تقنيةمنوعات

“التريندات” في قبضة “الخوارزميات”.. ترفيه أم توجيه خفي؟

“التريندات” في قبضة “الخوارزميات”.. ترفيه أم توجيه خفي؟

الترند العربي – خاص 

في عالم اليوم الرقمي، لا يكاد يمر يوم دون أن نتفاجأ بتريند جديد يملأ شاشاتنا، سواء كان هاشتاقًا على “إكس”، أو تحديًا ينتشر على “تيك توك”، أو قصة مثيرة تتحول إلى حديث الساعة على فيسبوك وإنستغرام. لكن السؤال الحقيقي الذي يراود الكثيرين: من يصنع التريند؟ ولماذا؟ وهل نحن فعلاً من يختاره، أم أن هناك من يختاره لنا؟ في هذا الموضوع، نستعرض خفايا صناعة التريند، والأطراف المستفيدة منه، ولماذا أصبح أداة لا غنى عنها في عالم الإعلام والاقتصاد وحتى السياسة.

ما هو التريند ولماذا يكتسب هذه القوة؟
التريند (Trend) أو “الموضوع الرائج” هو ببساطة المحتوى الذي يحظى باهتمام جماعي خلال فترة زمنية قصيرة، ويحقق معدلات مشاركة وانتشار عالية. قد يكون فيديو، تغريدة، صورة، أو حتى جملة ساخرة. وما يعطي التريند قوته ليس فقط عدد المشاركات، بل سرعة انتشاره عبر فئات مختلفة من الجمهور، وتحوله إلى حديث عام داخل وخارج الإنترنت.

المنصات الكبرى مثل “X” و”تيك توك” و”يوتيوب” تعتمد على خوارزميات ترصد معدل التفاعل، الكلمات المفتاحية، وعدد الإعجابات والمشاركات لتحديد ما الذي يجب أن يُعرض للمستخدمين كمحتوى “رائج”.

كيف يُصنع التريند؟ وهل هو عفوي دائمًا؟
في البداية، قد يبدو أن التريندات تنشأ بشكل عفوي نتيجة تفاعل الناس مع حدث معين أو محتوى مثير. لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا. هناك ثلاث طرق أساسية لصناعة التريند:

التريند العفوي: يحدث تلقائيًا، مثل زلزال أو وفاة شخصية مشهورة أو لحظة رياضية استثنائية. الجمهور هنا هو من يقود التفاعل.

التريند المدفوع: تقوده شركات أو جهات إعلامية أو مؤثرون، ويُدفع له من خلال حملات إعلانية أو استغلال جماهير ضخمة لرفع الوعي بقضية أو منتج.

التريند المصنّع عبر البوتات: وهو الأخطر، حيث تُستخدم حسابات آلية (bots) لنشر كلمات مفتاحية محددة بكثافة لخلق حالة زائفة من “الاهتمام الجماهيري”، وتوجيه الرأي العام بشكل مموّه.

من المستفيد من التريندات؟
الشركات التجارية تُعد من أبرز المستفيدين، إذ تستخدم التريندات لتعزيز مبيعاتها أو الترويج لمنتج جديد في توقيت ذهبي. مثال على ذلك، عندما تنتشر أغنية أو فيلم جديد، تتسابق العلامات التجارية لاستغلال اللحظة عبر إعلانات موجهة بنفس السياق.

المؤثرون كذلك يسعون لتصدر التريند، إذ يعزز ذلك حضورهم الرقمي ويجلب لهم فرصًا دعائية وتمويلًا من العلامات التجارية. الوصول إلى التريند قد يعني لهم آلاف المتابعين الجدد وعائدًا ماليًا كبيرًا.

السياسيون والجهات الإعلامية أيضًا يستخدمون التريند لصناعة رأي عام، سواء لدعم موقف معين أو للتغطية على قضية أكثر أهمية. وفي كثير من الأحيان، يُستخدم التريند كأداة لتحويل الانتباه بعيدًا عن أحداث حساسة.

هل نحن جزء من اللعبة دون أن نشعر؟
نحن كمستخدمين نعتقد أحيانًا أننا نشارك في التريند لمجرد التسلية أو التفاعل، لكن ما لا نلاحظه هو أننا نُستخدم في عملية ترويج ضخمة. كل مشاركة، تعليق، أو إعادة نشر تُسهم في تضخيم التريند، وبالتالي في تعظيم أرباح من يقف وراءه. حتى التريندات التي نراها “بلا هدف” أو “سخيفة”، قد تكون مقصودة لخلق حالة من الجدل، وهو ما يدفع الخوارزميات لرفعها أكثر.

التريند… بين المتعة والتلاعب
لا يمكن إنكار أن بعض التريندات تحمل جانبًا إيجابيًا، كحملات التوعية أو الدعم لقضية إنسانية أو حتى لحظات ترفيه خفيفة، لكنها في المقابل قد تتحول إلى أدوات تلاعب جماعي، تحرف الأنظار وتُغذي المحتوى الاستهلاكي الفارغ.

لذلك، من الضروري أن نُعيد النظر في تفاعلنا مع التريندات، ونتساءل قبل الانسياق خلف كل ما هو رائج: من المستفيد؟ ولماذا الآن؟ وهل ما أشاركه يعكس قيمي أم فقط يُرضي خوارزمية لا تعرفني؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى