كُتاب الترند العربي

لماذا لا تحظى “الأفلام الوثائقية” بالتقدير في مهرجانات كان السنوية؟

آن تومسون

ترجمة: علي زين

لقد مضى قرابة 20 عامًا منذ أن فاز فيلم “فهرنهايت 9/11” بجائزة السعفة الذهبية، لكن معظم الأفلام الواقعية المختارة بمهرجانات كان السنوية لا تحظى بهذه الفرصة.

يُقام مهرجان كان السينمائي كل عام للإعلان عن الجوائز الممنوحة للممثلين والأفلام، وغالبًا ما توضع الأفلام الوثائقية في قوائم الاختيار الهامشية، باستثناء ثلاثة أفلام فقط على مدار تاريخ المهرجان، وقد حصل اثنان منها على جائزة السعفة الذهبية: الأول فيلم “العالَـم الصامِت”، الذي اشترك في إخراجه كلًا من جاك كوستو ولويس مالي في عام 1956، والثاني فيلم «فهرنهايت 9/11» للمخرج مايكل مور عام 2004.

وشهد العام الماضي وجود 16 فيلمًا وثائقيًا في الاختيار الرسمي، اثنان منها مرشحان للمنافسة على الجائزة، وهي المرة الأولى التي تنضم فيها أفلام واقعية إلى تلك القائمة منذ فيلم مايكل مور.

لا شك أن هذه الترشيحات خطوةٌ للأمام، لكن إذا ألقينا نظرةً سريعةً على آخر التوقعات لجائزة السعفة الذهبية سنرى أن احتمالية فوز فيلم “الشباب Youth” أول 3 ساعات ونصف من فيلم مكون من ثلاثة أجزاء مدتها 10 ساعات، للمخرج «وانغ بينغ» ليست كبيرة، وكذلك الأمر بالنسبة لفيلم “بنات ألفة Olfa’s Daughters” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. وبالرغم من اعتراف النقاد أن الفيلمَين كليهما يمثّلان نموذجَين فريدَين وغير نمطيَّين لهذا النوع من الأفلام الوثائقية، فمن غير المُرجح أن يكونا من ضمن الاختيارات الفائزة التي تحظى بإجماع آراء لجنة التحكيم برئاسة المخرج السويدي روبن أوستلوند.

ولعل السؤال هنا؛ لماذا استغرقت لجنة الاختيار، التي يرأسها مدير المهرجان تيري فريمو منذ عام 2007، كل ذلك الوقت لترشيح أحد الأفلام الوثائقية في القائمة النهائية؟ تشير إحدى الفرضيات إلى أن مسؤولي المهرجان لم يرق لهم أن استطاع فيلم «فهرنهايت 9/11» أن يحصد جائزة المهرجان الكبرى، والتفوق على جميع الأفلام المرشحة آنذاك، والتي كان يبلغ عددها 18 فيلمًا. ولعل الرأي الأرجح أنه كان من الصعب على تيري فريمو طوال تلك السنوات أن ينتزع مكانًا في المنافسة من مؤلف بارز أو صانع أفلام فرنسي لصالح فيلم وثائقي.

وقد كان من الأنسب حجز مشاركات للأفلام الوثائقية التي تتناول حياة النجوم لعرضها في:

● فعاليات أفلام منتصف الليل مثل فيلم “أحلام القمر Moonage Daydream” للمخرج بريت مورغن، وكذلك فيلم “ويتني Whitney” للمخرج كيفن ماكدونالد، وفيلمي “آمي Amy” و”مارادونا Maradona” للمخرج آصف كاباديا.

● عروض هامشية، مثل جائزة “نظرة ما” مثل فيلم “الرجل ذو البزة السوداء Man in Black”، الفيلم الثاني للمخرج وانغ بينغ في مهرجان كان 2023، وكذلك الفيلم المغربي “كذبٌ أبيض Mother of All Lies” الحائز على جائزة “أفضل إخراج”.

● عروض خاصة مثل فيلم “مدينة محتلة Occupied City” البالغ مدته أربع ساعات ونصف للمخرج ستيف ماكوين، وكذلك فيلم “أنسلم Anselm” من إخراج فيم فيندرز بتقنية 3D.

● كلاسيكيات مهرجان كان فيلم “أنيتا Anita”.

ولم يشهد العام الماضي عرض أي فيلم وثائقي خلال أسبوعَيّ المخرجين وأسبوع النقاد. وخلال السنوات الماضية، كانت بعض الوثائقيات الأعلى تقييمًا مثل فيلم “عمل داخلي Inside Job” للمخرج تشارلز فيرغسون، وفيلم “ضباب الحرب Fog of War” للمخرج إيرول موريس تُعرض للمرة الأولى عالميًا في مهرجان “كان” ضمن قائمة الأفلام المستبعدة من المنافسة على جائزة السعفة الذهبية، لكنها استطاعت مع ذلك الفوز بجائزة الأوسكار.

وصرح مايكل باركر، الرئيس المشارك لشركة سوني بيكتشرز كلاسيك Sony Pictures Classics، قائلًا: “لقد حظينا بتجربة رائعة مع الوثائقيات في مهرجان كان”. وأضاف باركر، الذي لم يطلب إدراج الأفلام الوثائقية في المنافسة: “هناك عددٌ قليلٌ جدًا من الوثائقيات، فهل هذا هو المكان المناسب لها؟ دائمًا ما أفضل أن يكون لهذه الأفلام مساحةٌ مخصصةٌ لها”.

على الجانب الآخر، يُعد توم باورز أحد المخرجين المخضرمين المسؤولين عن اختيار الأفلام الوثائقية لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي ومهرجان نيويورك للأفلام الوثائقية. وقد كان باورز أحد أعضاء لجنة التحكيم للقسم الوثائقي بمهرجان كان، التي منحت المخرجَين “آغنيس فاردا” و”جي آر JR” جائزتهما الكبرى “العين الذهبية L’Œil d’Or” عن فيلم “وجوه الأماكن Faces Places”، الذي أصبح لاحقًا من ضمن الأفلام المرشحة لحصد جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي.

وقال باورز في مداخلة هاتفية: “ما زال يحيرني أن فيلم «وجوه الأماكن» لم يدخل المنافسة في عام 2017”. وأضاف باورز: “لقد بدا غريبًا أن مخرجة سينمائية مرموقة مثل “آغنيس فاردا” لم تدخل المنافسة الرئيسية، بينما حضر الكثير من أقرانها للاستعراض في المنافسة بالرغم من تقديمهم لأعمالٍ متواضعة”. وللأسف، فإن جائزة “العين الذهبية” لا تحظى بالكثير من الاهتمام بين الناس.

وقد أحدثت الأفلام الوثائقية ضجةً كبيرةً في العام الماضي عندما حصل اثنان منها على جائزتي الدب الذهبي والأسد الذهبي في مهرجاني برلين والبندقية على التوالي: الأول فيلم “مركز أدمانت On the Adamant” للمخرج نيكولاس فيليبرت حول الصحة العقلية، والثاني فيلم “كل الجمال وسفك الدماء All the Beauty and the Bloodshed” للمخرجة لورا بويتراس عن السيرة الذاتية للفنانة والناشطة نان غولدن، وقد دخل هذا الفيلم ضمن قائمة الترشيحات النهائية لجائزة الأوسكار.

كما أن فيلم “كل تلك الأنفاس All That Breathes”، الذي أنتجته شبكة “إتش بي أو HBO” الأميركية والذي رُشح لجوائز الأوسكار، قد عُرض في مهرجان كان كعرضٍ خاصٍ ضمن قائمة الأفلام المستبعدة من المنافسة. وقد وصف جوش براون، صاحب شركة صب مارين للترفيه Submarine Entertainment، مهرجان كان بأنه “لا يمكن فهمه”، لكنه يأمل أن تساهم الوثائقيات الفائزة في مهرجاني برلين والبندقية بإحداث تغيير في عقلية المسؤولين عن اختيار الأفلام في المهرجان ونظرتهم للأفلام الوثائقية. وقال جوش: “يبدو وكأن هنالك قابلية لانهيار المقاومة المؤسسية، ما يُبشر بإمكانية حصول الأفلام الوثائقية على المكانة التي تستحقها، لكن حتى الآن، من الصعب فهم مهرجان كان”.

المصدر: سوليوود 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى