آراء

“الهامور ح.ع”.. توظيف الحلم وثراء الفيلم!

محمد سيد ريان

شاب يحقق ثروة كبيرة في وقت قصير وبمجهود قليل ثم هبوط مفاجئ وانهيار سريع؛ بين النهاية والبداية تنطلق الخيوط الرئيسية للفيلم السعودي “الهامور ح.ع” في مواجهة حتمية بين الحلم غير المشروع والواقع الذي ينحاز في النهاية لمقولة “لا يصح إلا الصحيح”.

يحتاج هذا العمل للمشاهدة مرات عديدة، ففي كل مرة ستكتشف زوايا مختلفة من إبداع مخرج واجتهاد ممثلين للخروج به بهذا الشكل المتميز، وتبدو ملامسته للواقع واضحة في طرح قضية الشباب الذي يسعى للثراء السريع من خلال شخصية حامد «فهد القحطاني» الذي يبدأ من الصفر ويسعى للحصول على الأموال بأي طريقة، ولا ترضيه الوظائف التقليدية التي تناسب مؤهلاته كحارس أمن أو موظف بشركة اتصالات، فيقرر أن يلجأ لأعمال السمسرة من خلال بيع بطاقات الشحن، ثم تزداد طموحاته باللعب على أوتار أحلام الناس واستثمار أطماعهم وبيع الأوهام ليخسر الجميع في النهاية.

والحقيقة أن ظاهرة “الهامور” وهذا هو الاسم السعودي لها، ليست جديدة، فقد شهدتها العديد من الدول منذ فترة بعيدة، حيث عرفت مصر بالثمانينيات شركات توظيف الأموال المتعددة بشعارات دينية ثم بالنصب من خلال “المستريح”، وتعود فكرة هذا الموضوع عالميًا إلى ما يسمى “خدعة بونزي” نسبة للمحتال الأميركي تشارلز بونزي الذي قام في عام 1920 بنفس الأمر من خلال خداع الناس بأرباح طائلة كان يدفعها من أموال المودعين الجدد لتزداد الأطماع ضمن ما يسمى بالنصب «الهرمي»، وهو نفس مع ما فعله بطل الفيلم باستغلال مجموعات عديدة واستقطاب وسطاء بالعمولة.

يبدو المنعطف الأساسي للفيلم بعد انتهاء الساعة الأولى للمشاهدة مع بداية تعرفه على جيهان “فاطمة البنوي” الفتاة الجميلة الأكثر انفتاحًا والتي تثير لديه أكبر التناقضات والتحديات بتضحيته بزوجته الأولى، ثم بزواجه منها في فرح أسطوري على أنغام أغنية صابر الرباعي “أتحدى العالم”! بينما تتعارض سلوكياتها مع أفكاره المعتادة، وهو ما يظل مشكلة تراكمية بينهما تنتهي بتخليها عنه بعد سقوطه وانتهاء نفوذه المالي.

كما يظهر التناقض أيضًا في شخصية حامد عند محاولته الحفاظ على علاقته الطيبة بوالدته مع تنفيذ رغباته، وهو ما يفشل فيه فيضاعف من أزماته النفسية.

معالجة السيناريو كانت متميزة للقصة، فلم تسقط في الفخ التقليدي، فهي لا تظهر حامدًا “البطل الأساسي” بوصفه المسؤول الوحيد عن الجريمة ومكمن الشر، بل توضح أن الطمع موجود لدى الكثيرين، ولكن يحتاجون من يحركهم، وهو ما يظهر في سلوكيات الشركاء “سليمان – راكان – أبو عزة – أبو محمد” بجلسات اللهو والمخدرات، وهم أول من تخلوا عنه بعد ذلك بعد انقضاء المصلحة، كما أن سلوكيات الناس وسعيها للمكسب السريع سهل كثيرًا من مهمته، وهو ما يدينه الفيلم في مشهد إلقاء الأموال عليه مع وضع ورقة باسم المساهم دون أخذ أي ضمانات.

زمن الفيلم كان متوازنًا مع أحداثه فتظهر الساعة الأولى أحلام الثراء، بينما ترصد الساعة الثانية تبعات السقوط، كما أن اللغة تبدو بسيطة أللهم إلا في بعض المصطلحات المرتبطة باللهجة، وربما كان هذا من العوامل التي سهلت كثيرًا طرحه تجاريًا كأول عمل سينمائي سعودي يعرض بمصر، وتظل رسالة الفيلم متجددة خاصة ونحن ما زلنا نواجه “هوامير” أخرى تحت مسميات عديدة وبأساليب أكثر حداثة مثل:”التسويق الشبكي”، أو استغلال “الهندسة الاجتماعية” في عمليات النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى