المخرج أم المنتج؟.. جدلية بدأتها نظرية
عبدالرحمن كمال
من المعروف أن السينما صناعة قائمة على تضافر الجهود بين عدة أطراف وجهات، وبالتالي من غير المنطقي أن نحصر سبب نجاح فيلم ما في شخص واحد فقط.
ورغم ذلك، بات العرف الشائع هو ظهور اسم المخرج فقط على الفيلم. ولفهم هذا العرف، فمن الضروري العودة إلى نظرية النقد السينمائي المعروفة بـ”سينما المؤلف”.
ترجع بدايات نظرية “سينما المؤلف” إلى ثلاثينيات القرن الماضي، ذلك أنه خلال الاحتلال الألماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية كانت السينما الأميركية محجوبة عن الفرنسيين، ولكن بعد انتهاء الحرب بدؤوا في اكتشاف عظمة السينما الأميركية.
وأدت إعادة اكتشاف الفرنسيين للسينما الأميركية إلى رد الاعتبار للمخرج كفنان. ذلك أن ما تأثر به الفرنسيون هو قدرة مخرج هوليوود في الحصول على سيناريو ومجموعة ممثلين وطاقم فني – لم يختر واحدًا منهم – ورغم ذلك باستطاعته أن يترك بصمة شخصية على الفيلم.
وفي عام 1951، طرح أندريه بازان، أحد أهم نقاد السينما الفرنسيين، مع الممثل والمخرج جاك دونيول فالكروز، مجلة «دفاتر السينما» التي كانت منبرًا نقديًا للسينمائيين الشبان المتحمسين.
في السنوات الثلاث الأولى من عمر المجلة، لم تكن هناك سياسة تحريرية واضحة للمجلة. لكن في عام 1954، أمدها صانع الأفلام فرانسوا تروفو، بواحد من أهم مقالاته المشهورة: «اتجاه معين للسينما الفرنسية».
هاجم مقال تروفو في السينما الفرنسية الكلاسيكية تفضيلها السيناريوهات الأدبية على سيناريوهات التصوير، والاقتباس على السيناريوهات المكتوبة، خصوصًا للسينما، وديكورات الاستوديو على الأماكن الحقيقية والاستعانة بفريق من المتخصصين على مؤلف واحد. جادل تروفو من أجل «سينما المؤلفين»، ومن هنا ظهر المصطلح، وسرعان ما انتقلت الكلمة الفرنسية إلى مقابلها بالإنجليزية، ودخلت في مفردات النقد السينمائي.
لم يوافق الجميع على «سينما المؤلف» وما تمنحه للمخرج من قيمة طاغية بالنسبة لطبيعة العمل السينمائي. فالممثل الأميركي جيمس كاجني – مثلًا – في سيرته الذاتية، كان ينظر إلى المخرجين كعمال عاديين وميكانيكيين.
كما جادل البعض بأن بعض الأفلام الشهيرة تعدّ نتيجة لعمل المنتج أكثر من المخرج. واستشهد بعضهم بحالة المنتج ڤال ليوتون الذي لم يخرج فيلمًا واحدًا، ورغم ذلك ترك بصمته على كل شيء قام بإنتاجه في استوديوهات «RKO».
أيضًا، دفع منتقدو «سينما المؤلف» بحقيقة أنه في خلال الثلاثينيات والأربعينيات كان لكل استوديو أسلوبه الخاص في الإنتاج الذي أدى إلى تميز أفلامه.
إن جدلية “المخرج أم المنتج” التي طرحتها بقوة نظرية “سينما المؤلف”، يمكن أن نخرج منها بحقيقة مؤكدة، وهي أن الفيلم هو نتاج جماعي، لذلك فمن الأهمية أن نعلم المساهمات التي يقوم بها أعضاء الفريق كافة.