آراء

تشيللو.. أجمل ما في الأحلام تحقيقها

وما في الروايات تمثيلها..

إيمان محمد

في السينما النجاح في العمل ليس صدفة، النجاح عبارة عن خطوات محددة لها منهج وطريقة ومعايير، وأي إخلال يصاحب خطوة من خطوات تنفيذ العمل يهوي العمل برمته نحو الركاكة والفشل..

والعمل بعد نجاحه هو قاعدة أيضًا لبناء مصفوفة جديدة من الأعمال. أن يكون لدينا عمل «نموذجي» مكتمل العناصر نبني عليه نجاحاتنا المستقبلية، هو أكثر ما نحتاج له في هذه الفترة الحساسة من نمونا السينمائي كسعوديين. في هذه المرحلة لا بدَّ من أن نركز على نقاط القوة والنجاح، التي متى ما ركزنا عليها، كان النجاح حليفنا في الأعمال السينمائية..

وفي متابعة دقيقة لأحدث الأعمال السينمائية السعودية على الساحة يأتي فيلم «تشيللو» مبشرًا بمرحلة قادمة من الأعمال المميزة، لعدة أسباب:

أولها هو النص «السيناريو» المعد بطريقة احترافية ليعزز قاعدة ثابتة «إن أساس الفيلم يبدأ من السيناريو الجيد» بدءًا من الفكرة غير المكررة والحوارات المترابطة.

ثانيها هو الجماهيرية، ففي أول يوم عرض للفيلم وقبل بدء عرضه بخمس دقائق، كانت جميع المقاعد محجوزة، والجميع يبدو متأهبًا بحماس لرؤية الرواية «تشيللو) مصورة. مع العلم أن الرواية بالأصل حققت نجاحات ممتازة منذ طرحها في الأسواق، وكذلك وجود «قاعدة جماهيرية» مسبقة للكاتب نفسه في المقام الأول ساهم في تسلسل مراحل النجاح من مرحلة الورق المكتوب حتى مرحلة العرض المشاهد.

ثالثها هو الإعلان والترويج بالأسلوب المغاير والعكسي الذي اعتمده معالي المستشار تركي آل الشيخ، كاتب القصة والسيناريو، للترويج عن فيلمه بمنشورات «تويتر» تحت عبارة «لا تذهب»، «لا تشاهد» بأسلوبه المتجدد في كسر النمطية التي اعتادها الجماهير في التوجيه نحو المنتج..

رابعها المتعة البصرية والسمعية المنفذة بإتقان من المخرج العالمي «دارن لين بوسمان» لفكرة خيالية وازنت بين الهوية السعودية والإخراج العالمي بشكل مقنع وباهر في نفس الوقت؛ إذ لم يشكل الانتقال بين الزمانين لفترة 300 عام ما بين مدينة كريمونا في إيطاليا لعام1720 ، ثم في الرياض لعام2020 ، فجوة أو انتقالة فجة للمشاهد، بل نقله المخرج بشكل سلس ومنطقي ومترابط.

خامسها وأهمها هو وجودنا كسعوديين، ووجود معالم مدننا ولهجتنا وثقافتنا التي نعتز بها كثيرًا.

الفيلم أظهرنا كسعوديين من خلال الحوارات المكتوبة باللهجة السعودية في «السيناريو»، ونزولها إلى أرض الواقع في التعبير عن انفعالاتنا وغضبنا كسمة مشتركة تشكل هويتنا، سواء في حالة السب والشتم، أو في حالة الشكر والامتنان؛ ما شكل حالة من الضحك الجماعي في صالة السينما وتفاعلاً كلما تكررت بعض المفردات والشتائم وغوصها العميق والضروري لمفردات الحوار الواقعي والطبيعي الذي بسماعه نقول نعم نحن هؤلاء الذين تشاهدونهم على الشاشة هكذا ننفعل وهكذا نتصرف..

أحد أكثر المواقف العاطفية والمخالجة لمشاعر الانتماء والفخر التي تفاعل معها الجمهور في صالة السينما، هي محاولة التقاطهم للقطات المخرج الخارجية المتكررة لمدينة الرياض بأبراجها الشاهقة، وتكرار ارتفاع الأيادي لتصوير الآثار التاريخية في مدينة العُلا على مدى عرض الفيلم.

سادسها الأداء «التمثيل» الباهر من دون تكلف لكوكبة نجوم لهم مستقبل في سماء السينما العالمية. وعلى سبيل الإنصاف ما قامت به الممثلة «إلهام علي» في الدور ليس بالسهل ولا العادي؛ إذ بدت كالفراشة المتألقة بين مشهد وآخر دون تكلف.

الفيلم علامة فارقة في السينما السعودية، وأسلوب يدرس في النجاح، بدءًا من صناعته ورقيًا حتى مشاهدته سينمائيًا.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى