عمر غازيكُتاب الترند العربي

لا مستحيل

عمر غازي

أظهرت نتائج دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2014 بقيادة البروفيسورة كارول دويك، أن الأشخاص الذين يؤمنون بقدرتهم على تحقيق أهدافهم، بغض النظر عن العقبات التي يواجهونها، يكونون أكثر نجاحًا وسعادة في حياتهم، وتوصلت الباحثة التي قدمت مفهوم “النمو العقلي” أو “Growth Mindset”، إلى أن الإيمان بالقدرات الذاتية والعزيمة القوية يمكن أن يقلب المستحيل إلى ممكن، فالإنسان، بطبيعته، قادر على تحقيق أحلامه وشغفه وطموحاته إذا ما توافرت لديه الإرادة والعزيمة والصبر.

الإرادة هي القوة الدافعة التي تقف وراء كل إنجاز عظيم، فعندما يكون لدينا هدف واضح ورغبة قوية في الوصول إليه، تصبح الإرادة هي الجسر الذي نعبر به من عالم الأحلام إلى عالم الواقع.

لا شيء يمكن أن يقف في طريق الشخص الذي يمتلك إرادة صلبة وعزيمة لا تلين، وتاريخ الإنسانية مليء بالقصص التي تثبت أن الإرادة يمكن أن تقهر المستحيل وتجعل من الصعوبات مجرد محطات على طريق النجاح.

لنأخذ على سبيل المثال قصة نيك فيوتتش، الأسترالي المولود بدون أطراف، الذي تحدى جميع الصعوبات الجسدية والنفسية ليصبح واحدًا من أشهر المتحدثين التحفيزيين في العالم، فيوتتش، الذي كان يمكن أن يعيش حياة مليئة بالإحباط واليأس، قرر أن يتحدى الصعوبات ويصبح نموذجًا للإرادة والعزيمة، ليلهم الملايين حول العالم بقصصه عن التحدي والنجاح، مؤكداً أن الإرادة الحقيقية لا تعرف حدودًا.

العزيمة تأتي كالسلاح الذي يعزز الإرادة، وهي القدرة على المثابرة والإصرار في مواجهة الصعوبات والتحديات، وكلما زادت العزيمة، أصبح الطريق نحو تحقيق الأهداف أكثر وضوحًا وأقل تحديًا، ولعل من المناسب أن نشير إلى نيلسون مانديلا كمثال حي على أن العزيمة يمكن أن تصنع المعجزات، فبعد قضاء 27 عامًا في السجن بسبب نضاله ضد الفصل العنصري، خرج ليصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، محققًا حلمه في العدالة والمساواة.

الصبر هو المفتاح الآخر لتحقيق المستحيل، فالإنجازات العظيمة لا تأتي بين ليلة وضحاها، بل تتطلب وقتًا وجهدًا واستمرارية، ويعلمنا الصبر أن نتقبل الفشل كجزء من الرحلة، وأن نتعلم من أخطائنا ونتحلى بالتفاؤل رغم الصعوبات، ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك قصة جي كي رولينغ، مؤلفة سلسلة “هاري بوتر”، حيث واجهت العديد من الرفض والنكسات قبل أن تنجح في نشر كتابها الأول، ولكن صبرها وإصرارها جعل منها واحدة من أنجح الكتاب في العالم.

أما الدوافع هي الوقود الذي يغذي إرادتنا وعزيمتنا وصبرنا، فبدون دوافع قوية، تصبح الأحلام والطموحات مجرد أماني بعيدة المنال، وتأتي الدوافع من رؤيتنا لحياة أفضل، ومن رغبتنا في تحقيق السعادة لأنفسنا ولمن حولنا، ومن إيماننا بقدرتنا على إحداث فرق في العالم، وفي هذا السياق لا يمكن بطبيعة الحال تجاهل توماس إديسون، الذي اخترع المصباح الكهربائي بعد ألف محاولة فاشلة، حيث كان مدفوعًا برغبته الملحة في تحسين حياة البشر.

هناك العديد من الأمثلة الحية التي تؤكد أن لا شيء مستحيل إذا ما اجتمعت الإرادة والعزيمة والصبر والدوافع، مثل القصة الملهمة لروزا باركس، التي تحدت العنصرية في الولايات المتحدة ورفضت التخلي عن مقعدها في الحافلة، حتى أصبحت رمزًا للنضال من أجل حقوق الإنسان، ورغم كل التهديدات والمخاطر، استمرت روزا في نضالها من أجل العدالة والمساواة، وحققت إنجازات عظيمة ألهمت أجيالًا من بعدِها.

في حياتنا اليومية، نواجه الكثير من التحديات التي قد تجعلنا نشك في قدراتنا، ولكن، يجب أن نتذكر دائمًا أن الإنسان يمتلك قوة داخلية لا حدود لها، إذا ما قررنا تحقيق هدف ما، فلا شيء يمكن أن يقف في طريقنا.

الحياة مليئة بالفرص والتحديات، وكل ما علينا فعله هو أن نتحلى بالإرادة والعزيمة والصبر، وأن نترك دوافعنا تقودنا نحو النجاح، لا شيء يمكن أن يقف في طريق الشخص الذي يؤمن بأن لا مستحيل، ولكن من يستطيع الصمود للنهاية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى