آراء

“The Monkey King” وإعادة اكتشاف النص الكلاسيكي بالأنيميشن

طارق البحار
بصريًا قدَّم لنا فيلم الأنيمشن الجديد “The Monkey King” الذي شاهدته لكم في منصة نتفليكس، مؤخرًا، لقطات ومشاهد جميلة من أول دقيقة حتى نهايته.

أسلوب الرسوم المتحركة فريد من نوعه ومثير للإعجاب، وهو مستوحى من تقاليد الرسم بالفرشاة الصينية، كتكريم لأسلوب الرسوم المتحركة والرسم باليد والحبر على الورق؛ وبالتالي يظل أصيلاً لفيلم قادم من أدب غني. وبالطبع هناك اهتمام واضح جدًا بالتفاصيل في الرسوم المتحركة التي تجعل هذه القصة تنبض بالحياة أمام أعيننا في شاشاتنا في البيوت، وخصوصًا أن الفيلم يقدم نفسه بالعديد من البيئات المختلفة؛ إذ تمكن من تصوير عوالم الأرض، وتحت سطح البحر، وفي السماء، والجحيم الصيني بصريًا بطرق مختلفة تمامًا.

ألهمت الرواية الصينية الشهيرة “رحلة إلى الغرب” التي تعود للقرن السادس عشر، عدة مرات في السابق مع بطلها الملك القرد “أو سون ووكونغ”، سواء من الرسوم المتحركة أو على المسرح. وهذا الصيف، بفضل المهرة في Netflix وReelFX، تأتي قصة جديدة نابضة بالحياة تقدم منظورًا لم يسبق له مثيل حول الملحمة الكلاسيكية.

كما يوحي الاسم The Monkey King أو “الملك القرد” الذي قبل مغامراته، نشاهد في بدايته ولادة القرد التي تحدد على الفور النغمة الكوميدية للفيلم، بالإضافة إلى تأسيسه كبطل قوي. وبعد الحصول على عصا قتال سحرية «نان لي»، يبدأ القرد في مهمة ملحمية مصممًا على التغلب على ما لا يقل عن 100 شيطان من أجل أن يصبح جزءًا من الخالدين الذي يتمنى أن ينتمي إليهم.

في رحلته يلتقي لين “جولي هوانغ رابابورت”، وهي فلاحة صينية تبلغ من العمر 13 عامًا مصممة على أن تساعده في سعيه، ويجذب ذلك غضب حاكم البحار وملك التنين “بوين يانغ”. وفي الأحداث يقدم لنا الفيلم الكارتوني إعادة لاكتشاف النص الكلاسيكي، مع فكرة أن كل شخص لديه القدرة على تغيير العالم والتأثير على حياة الآخرين.

وفي التفاصيل تدور أحداث الفيلم الكارتوني في الصين خلال وقت شارك فيه الناس العالم مع كائنات أسطورية. ويبدأ The Monkey King كشخصية فخرية ولدت في ظروف غامضة من صخرة على قمة جبل، في عالم بالنظام الكوني يشرف عليه الخالدون في السماء، ويكون القرد الصغير على الفور علامة على وجود علة، ويرغب إمبراطور اليشم “هون لي” في التخلص منه؛ لكن “بوذا” الذي يقف فوق كل شيء يتدخل بقوله إنه من القرود الخالدة وأمامه مصير عظيم. لكن بعد مواجهة الرفض من مجموعة من القرود، تغرس فيه الحاجة إلى إثبات نفسه أمامهم، وهذا يضعه على الطريق ليصبح أحد أكثر المحاربين رعبًا على وجه الأرض، على أمل الفوز بمكان بين ثقة القرود الخالدين، والفوز بعصا سحرية، وعلى أكثر من 100 شيطان، وأعظم أعدائه الداخليين وهو غروره!

تقديم الشخصية بالرسوم المتحركة هي بالتأكيد واحدة من أبرز معالم The Monkey King، إذ يتم تقديم مشاهد القتال بين البطل والشرير بتفاصيل رائعة. ويجب الإشارة بشكل خاص إلى المشهد الذي يسافر فيه القرد عبر الفضاء ويصل إلى حافة الكون؛ لأن هذا انفجار في الألوان التي يمكن أن تذهل أي عقل بشري، وخصوصًا الأطفال. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أغنية «دراغون كينغ» هي أبرز الموسيقى المستخدمة في الفيلم، وتم تقديمها بصورة جذابة ومضحكة.

هناك إيجابيات كثيرة في الفيلم، خاصة تصميم الرقصات المرحة وتكوين تسلسلات الحركة، وخصوصًا أن المنصة العالمية تتمتع بتاريخ ثري من إنتاج الرسوم المتحركة: في العام الماضي فقط أصدرت العديد من الأفلام الناجحة مثل: The Sea Beast، وWendell Wild، وMy Father’s Dragon، وGuillermo del Toro’s Pinocchio، وما يخدم الفيلم بشكل أفضل هو أن جمهوره المستهدف سيكون في الغالب غير مدرك لأسطورة ملك القرد وسيأخذ «كورسًا” ثقافيًا مجانيًا من خلال ما يقدمه الفيلم.

من خلال المتابعة لا بدَّ أن يجعلك الفيلم الجديد تتذكر امتياز الرسوم المتحركة مثل فيلم «كونغ فو باندا». ومن بعض النواحي، كلا البطلين متشابه من نواحٍ كثيرة، فيمر كل من بو «كونغ فو باندا» والقرد بمغامرات كبيرة، في محاولة للبحث عن العظمة، وفي هذه العملية يجدون أنفسهم. ومع ذلك، يفتقرThe Monkey King إلى عمق القصة التي قدمها سلفه.

هناك الكثير في الأحداث والكثير من المغامرة بصرف النظر عن سلبياته، فهو فيلم ممتع في الغالب. ففيلم الأنيمشين الجديد من إخراج أنتوني ستاكي، هي بمثابة ساعة ممتعة، وسيحظى الأطفال مع العائلات بوقت احتفالي عند مشاهدتها؛ لأنه يعيد تقديم الأسطورة الصينية إلى ثقافة البوب، على الرغم من أن الأسطورة تستحق أفضل بكثير!

حبكة الفيلم مهما كانت مثيرة للاهتمام، تبدو أحادية البعد، مع التركيز الوحيد على قتال القرد مع التنين. وبالتأكيد، كان من الممكن أن يكون هناك تركيز أكبر قليلاً على تطوير شخصية القرد طوال مدة الفيلم بدلاً من حفظه للدقائق الأخيرة.

في هذا الوقت المثير من نهايات العام الجاري، واستعدادات المخرجين لتقديم أفلامهم للمسابقات الدولية من الأفلام، خصوصًا أن زاوية الأنيميشن عامرة هذا العام مع مشاركة أفلام مثل سلسلة: Spider-Verse، وPuss in Boots: The Last Wish، وTMNT: Mutant Mayhem، وهو ما يبشر بموجة جديدة من إبداع استوديو هوليوود. يحجز لنفسه الفيلم العائلي المذهل The Monkey King مكانة مميزة جدًا للمنافسة، وخصوصًا أنه يستند إلى الشخصية الدائمة من الأدب الصيني، مع إبداع بصري وفكاهة مع نص ضعيف بعض الشيء لا يجد أبدًا التناسق الدرامي للقصة للأسف، فيفقد طريقه بعد الجزء الأول منه، ولا يربطنا مرة أخرى. لكن النقاد أشاروا إلى أن الأطفال من المحتمل أن يستمتعوا بالألوان الصاخبة، وشخصيًا لا أميل إلى التصنيف على هذا المنحنى بالرغم من كل شيء!

The Monkey King ربَّما مخصص للأطفال، ويتم الحفاظ على الموضوعات واضحة بشكل خاص؛ حتى يتمكن الناس من جميع الأعمار من الاستمتاع به. ومع ذلك، فإن الرسوم المتحركة والقصة والمعركة النهائية، وبالطبع موقف القرد وطموحه، لا بدَّ أن تبقيك مستمتعًا طوال فترة القصة التي أنصح بمشاهدته بعيدًا عن منطق ودراما الأفلام الأخرى.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى