أصلحت ثقب الأوزون؟! هذا ليس كافٍ
فاطمة العدلاني
“عظيم” شخص مُصاب بمرض الكمالية، يرى كل الأشياء تستحق أن تؤدى بشكل مثالي، يطلب من الأشخاص أن ينجحوا نجاحات ساحقة تغير مجرى الكون وفيما عدا ذلك لن يشعر أن نجاحهم يستحق التصفيق، يطلب من نفسه أن يخترع ما يعيد ثقب الأوزون كأن لم يكن فيما عدا ذلك لا يرى أنه أضاف أمرًا أو يستحق المكافئة على إنجازه، يطلب من كل من حوله وكل ما حوله أن يكون مضبوطًا كالساعة، يمشي بمبدأ الكل أو لا شيء كما يقولون في الإنجليزية all or nothing, والكمالية لها أبعاد كثيرة فعظيم مصاب بالكمالية لنفسه.
و “رضا ” شخص مُصاب بالكمالية لإرضاء الآخرين يبحث دائمًا وأبدًا عن الحب والرضا عن عمله في عيون من ءحوله في رأي مديره في العمل رأي أهله رأي أصدقاؤه وكل من حوله، يعتبر آراء الناس هي الدافع الاول لفعل أي شيء ولترك أي شيء حتى لو كان رأيه مخالفًا لهم، يجعل من رأي نفسه درجه ثانية بعد رأيهم، يستهين بها ، فينتج بفكره الكمالية لإرضاء الآخرين هشاشه نفسية له من رفضهم لشيء، وحافز قوي من تشجيعهم له، فيجعل نفسه غير مستقل غير مؤهل للحفاظ على دوافعه ومعتقداته لأنه يمحي كل ذلك في سبيل إرضاء الآخر.
الكمالية أيضًا توقع ذلك من الآخرين ليس من نفسك فقط، فتوقعك أن ينجح الآخرين نجاحات ساحقة تغير مجرى الكون وإلا فلا ترى مجهودات عظيمة لهم.. أمر غير مجدي بل ومؤذي ويعرقل إنتاج الآخرين بطبيعة الحال إذا كانت تلك النجاحات هي كل ما بالوسع والحيل..ثم على المدى البعيد تتوتر علاقات الشخص الكمالي بمن حوله بطبيعة الحال.
اعتبرت كل وسائل البحث أن العدو الأول للإنسان أفكاره، وأن العقل الباطني للإنسان هو سلاح ذو حدين إما أن يقتلك أو تروضه كطفل صغير، مهما بلغ الإنسان من مراكز العلم يبقى في عقله الباطن نقطة صغيرة يمكن أن تقضي على النفس بأكملها ومن داخل العيادات النفسية ظهرت أغلب المشاكل من معتقد الإنسان عن نفسه أو من خوف عقله الباطن من أشياء لا وجود لها ولن تتحقق إلا بنسبة تصل للعدم، ذكر أحد الأطباء النفسيين أن أغلب المترددين للعلاج النفسي من يعتقد دائمًا بأهمية المحيطين به بمعنى تقديم ذلك على نفسه، كونك ترى في رأي الناس أولوية عن راحتك يجعلك تحتاج تعديلًا في مسار نفسي وهو ما يسميه علماء النفس الكمالية لإرضاء الآخرين وصُنفت لتلك الأشخاص بالسبب الأول الناتج للإكتئاب ويُدعى هؤلاء الأشخاص باسم الكماليين، والشخص الكمالي ببساطة هو من يبحث دائمًا وأبدًا عن الكمال، يبحث بشكل هستيري عن الامتياز في كل شيء حتى نقاء الهواء أمام أنفه يود لو كان 99,9% نقيًا وهكذا في توقع نتائج الأشياء وعمل الأشخاص وصنيع يده.
الكمال التعجيزي الذي لا يمكن أبدًا تحقيقه، ولكن لِمَ هذا؟ لإرضاء الآخرين!
من يبحث عن الكمال الكامل في أداء عمله لإرضاء مديره ويتلقى نظرات الإعجاب من زملائه هو شخص كمالي لإرضاء الآخرين مثل رضا.
ومن يبحث عن اكتمال كل شيء في صنيعه، ويرى النجاحات أقل بكثير من الحقائق لأنها لم تصل لدرجة الكمال المتوقعة في عقله هو فقط كمن يعلي سقف طموحه لدرجة لا يمكن عمليًا حدوثها فينطبق السقف فوق توقعاته هو شخص كمالي لنفسه.
توقع الأفضل والعلو بسقف الطموحات أمر نتائجه عظيمه لكن ليست بدرجة “عظيم ” الذي يتوقع أمور لا تحدث بطبيعة الحال بشكل طبيعي كأن يطلب من نفسه العمل 48 ساعة متواصلة وعندما ينقطع ساعتان للنوم يتهم نفسه بالفشل!
إياك أن تكون ممن يثقلون علي عاتقهم أمور لا تحدث بطبيعة الحال بشكل مستقر، ولا ممن يثقلون على غيرهم بتوقع أن يميت الشخص نفسه كي ينال إعجابك، إياك أن تغمي عينك عن أمور تستحق عليها أن تشكر نفسك، كافيء نفسك، أعطي نفسك عطلة، كن الداعم الأول لنفسك واعلم أن سقف التوقعات الكمالي مؤذي أكتر من كونه يحقق أعلى نتائج لأنك بكونك شخص كمالي فلن ترى أي انجازات لك أو لغيرك تستحق المكافئة لأنك دائمًا وأبدًا ترى بعين تصغيرية! إذا كنت لا تمانع من الإصابة بالإكتئاب وبمدة طويلة كن مثل “عظيم” “ورضا”.
وإذا كنت تحب نفسك وتبحث عن حياة صحية نفسيًا وتود إنتاجًا أفضل وتريد أن تعلم كيف تروض نفسك كافئها وافخر بذاتك وشجعها. ستحصل على نفسية أفضل إياك أن تكون مثل “عظيم” و”رضا ” إياك أن تكون شخصًا كمالي إياك أن تكون من منظومة الأشخاص all or nothing وسنتحدث في المقال القادم عنه تفصيليًا.