السعودية تتصدر إقليميًا سباق الذكاء الاصطناعي.. جاهزية حكومية تضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة عالميًا
الترند العربي – متابعات
تواصل المملكة العربية السعودية تثبيت موقعها كقوة إقليمية صاعدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعدما تصدرت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2025، الصادر عن مؤسسة Oxford Insights، أحد أكثر المؤشرات العالمية تأثيرًا في تقييم السياسات الرقمية وقدرة الدول على توظيف التقنيات المتقدمة في إدارة الشأن العام.
هذا التقدم لا يُعد إنجازًا رقميًا عابرًا، بل يعكس مسارًا استراتيجيًا طويل المدى تتبناه المملكة، يربط بين التحول الرقمي، والحوكمة الذكية، وبناء اقتصاد قائم على البيانات، في إطار رؤية السعودية 2030 التي وضعت الذكاء الاصطناعي في قلب مشاريعها التنموية.

مؤشر عالمي يقيس مستقبل الحكومات
يُعد مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي من أهم الأدوات الدولية التي تُقيّم مدى استعداد الدول لتبني هذه التقنيات في صياغة السياسات العامة وتقديم الخدمات الحكومية، حيث يشمل 195 دولة حول العالم، ويعتمد على مجموعة معايير دقيقة تتناول الحوكمة، والبنية التحتية الرقمية، والقدرات المؤسسية، ومستوى تبني القطاع العام للتقنيات الذكية.
ويهدف المؤشر إلى الإجابة عن سؤال محوري تواجهه الحكومات الحديثة، وهو مدى قدرتها على استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وفعالة تعزز التنمية وتُحسن جودة الحياة، دون الإخلال بالخصوصية أو العدالة أو الاستدامة.

الصدارة الإقليمية ورسائلها السياسية
تصدّر المملكة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا المؤشر يحمل دلالات سياسية وتنموية واضحة، إذ يؤكد أن التحول الرقمي في السعودية لم يعد مجرد مشاريع تقنية، بل أصبح جزءًا من منظومة صنع القرار الحكومي، وركيزة أساسية في إدارة الموارد، وتحسين الخدمات، ورفع كفاءة الأداء المؤسسي.
كما يعكس هذا التفوق قدرة المملكة على تحويل الرؤية الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة تقاس بمعايير دولية محايدة، وهو ما يعزز ثقة الشركاء الدوليين والمؤسسات العالمية في التجربة السعودية.

