فنمنوعات

“المسلسلات القصيرة”.. لماذا تجذب المشاهد العربي أكثر من الطويلة؟

“المسلسلات القصيرة”.. لماذا تجذب المشاهد العربي أكثر من الطويلة؟

الترند العربي – خاص

في السنوات الأخيرة، أصبح للمسلسلات القصيرة حضور طاغٍ على الشاشات العربية ومنصات البث الرقمي، لدرجة أنها تفوقت في بعض الأحيان على المسلسلات الطويلة ذات الـ30 حلقة من حيث نسب المشاهدة، والتفاعل، والانتشار. ومع ازدهار المنصات مثل “شاهد” و”نتفليكس” و”OSN+”، بدأت أعمال لا تتجاوز 8 إلى 10 حلقات تحقق نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا. فما السبب وراء هذا الانجذاب المتزايد نحو المسلسلات القصيرة؟ وهل أصبح المشاهد العربي أكثر تفضيلًا للتكثيف السردي من التمدد الدرامي؟

تحول في الذائقة.. عصر السرعة والتنوع
يعيش المشاهد العربي اليوم في زمن السرعة وتعدد الخيارات. فمع التقدم الرقمي وتوفر آلاف الخيارات على منصات البث، لم يعد مقيدًا بما يُعرض على القنوات الفضائية في أوقات محددة، بل بات يبحث عن تجربة مشاهدة مكثفة، ومركزة، ومليئة بالأحداث، دون ملل أو إطالة. وهذا ما توفره المسلسلات القصيرة.

تشير تقارير شركات البث إلى أن نسبة مشاهدة المسلسلات القصيرة على المنصات تفوق أحيانًا الطويلة بنسبة تصل إلى 30%، خاصة بين الفئة العمرية 18-35 عامًا، وهي الفئة الأكثر استخدامًا للمنصات الرقمية.

أهم مميزات المسلسلات القصيرة التي تجذب الجمهور

تركيز القصة دون حشو
المسلسل القصير عادةً ما يكون مبنيًا على سيناريو محكم بدون تطويل أو مشاهد مكررة، مما يضمن تطورًا سريعًا في الأحداث وشد انتباه المتفرج من البداية للنهاية.

سهولة المشاهدة في وقت قصير
يُمكن مشاهدة المسلسل القصير في جلسة واحدة أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما يجعله مناسبًا لنمط الحياة السريع.

إنتاج أعلى جودة
نظرًا لقلة عدد الحلقات، يتم الاستثمار بشكل أكبر في كل حلقة من حيث السيناريو، التمثيل، الإخراج، والمونتاج، وهو ما يُرضي المشاهد الباحث عن تجربة فنية عالية المستوى.

قصص مبتكرة ومتنوعة
تميل المسلسلات القصيرة إلى تناول قضايا اجتماعية أو نفسية أو غامضة أو حتى خيالية بجرأة، وتسمح بصناعة محتوى مختلف لا يتقيّد بقوالب الأعمال الرمضانية التقليدية.

سهولة التسويق والانتشار
من السهل الترويج لمسلسل قصير على وسائل التواصل الاجتماعي وتحفيز الجمهور لمشاهدته بالكامل دون التزام زمني طويل.

أمثلة لمسلسلات قصيرة عربية ناجحة
“الثمانية” (شاهد VIP): مسلسل من 8 حلقات من بطولة آسر ياسين، يتميز بأجواء التشويق والجريمة وتم تنفيذه بإنتاج ضخم.

“موضوع عائلي” (شاهد VIP): لاقى نجاحًا كبيرًا على مستوى الوطن العربي، واستُقبل بجمهور واسع رغم أنه لا يتجاوز 10 حلقات.

“منعطف خطر” (شاهد VIP): مسلسل درامي بوليسي قصير، حصد إشادة جماهيرية بسبب الحبكة المشوقة والتصوير السينمائي العالي.

“البحث عن علا” (نتفليكس): جزء من تجربة عربية تقدم محتوى اجتماعيًا معاصرًا بأسلوب خفيف وجذاب.

مقارنة بالمسلسلات الطويلة
في حين أن المسلسلات الطويلة ما زالت تُنتج بكثافة في المواسم الرمضانية، إلا أنها تعاني أحيانًا من ضعف في الحبكة، وافتعال الأحداث، ومطّ غير مبرر للحفاظ على عدد الحلقات. هذه السمات أصبحت لا تتماشى مع عقلية المشاهد الحالي الذي يفضل الوصول إلى ذروة الأحداث دون انتظار طويل.

ومع تغير النمط الاستهلاكي للمحتوى، أصبح بعض النقاد يرون أن المسلسلات الطويلة يجب أن تُخصص فقط للحكايات الممتدة ذات البناء العائلي أو التاريخي، في حين أن القصص النفسية والاجتماعية والبوليسية، تناسبها المسلسلات القصيرة.

هل تحل القصيرة محل الطويلة؟
رغم الانتشار المتسارع للمسلسلات القصيرة، لا يبدو أنها ستحل بشكل كامل محل المسلسلات الطويلة، لكنها بكل تأكيد أصبحت نمطًا مفضلاً لدى فئة كبيرة من الجمهور العربي، وخاصة الجيل الشاب الذي يتفاعل مع المنصات الرقمية أكثر من التلفاز.

وفي النهاية، يمكن القول إن المسلسلات القصيرة ليست مجرد اتجاه عابر، بل تعبير عن تطور طبيعي في صناعة المحتوى البصري العربي، يستجيب لاحتياجات جمهور جديد يبحث عن العمق دون الإطالة، والتشويق دون الحشو.

وقد يكون هذا التحول فرصة ذهبية لصُنّاع الدراما العربية لإعادة التفكير في كيفية سرد القصص، وتقديم أعمال تواكب العصر وتبني جسورًا جديدة بين الفن والجمهور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى