كُتاب الترند العربي

التعليم.. والمسئولية المجتمعية

التعليم.. والمسئولية المجتمعية 

حنان يوسف

تعتبر المؤسسات التعليمية من أهم المؤسسات التي لها دورها المحوري والاستراتيجي في المجتمع، وهنا يثار التساؤل حول ما هو دور ها ورسالتها في المسئولية المجتمعية؟

حيث تعتبر المؤسسات التعليمية والجامعات لها رسالتها ومسئوليتها ، وشدد المشاركون على أهمية هذا الموضوع باعتباره إحدي الموضوعات الشائكة والمهمة في نفس الوقت واعتبار أنها تمثل واحدة من أهم ادوات بناء الوعي والتنوير في المجتمع.

ولها دور متعدد الأبعاد ويشمل التعليم، البحث، والتفاعل مع المجتمع فليست مجرد مؤسسات تعليمية، بل هي أيضًا محركات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.:

من خلال تقديم المعرفة في مختلف المجالات و تأهيل الطلاب ليكونوا قادرين على المساهمة في سوق العمل بشكل فعال بالاضافة الي دور الجامعات في البحث العلمي وإنتاج المعرفة من خلال تجربة المعامل والمراكز البحثية حيث أن المؤسسات التعليمية هي مراكز للبحث العلمي و بما تسهم به في إيجاد حلول للتحديات التي يواجهها المجتمع.

وهناك دور الجامعات في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال ودعم الصناعات المحلية وتعزيز الابتكار، بالاضافة الي دورها في نشر الثقافة والقيم المجتمعية من خلال التفاعل مع المجتمع وتشكيل شراكات لتعزيز التعليم والتدريب وتطبيق البحث العلمي بما يتسق مع أهداف التنمية المستدامة و زيادة وعي الطلاب والمجتمع بأهمية الاستدامة و تطوير الفكر النقدي والإبداع.

كذلك هناك دور للتعليم في تعزيز ثقافة الحوار والتفكير النقدي بين الطلاب ويتجسد ذلك في عدد من المبادرات ومنها مبادرة ” أنا سفير ” بالتعاون بين وزارة الشباب والمنظمة العربية للحوار لتعزيز ثقافة الحوار وتقبل الأخر والتنوع بين الطلاب والطالبات من جهة ومع اندماجهم داخل المجتمع من جهة أخري.

هناك كثير من الهموم والتحديات وأيضا الطموحات حول ما يمكن ان تقوم به الجامعات في التطوير والتحديث .

المهم هو الرسالة التي تحملها المؤسسات التعليمية في البناء والتطوير وضرورة عمل إستراتيجية مجتمعية لتفعيل دورها في بناء الإنسان وتحديث المجتمع.

ويمكن المساهمة في رسم ملامح هذه الإستراتيجية علي النحو التالي من خلال محاور متعددة من أهمها :
أولا : صناعة مجتمع المعرفة:

والمساهمة في إثراء المحتوي الرقمي العربي من خلال تقديم المعرفة المتخصصة في مختلف المجالات العلمية، الأدبية، والفنية.

وإنتاج المعرفة الجديدة من خلال البحوث والدراسات التي يجريها الأكاديميون والطلاب من خلال تفعيل برامج البحث العلمي الجديدة والتطبيقية .

والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والثورة التي احدثتها تطورات الاقمار الصناعية في إثراء صناعة مجتمع المعرفة من خلال المقررات والمناهج المتطورة التي يتم تدريسها مع المزج الرشيد بين المقررات العلمية والمقررات الانسانية حيث يجب عمل تكامل بين القطاعين في إطار وضع الخطط التعليمية واللوائح الجديدة ولكن بأسلوب متميز وغير تقليدي بحيث يكون الهدف هو تقديم كافة أنواع المعرفة للطالب والباحث داخل الجامعة مما يساعد في بناء شخصيته البحثية والعلمية بالصورة المطلوبة لتحقيق دوره في المجتمع .

ثانيا : تأهيل الطلاب لمتطلبات سوق العمل الحالية والحديثة :

من خلال برامج التعليم المختلفة المتميزة التي تتناسب مع طبيعة العصر الحديث والثورة الرقمية التي يعيشها المجتمع الان ، فمن الأهمية ان تتسق مخرجات العملية التعليمية مع متطلبات سوق العمل بالتأهيل الاحترافي القادر علي، على المساهمة في سوق العمل بشكل فعال.

