الشط الثاني
فاطمة العدلاني
في عالم موازٍ لعالمنا على كوكب آخر غير مُشابه لكوكبنا
به ما به…
كل شيء لا يُشبه مثيله هنا…
فقط هناك كل الأماني تُدرَك فور التمني …
كل ما به بِدايات دون نهايات، فلا نهايات في قواميسهم…
عالم في عالم يُدركه ولا يَلحقه…
طوائف طوائف لا تُعد في كل مكان…
لا أحد يرى الآخر رغم القُرب، وكأن كلًا منهم يظن أنه الوحيد المالك لأحقية العيش، فيظن أنه الوحيد في الأرض يفعل ما يشاء، دون نِزاع أو سعي في سباق…
كوكب خالِ من الكذب والنفاق والغيبة والنميمة والغش…
يعيش كل منهم وحيدًا في نفسه دون أن يصطدم ويرتطم بمن حوله! ولكن أتظنهم سُعداء؟
أشعر وكأنك تمنيت لو حجزت لك تذكرة في صاروخ مُهاجر إلى ذلك الكوكب؟ أسئِمت العيش علي سطح تلك الأرض؟ أتظن الأفضلية لاستقلالك ووحدتك هناك على عدم غُربتك هُنا؟
سأُخبرك بما لا تتوقع سماعه…
أنت محظوظ هنا بكل سلب قبل إيجاب، فلولا السلب ما كان الإيجاب إيجابًا ولولا الضرر ما كانت المنفعة منفعة، ولولا الحادق ما كان الحُلو حُلوا، ولولا القُبح ما كان للجمال وجود…
انظر حولك سوف تجد من كل شيء ونقيضه وقد هُيِّأ وسُّخِر لك بمُره قبل حُلوه، لكن دائمًا التشبث هو ما يكدر صفو الحياة…
إحساس النهايات تبًا له، كم كان قاتلًا!
شُعور أن شيئًا ما سَيحدُث، يوقِف ما يحدُث الآن…
شيءٌ سيتوقف له الزمن، سيُعطِّل عقارب الساعة، سيصمت الجميع رغم أنوفهم وستنصت آذانهم، شيئٌ ما سيحدث بعدما كادت نبضات القلب أن تتوقف، ولا احد يشعر كم كنت أتمنى أن تتوقف، ولكن حتي لو؛ فلن يتوقف العالم سيدفونني ويعودون لإكمال سهرتهم المسائية…
لا شيء يُضاهي شعور اللاوعي والتشبث بالماضي، لا شيء يشابه الخيال والثقة لشخص لا يصدق الا قلبه…
زمن متوقف لوهلات لدي، عقلٌ يجر قلبًا غير واعٍ لما أصبح واقعًا، ومازال عالقًا في تفاصيل أحلامه وواثقًا من مجيئها، كمن يأمل عودة مركب طلت علي الشط المقابل وأوشكت على الوقوف!!
لا شيء يضاهي شعور القلب وقد أفنى عمر صاحبه انتظارًا، وهو يري المركب تبتعد وقد أخبره الزمان، ولكن شعوره أن شيئًا سيُعطل رحلة القبطان كان مسيطرًا ولم يتعطل شيء وصار العمر هبائًا، وهنيئًا لكم سُكان الشط الثاني!!!