مراكز متقدمة عالميًا في الحوكمة والتطبيق
إلى جانب الصدارة الإقليمية، حققت المملكة المركز السابع عالميًا في محور الحوكمة، والمركز التاسع عالميًا في محور تبني القطاع العام للذكاء الاصطناعي، وهي مراكز متقدمة تعكس توازنًا واضحًا بين الجانب التنظيمي والتطبيقي.
محور الحوكمة يقيس قدرة الدولة على سنّ التشريعات والسياسات التي تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الذكية، بينما يقيس محور تبني القطاع العام مدى إدماج الذكاء الاصطناعي فعليًا في الخدمات الحكومية والعمليات الإدارية، وليس الاكتفاء بالإطار النظري.
سدايا.. العقل المنظم للتحول الذكي
يأتي هذا الإنجاز في ظل الدور المحوري الذي تلعبه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، التي تحولت خلال فترة وجيزة إلى واحدة من أبرز الجهات الحكومية عالميًا في تنظيم وتطوير هذا القطاع الحيوي.
وتحظى “سدايا” بدعم مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة الهيئة، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي تنافسي، يجعل من البيانات والذكاء الاصطناعي أدوات رئيسية في التنمية المستدامة.
بنية تحتية رقمية بمعايير عالمية
أبرز تقرير Oxford Insights أن من أهم أسباب التفوق السعودي امتلاك المملكة لبنية تحتية رقمية متقدمة، تشمل مراكز بيانات حديثة، وشبكات اتصال عالية الكفاءة، ومنصات وطنية قادرة على استيعاب تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق استخدامها.
هذه البنية لا تخدم فقط الجهات الحكومية، بل تمثل أساسًا لنمو القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات التقنية، وتوطين الصناعات الرقمية، بما يعزز من موقع المملكة في الاقتصاد العالمي الجديد.
منصات وطنية تقود الابتكار
أشار التقرير إلى دور المنصات الوطنية الرائدة، وفي مقدمتها شركة “هيوماين”، في تسريع تبني الأنظمة الذكية، وتطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي تلبي احتياجات المجتمع والقطاعات الحكومية المختلفة.
وتُعد هذه المنصات نموذجًا للتكامل بين القطاعين العام والخاص، حيث تجمع بين الابتكار التقني، والحوكمة الرشيدة، والاستجابة لاحتياجات المستخدمين، في بيئة تنظيمية مرنة تشجع التجريب والتطوير.
الذكاء الاصطناعي في قلب الخدمات الحكومية
لم يعد الذكاء الاصطناعي في المملكة مفهومًا مستقبليًا أو مشروعًا تجريبيًا، بل أصبح جزءًا من واقع الخدمات الحكومية، بدءًا من تحليل البيانات الضخمة، مرورًا بأتمتة الإجراءات، ووصولًا إلى تحسين تجربة المستفيد، واتخاذ قرارات أكثر دقة وسرعة.
ويُسهم هذا التحول في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتقليل الهدر، وتعزيز الشفافية، وهو ما ينعكس مباشرة على جودة الحياة وثقة المواطن في المؤسسات العامة.
بعد اقتصادي يتجاوز التقنية
يحمل هذا التقدم بعدًا اقتصاديًا مهمًا، إذ يعزز من قدرة المملكة على جذب الاستثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والتقنيات المتقدمة، ويُرسّخ مكانتها كمركز إقليمي للابتكار الرقمي.
كما يدعم جهود تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، من خلال خلق فرص عمل نوعية، وتنمية المهارات الوطنية، وبناء منظومة اقتصادية قائمة على المعرفة.
الذكاء الاصطناعي ورؤية 2030
يتقاطع هذا الإنجاز بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي وضعت التحول الرقمي والابتكار في صدارة أولوياتها، باعتبارهما أدوات رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز التنافسية، وبناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر.
ويؤكد التقدم في مؤشر جاهزية الحكومات أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذه الرؤية، من خلال سياسات متكاملة تجمع بين الطموح والواقعية، والتخطيط طويل المدى والتنفيذ المرحلي.
نموذج سعودي يُحتذى به إقليميًا
أصبح النموذج السعودي في الذكاء الاصطناعي مرجعًا للعديد من الدول في المنطقة، التي تسعى للاستفادة من التجربة في بناء أطرها التنظيمية، وتطوير بنيتها الرقمية، وتسريع تبني التقنيات الحديثة.
ويعزز هذا الدور الريادي من حضور المملكة في المحافل الدولية، ويمنحها صوتًا مؤثرًا في صياغة مستقبل الحوكمة الرقمية على المستوى العالمي.
تحديات المستقبل وفرصه
رغم هذا التقدم اللافت، لا تغفل المملكة عن التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل حماية الخصوصية، وضمان العدالة الخوارزمية، وتأهيل الكوادر الوطنية، وهو ما تعمل عليه من خلال سياسات واضحة، وبرامج تدريبية، وشراكات دولية.
وتُمثل هذه التحديات في الوقت نفسه فرصًا لتطوير منظومة متكاملة تجعل من الذكاء الاصطناعي أداة تمكين لا مصدر قلق، وهو ما يعزز من استدامة هذا التقدم على المدى الطويل.
ما هو مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي؟
هو مؤشر عالمي يصدر عن مؤسسة Oxford Insights ويقيس قدرة الدول على تبني وتوظيف الذكاء الاصطناعي في السياسات العامة والخدمات الحكومية.
كم دولة يشملها المؤشر؟
يشمل المؤشر 195 دولة حول العالم.
ما ترتيب السعودية إقليميًا في مؤشر 2025؟
حلّت المملكة في المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ما ترتيب السعودية عالميًا في الحوكمة؟
جاءت في المركز السابع عالميًا في محور الحوكمة.
ما الجهة الوطنية المسؤولة عن قيادة هذا التحول؟
الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”.
كيف يرتبط هذا الإنجاز برؤية 2030؟
يدعم مستهدفات الرؤية في التحول الرقمي، وتحسين الخدمات الحكومية، وبناء اقتصاد قائم على البيانات والابتكار.
اقرأ أيضًا: من الرباط إلى حلم اللقب.. المغرب يفتتح كأس الأمم الإفريقية بثنائية تؤكد الجاهزية