وعلي ان تتضمن مخرجات التعليم الحصة المناسبة من التطبيق العملي لها بحيث لا يكتفي بتقديم الجانب النظري فقط بل يستكمل بإطار تطبيقي احترافي مدروس ومرتبط بنوعية المهن الجديدة التي يطلبها سوق العمل حاليا .

ثالثا : ربط التعليم الجامعي بأهداف التنمية المستدامة ورؤية ٢٠٣٠:

وذلك بما يساعد في ان تنتج الجامعات حلولا علمية وواقعية ناجزة لحل المشكلات والتحديات التي يواجهها المجتمع في مجالات مثل الصحة، البيئة، الاقتصاد، والتكنولوجيا والقضاء علي الفقر ، ومواجهة الجوع وقضايا الاستدامة البيئية ووضع حلول مبتكرة للتحديات البيئية، مثل التغير المناخي وإدارة الموارد الطبيعية وغيرها من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر والتي أقرتها الأمم المتحدة وتعمل في إطارها جميع الدول الآن .

بالاضافة الي دور الجامعات في تقديم برامج تعليمية ومناهج تشجع علي نشر ثقافة ريادة الأعمال وتوفر حاضنات الأعمال التي تساعد على تحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع تجارية كذلك دعم الصناعات المحلية وتعزيز الابتكار، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل وتحقيق النمو الاقتصادي.

رابعا : تفعيل دور الجامعات في بناء شخصية الطالب: وذلك من خلال نشر الثقافة والقيم وتوفير المناخ لتعزيز ثقافة الحوار والنقاش الفكري والتبادل الثقافي بين مختلف الفئات المجتمعية بالإضافة الي دور الجامعات في تطوير الفكر النقدي والإبداع وتشجيع الطلاب على التفكير النقدي والتحليل وتطوير حلول مبتكرة للتحديات وتشجيع الإبداع من خلال توفير بيئة تعليمية ملهمة وداعمة، وتطوير قدرات الطلاب الإبداعية.

خامسا : تعزيز دور الجامعات في المسئولية المجتمعية من خلال مبادرات خدمة المجتمع لتحسين الحياة الاجتماعية، مثل برامج محو الأمية، والرعاية الصحية المجتمعية، والمشروعات التطوعية وتحقق التفاعل مع المجتمع وفتح شراكات مع المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة لتعزيز التعليم والتدريب وتطبيق البحث العلمي في مجالات العمل الفعلية ورجال الصناعة في المجالات المختلفة لربط مخرجات العملية التعليمية بالتطبيق الفعلي والعملي لهذه المقررات التعليمية وصولا الي تفعيل دور الجامعات في صنع السياسات العامة: من خلال توفير الخبرات والمعرفة لتسهم الجامعات في تشكيل السياسات العامة والتأثير على القرارات الحكومية بما يخدم المصلحة العامة.

إن المؤسسات التعليمية والجامعات هي قاطرة التنمية في المجتمع وهي تتميز عن غيرها من أليات الوعي والتنوير بكونها يتوفر لها أدوات الاستدامة والحوكمة والمحاسبية من خلال برامج تقييم الاداء ومعايير الجودة التعليمية التي اصبحت ضرورية من أجل إعتماد الجامعات محليا وعربيا ودوليا، وتدرج بها الجامعات في التصنيفات الدولية العالمية مما يمنحها سمعة دولية مرموقة لتصبح مقصدا للطلاب النابغين ومصنعا لتخريج العلماء والمبتكرين من ذووي أصحاب الاثر الكبير في تنمية مجتمعاتهم مثلما يحدث في كبريات الجامعات الدولية المتقدمة .

فالمؤسسات التعليمية هي مؤسسة مجتمعية في الأساس ولكنها تتميز بما تحمله من سمات الانضباط والاستدامة بما يسمح لها في تحقيق دورها في تنمية المجتمع من خلال التعليم والبحث العلمي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية و إعداد الأجيال القادمة لمواجهة تحديات المستقبل والمساهمة في تحسين جودة الحياة وتحديث المجتمع ليوضع في مكانة عالية في مصاف الأمم المتقدمة ويشارك في بناء مستقبل الإنسانية.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى