أجمل النهايات
أمين صالح
هناك عدد من الأفلام تتميَّز بنهايتها المدهشة، الآسرة، التي تظل في الذاكرة ولا يمكن نسيانها.. ها هنا بعض من تلك النهايات:
الأربعمائة ضربة «فرانسوا تروفو، 1959»
في المشهد الختامي، يرصد الجمهور الحدث من خلال عدسة كاميرا تظل ثابتة تمامًا. الصبي يهرب من الإصلاحية التي احتجزه فيها مجتمع قاسٍ ولا مبالٍ. في وجعه وعزلته، يظل راكضًا حتى يصل أخيرًا إلى البحر حيث لا يستطيع أن يهرب أبعد من ذلك.
الكاميرا ترصده من موضع ثابت. تخوم الكادر لا تتغيَّر. مباشرة يتحرَّك الصبي بعيدًا عنا، ونحن ننجذب خلفه نحو المشهد. التأثير الهائل للحظة التي فيها يستدير ويواجه الجمهور محدِّقًا في الكاميرا، آسرًا أعين كل متفرج؛ كان إحدى أكثر اللحظات استثنائيةً ولفتًا للنظر في السينما المعاصرة.
أوديسة الفضاء «ستانلي كوبريك، 1968»
نهاية الفيلم مدهشة وأخاذة بصريًا: الزمن والمكان في حركة متواصلة، ضمن محيط متغيِّر الألوان مثل المشكال، مغلّفًا رائد الفضاء، الناجي الوحيد، الذي سوف يولد من جديد في هيئة جنينٍ نجمي، كائنٍ خارق، يندفع نحو الأرض في مشيمة شفافة تقريبًا.. وذلك – كما يقول كوبريك – «ليعود إلى الأرض وهو مهيأ للوثبة التالية إلى الأمام نحو القدر النشوئي للإنسان».
النهاية تعبِّر أو توحي بأن الكائن البشري سوف ينجو من الانهيار الوشيك للحضارة الغربية، وبأنه يستطيع أن يجدِّد نفسه، أن يولد من جديد.. ومن ثم يحقِّق اتصاله مع الشكل الأسمى للحياة.
عبر أشجار الزيتون «عباس كيارستمي، 1994»
في النهاية، وعبر لقطة متواصلة، تستغرق أربع دقائق دون قطع، نرى من مسافة بعيدة استجابة إيجابية تصدر عن طاهرة، تجعل حسين يبدو في غاية السعادة.
يتحدث كيارستمي عن هذه النهاية، فيقول:
«أحب هذه اللقطة لأنها ناقصة ولأنها مفتوحة. إن مصير هاتين الشخصيتين، في الموقع الطبيعي الفسيح والمطلق، ينتقل إلى الجمهور الذي يراقبهما من بعيد جدًا. حتى تلك اللحظة، الفوارق الاجتماعية كانت تفرِّق بينهما، لكن كانا متساويين ككائنين بشريين. لقد فصل بينهما النظام الطبقي، لكن في الطبيعة، وضمن اللقطة العامة، شعرت بأنهما يمكن أن يقتربا أكثر من ذواتهما الحقيقية، دون إعطاء أية قيمة للمعايير الاجتماعية».
الخسوف «أنتونيوني، 1962»
من النهايات الرائعة في تاريخ الأفلام، حيث نرى لقطات متتابعة تُظهر أماكن خالية، غير آهلة. أماكن شوهدت في وقت مبكر من الفيلم. فجأة يدرك المرء أن هذا الفيلم ليس عن مونيكا فيتي وألان ديلون «بطلا الفيلم»، بل عن المكان الذي عاشا فيه، الفضاء الذي تحركا فيه.
المصدر: سوليوود