية. ولاحظ الباحثون زيادة في تكسر سلاسل الحمض النووي المزدوجة في جميع أنحاء الأعضاء التناسلية وعيوبًا في بنية الكروموسومات في البيض النامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى