آراء

أبطال الظل في صناعة السينما

محمود غريب

في كل صناعة ثمة أشخاص وفئات لا يُسلط الضوء عليهم ولا يُعرف على وجه التحديد ماذا يفعلون، رغم أن دورهم محوري في مراحل الإنتاج. وهؤلاء كثيرون في صناعة السينما، يتوارون عن الأضواء، ولا يعرفهم الجمهور، ولا يدرك طبيعة عملهم غير المنخرطين في المهنة أنفسهم.

تتسع قائمة هؤلاء لتضم فئات عديدة في مرحلة إنتاج الفيلم السينمائي، ومن بينهم «الدبلير»؛ ذلك الذي يخاطر بحياته ليجسد شخصية البطل في العمل، يقفز من مسافات عالية، يلاحق اللصوص في أفلام الجريمة، يغوص في البحر ويستقل القطار وغيرها من مشاهد الأكشن التي يعتقد المشاهد أن بطله المفضل هو من يقوم بتلك الحركات الخارقة، ليس تقليلًا من شأن الممثل الحقيقي بقدر ما هي اختصاصات، فليس من اختصاص أو قدرات بعض الأفلام القفز من مكان مرتفع كما يفعل شخص مدرب على تلك الحركات، كما ليس مطلوبًا من البطل أن يكون سباحًا بارعًا بجانب قدراته الفنية؛ بيد أن الدور الذي يؤديه «الدبلير» لا يمكن تجاهله في نجاح منظومة الفيلم.

في فيلمه الشهير «قراصنة الكاريبي» الذي منح مؤشر شهرته ونجوميته درجات كبيرة، هل تعلم عزيزي القارئ أن الحركات الاستعراضية الخارقة لم يؤدها «جوني ديب» بنفسه، بل استعان بـ«دبلير» على نفس هيئته لتنفيذ المشاهد الصعبة، نظير مقابل مادي لا يقارن على الإطلاق بأجر الممثل البطل، وغير ذلك من الأفلام والأدوار، لا سيما في أفلام الجريمة الأكثر شهرة.

بالإضافة إلى ذلك، ثمة أبطال آخرون يظلون في ظل الأحداث لا يشعر بهم المشاهد ولا يدري حجم جهودهم، ومنهم المصور السينمائي الذي يبدع في إخراج مشهد يجعل الجمهور يصفق بحرارة للمخرج بقدرته على صناعة مشهد كهذا، وذلك حقيقي لكن لم يكن له أن يصنع ذلك من دون مصور ماهر يحرِّك كاميرته يمينًا ويسارًا وإلى أعلى وأسفل حتى يضبط زاوية رائعة تجعل المشهد مبدعًا ومعبرًا عن المضمون، ذلك أن الصورة نصف الرواية، ونصفها الآخر يأتي في سياق الحوار.

أما رجال المونتاج، فليسوا أقل أهمية ممن سبق، فبفضل إبداعهم وقدرتهم على تحريك الصور ودمجها بعناصر التقنية الحديثة يستطيع المخرج الخروج بمشاهد من وحي خياله لا يمكن للعنصر البشري القيام بها، لولا الذكاء الاصطناعي وذكاء رجل المونتاج، الذي يزداد دوره أهمية بحجم الإلمام بالتقنيات التكنولوجية الحديثة.

إذا تحدثنا عن رجال الظل في صناعة السينما، فإن القائمة تطول بما يشمل الإضاءة والمساعدين في كافة التخصصات وغيرهم، وهو أمر لا يقلل من مجهود الشخصيات الرئيسية القائمة على صناعة الفيلم بفضل خبرتهم في التعامل مع المنتج، ولكن هي محاولة لمنح الشريحة البعيدة عن الأضواء حقهم الطبيعي.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى