آراء

ملتقى النقد العرس و”العريس”

عبدالله الزيد

أبريل شهر الحب والحرب والريح والأكاذيب، وفي الخمسينيات كان هذا الشهر الرومنطيقي موعدًا لمقالة حزينة يرثي فيها «أندريه بازان» رفيق دربه في أندية سينما باريس “جان جاك أوريول”، وقد نشر بازان تلك المقالة على صفحات العدد الأول من مجلة «دفاتر السينما» حينما أصبح للنقاد مكان يلتقون فيه كما كتب ذلك – محتفلاً – المخرج والناقد “فرنسوا ترافوا”!

ومنذ ذلك الحين أدَّى النقد السينمائي دورًا استثنائيًا في تشكيل وتطور الحركة السينمائية الفرنسية والعالمية، بعد أن تولى أغلب هؤلاء النقاد دفة الإخراج السينمائي تاركين خلفهم تيارات «الموجة الجديدة» تدفع قوارب الفن السابع في بحر متلاطم كما هي لوحة «الموجة العاتية” لـ«كوربيت».

أستذكر مثل هذه التفاصيل الملهمة وأنا أكتب حروف مقالتي وسط ليوان بيت بريدة الثقافي في «ملتقى هيئة الأفلام للنقد السينمائي» وأرى أمامي الآن وجوه شباب وشابات القصيم العاشقين للسينما مختلطة بالحب والفرح والشغف، إذ لم يحلم أحد منهم يومًا أن يجلس كما أجلس أنا الآن أمام هذه الشاشة الضخمة تغطي واجهة جدران البيت النجدي بنقوشه الساحرة، على بُعد بضعة أمتار فقط من حي الصباخ التاريخي بنخيله الشامخة؛ لتعرض فيلمًا كان من سابع المستحيلات مجرد التفكير بعرضه في بريدة قبل سنوات قليلة فقط!

في هذا الملتقى واصلت هيئة الأفلام تمكين شباب وشابات السعودية الجديدة في مختلف أوجه الصناعة السينمائية، وهذا الملتقى النقدي كان -بالمناسبة – مجرد محطة لأحد برامج الهيئة النوعية، حيث صال الملتقى وجال قبل ذلك في المنطقة الشرقية، ثم منطقة عسير، ثم تبوك، ليحط اليوم رحاله في مدينة قوافل العقيلات، بثيمة تتناسب مع ثقافة المدينة «سينما الهجرة والرحيل»، حيث أقيم الملتقى قريبًا من سوق الجردة الأثري ببريدة؛ المطار الدولي لقوافل العقيلات في القرن التاسع عشر، حيث تنطلق جمالهم وتجوب بقاع الأرض.

إنني أحمل في صدري قيمة كبيرة لملتقى بريدة هذا، ليس فقط لأني أُعطيت فيه الفرصة للمشاركة وحسب، إنما لأنني التقيت فيه بشخص قضيت سنوات طويلة من عمري أقرأ له ولم أحظَ يومًا بشرف لقائه، إنه المتنوع والثري والموسوعي الذي كان عريس ملتقى بريدة النقدي الأستاذ «إبراهيم العريس»… فهل تصدقون؟ لقد كُتب اسمي المتواضع بجانب اسم شخص سبق أن عمل ما يقارب نصف قرن في تأسيس الحركة النقدية العربية وريادتها، وهو المثقف والفيلسوف والفنان والصحافي العتيد، ولذا كانت حقًا فرصة سعيدة بالنسبة لي.

ختامًا أقولها – بكل شفافية ووضوح – إن كل من ساهم في هذا الملتقى، تنظيمًا وتمويلاً ومحتوى، يستحقون الشكر والامتنان وعلى الأخص الفنان والسينمائي الجميل عبدالله العياف، شكرًا لك ولكافة موظفي هيئة الأفلام، والقصيم تنتظر منكم مثل هذه اللفتات الكريمة والمباركة؛ فلا تنسونا من صالح برامجكم سعادة الرئيس.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى