رياضةرياضة سعودية

العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة

الترند العربي – متابعات

في مشهد رياضي جمع بين الصلابة البدنية وجمال الطبيعة وقوة التحدي، خطف الفارس فيصل العصيمي الأضواء بتتويجه بطلاً لكأس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية للقدرة والتحمل، في السباق الذي احتضنته محافظة العلا، ليؤكد أن رياضة الفروسية السعودية تدخل مرحلة جديدة من الاحتراف والتنافس العالمي.

السباق، الذي نُظّم بالشراكة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا والاتحاد السعودي للفروسية، لم يكن مجرد منافسة رياضية، بل حدثًا متكاملًا عكس تطور البنية التنظيمية لرياضات القدرة والتحمل في المملكة، وقدرتها على استضافة بطولات عالية المستوى، وسط بيئة طبيعية استثنائية.

العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة
العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة

مسار طويل وتحدٍّ استثنائي

أقيم السباق على مسافة 120 كيلومترًا، قُسّمت على أربع مراحل، في اختبار حقيقي لقدرة الفرسان وجيادهم على التحمل، والسرعة، والانضباط التكتيكي. منذ الساعات الأولى لانطلاق السباق عند السابعة صباحًا، بدا واضحًا أن المنافسة ستكون شرسة، مع تقارب المستويات وارتفاع الجاهزية البدنية والفنية للمشاركين.

العلا، بتضاريسها المتنوعة ومساراتها المفتوحة، أضفت على السباق طابعًا خاصًا، حيث امتزجت الرمال بالهضاب، والسرعة بالحذر، في لوحة رياضية نادرة تجمع بين القسوة والجمال.

العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة
العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة

العصيمي و”دوق”.. ثنائية الحسم

استطاع فيصل العصيمي، رفقة جواده “دوق”، أن يحسم اللقب بعد أداء متوازن جمع بين الجرأة والحسابات الدقيقة. وبلغ معدل سرعته 23.142 كم/ساعة، وهو رقم يعكس قدرة عالية على الحفاظ على الإيقاع طوال المراحل الأربع، دون الوقوع في أخطاء الاندفاع المبكر أو التراجع في الأمتار الأخيرة.

العصيمي لم يترك الحسم للصدفة، بل أدار السباق بذكاء، مستفيدًا من خبرته في سباقات القدرة، ومراقبًا منافسيه عن قرب، قبل أن يفرض نفسه في المرحلة الأخيرة، ويعبر خط النهاية بطلاً للكأس.

العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة
العصيمي يتوّج بذهب العلا.. كأس القدرة والتحمل يرسم ملامح فروسية سعودية جديدة

منافسة حتى الثانية الأخيرة

اللقب لم يكن سهل المنال، فالفارس حسن بامانع كان قريبًا جدًا من انتزاع الصدارة، بعدما حلّ ثانيًا بفارق 28 ثانية فقط، رفقة الفرس “DJALIK DE FIGNOLS”، وبمعدل سرعة بلغ 23.108 كم/ساعة. هذا الفارق الضئيل يعكس حجم التنافس، ويؤكد أن السباق ظل مفتوحًا حتى اللحظات الأخيرة.

أما المركز الثالث، فكان من نصيب الفارس عبدالعزيز السيالي على الجواد “GAIA DE MORGANE”، بمعدل سرعة 22.148 كم/ساعة، ليكمل منصة التتويج في سباق اتسم بالقوة والندية.

العلا.. مسرح الفروسية الحديثة

اختيار محافظة العلا لاستضافة السباق لم يكن عابرًا، فالمنطقة باتت واحدة من أبرز الوجهات الرياضية والسياحية في المملكة، بفضل ما تمتلكه من بنية تحتية متطورة، وطبيعة جغرافية مثالية لرياضات الهواء الطلق.

السباق قدّم صورة متكاملة عن قدرة العلا على احتضان بطولات كبرى، ليس فقط من حيث التنظيم، بل من حيث التجربة الشاملة للرياضيين والجمهور، وهو ما يعزز مكانتها كمركز إقليمي ودولي للفعاليات الرياضية النوعية.

تنظيم يعكس احترافية متقدمة

الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بالتعاون مع الاتحاد السعودي للفروسية، قدّمت نموذجًا تنظيميًا لافتًا، سواء في إدارة المسارات، أو في الجوانب الطبية والبيطرية، أو في تطبيق معايير السلامة الدولية.

هذا المستوى من التنظيم يعكس حجم الاستثمار الذي توليه المملكة لتطوير رياضات الفروسية، وجعلها جزءًا من منظومة الرياضة الاحترافية، القادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا.

سباقات موازية تعزّز الزخم

إلى جانب السباق الرئيسي لمسافة 120 كم، شهدت الفعالية إقامة سباق دولي لمسافة 100 كم، إضافة إلى سباقين تأهيليين محليين لمسافتي 40 و80 كم، ما أتاح الفرصة لمشاركة واسعة من الفرسان، بمختلف مستوياتهم، وأسهم في رفع الزخم التنافسي للحدث.

هذه السباقات الموازية تعكس استراتيجية واضحة لتوسيع قاعدة الممارسين، وصقل المواهب، وخلق مسار تدريجي يؤهل الفرسان المحليين للمنافسات الكبرى.

القدرة والتحمل.. رياضة صاعدة بقوة

رياضة القدرة والتحمل تشهد في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا في المملكة، مدفوعة بالدعم المؤسسي، وتطور البنية التحتية، وارتفاع الوعي بأهميتها كرياضة تجمع بين اللياقة البدنية، والانسجام مع الجواد، والقدرة على اتخاذ القرار تحت الضغط.

التتويج الذي حققه فيصل العصيمي يأتي في سياق هذا التحول، ويعكس ثمار العمل المتواصل لتطوير هذه الرياضة، سواء على مستوى التدريب أو المنافسات.

فرسان السعودية.. حضور متصاعد

المستوى الذي ظهر به الفرسان المشاركون في السباق يؤكد أن الفروسية السعودية لم تعد تعتمد على أسماء محدودة، بل باتت تمتلك قاعدة عريضة من الفرسان القادرين على المنافسة في سباقات طويلة ومعقدة.

التقارب في الأزمنة، وارتفاع معدلات السرعة، يشيران إلى تطور واضح في الجوانب الفنية والبدنية، وهو ما يبشر بمستقبل واعد لهذه الرياضة على الساحة الدولية.

رسالة رياضية تتجاوز التتويج

بطولة العصيمي لا تُختزل في كأس أو لقب، بل تحمل رسالة أوسع تتعلق بثقافة التحدي، والانضباط، والعمل طويل النفس، وهي قيم تتقاطع مع رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع نشط، وتعزيز حضور الرياضة كجزء من نمط الحياة.

كما أن إقامة البطولة تحت مظلة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية يعكس توجهًا استراتيجيًا لدمج الرياضات المختلفة ضمن منظومة موحدة، قائمة على الاحتراف والحوكمة.

العلا بين الرياضة والسياحة

الحدث لم يكن رياضيًا فحسب، بل شكّل أيضًا نافذة سياحية، حيث استقطب الزوار والمتابعين، وعرّفهم على طبيعة العلا الفريدة. هذا الدمج بين الرياضة والسياحة يمثل أحد أبرز ملامح التوجه السعودي في استثمار الفعاليات الكبرى لتعزيز الاقتصاد المحلي، والتعريف بالمقومات الوطنية.

نحو بطولات أكبر

نجاح كأس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية للقدرة والتحمل يفتح الباب أمام استضافة بطولات أكبر وأكثر تنوعًا في المستقبل، سواء على المستوى القاري أو الدولي، خاصة في ظل الجاهزية التنظيمية، وتوافر المواقع الطبيعية المناسبة.

من الفائز بكأس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية للقدرة والتحمل؟
الفارس فيصل العصيمي، رفقة الجواد “دوق”.

أين أُقيم السباق؟
في محافظة العلا، بتنظيم من الهيئة الملكية لمحافظة العلا وبالشراكة مع الاتحاد السعودي للفروسية.

ما مسافة السباق الرئيسي؟
120 كيلومترًا، مقسّمة على أربع مراحل.

كم بلغ معدل سرعة الفائز؟
23.142 كم/ساعة.

هل أُقيمت سباقات أخرى ضمن الفعالية؟
نعم، أُقيم سباق دولي لمسافة 100 كم، وسباقان تأهيليان محليان لمسافتي 40 و80 كم.

في المحصلة، لم يكن تتويج فيصل العصيمي مجرد لحظة مجد فردي، بل عنوانًا لمرحلة جديدة تعيشها فروسية القدرة والتحمل في المملكة، مرحلة تتقاطع فيها الاحترافية الرياضية مع الطموح الوطني، وتؤكد أن العلا لم تعد فقط متحفًا مفتوحًا للتاريخ، بل ساحة مفتوحة للإنجاز الرياضي.

اقرأ أيضًا: ابتسامة تتجاوز الجسد.. كيف حوّل أنس التركي الإعاقة إلى مشروع حياة بالتقنية والإيمان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى