العُلا… تتصدر العالم وتتوج بأرفع جائزة للسياحة الثقافية لعام 2025
الترند العربي – متابعات
بخطوة جديدة تعزز مكانة المملكة العربية السعودية على خارطة السياحة العالمية، حصدت محافظة العُلا جائزة أفضل مشروع للسياحة الثقافية في العالم لعام 2025 ضمن جوائز السفر العالمية. هذا الإنجاز الكبير لا يمثل مجرد تكريم سياحي عابر، بل شهادة دولية تؤكد أن العُلا أصبحت اليوم واحدة من أبرز الوجهات الثقافية والتراثية على مستوى العالم، وأن ما تحقق في السنوات الأخيرة لم يكن تطويرًا سياحيًا فقط، بل إعادة اكتشاف حقيقية لمدينة تحمل في قلبها إرثًا إنسانيًا يمتد لآلاف السنين. ومع حصد الجائزة العالمية الأرفع، يدخل اسم العُلا مرحلة جديدة في مسار التحول السياحي للمملكة، ويصبح عنوانًا للتجارب الثقافية الفريدة التي لا تشبه أي تجربة أخرى في المنطقة.

جائزة عالمية تغيّر المشهد السياحي
جوائز السفر العالمية تعد إحدى أهم منصات التكريم في صناعة السياحة، وهي بمثابة المعيار الذهبي للاحتفاء بالتميّز. منذ إطلاقها عام 1993، أصبحت هذه الجوائز أشبه بختم جودة عالمي يمنح الوجهات الفائزة مكانة مميزة لدى المسافرين وشركات السياحة والمستثمرين حول العالم. الحصول على لقب أفضل مشروع للسياحة الثقافية في العالم ليس أمرًا عاديًا؛ فهو ناتج عن تقييم دقيق من نخبة الخبراء، ومن التنفيذيين الدوليين، ومن وكلاء السفر ومنظمي الرحلات. وهذا ما يجعل فوز العُلا بهذه الجائزة حدثًا لافتًا يعكس قدرتها على المنافسة مع مدن تاريخية عالمية تمتد جذورها إلى آلاف السنين مثل روما، أثينا، كيوتو، وبترا.

لماذا العُلا؟ سؤال تجيب عنه التجربة
العُلا ليست مجرد موقع تاريخي، بل لوحة طبيعية مبهرة تجمع بين الجبال الرملية، الصخور المنحوتة، النخيل الممتد، والسكون الذي يروي قصص حضارات تعاقبت منذ 200 ألف عام. إنها موطن أول موقع سعودي ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، موقع الحِجر الذي يحتفظ بأكثر من مئة مدفن نبطي منحوت ببراعة فائقة في الجبال. لكن ما يجعل العُلا مختلفة ليس فقط معالمها التاريخية، بل أسلوب تقديم هذا التاريخ للزوار. فالزائر في العُلا لا يمر أمام المعالم مرورًا سريعًا، بل يدخل في تجربة غامرة تتكامل فيها السرديات التاريخية مع الفنون، الموسيقى، المسارات الطبيعية، الرواية البصرية، والتقنيات التفاعلية الحديثة. هذه الدقة في البناء التجريبي جعلت العُلا نموذجًا عالميًا للسياحة الثقافية التي تعتمد على الحكاية، والعمق، والمعنى، وليس على المعالم وحدها.

الحِجر… قلب العُلا الذي لا يزال ينبض
يُعد موقع الحِجر آخر ما تبقى من مملكة الأنباط خارج الأردن، وهو الموقع الذي أسهم بشكل كبير في ترسيخ مكانة العُلا عالميًا. المدافن النبطية المنحوتة في الجبال ليست مجرد آثار، بل شاهد حي على عبقرية الإنسان القديم في النحت، والتصميم، والهندسة. هذه المدافن تكشف عن طبقات من التاريخ، وعن حياة حضارة ازدهرت قبل أكثر من ألفي عام، وكانت مركزًا تجاريًا مهمًا على طريق القوافل بين جنوب الجزيرة وشمالها. وقد طورت الهيئة الملكية للعُلا الموقع ليصبح تجربة متكاملة تبدأ بالرواية التاريخية، مرورًا بالمسارات التعليمية، والعروض الصوتية والضوئية، وصولًا إلى التجارب الليلية التي تمنح الزائر إحساسًا عميقًا بالزمن.

إرث يمتد لآلاف السنين… رؤية معاصرة لإحياء التاريخ
تاريخ العُلا ليس مجرد حقبة واحدة، بل سلسلة من الحضارات التي تعاقبت على وديانها وجبالها. تعود جذور وجود الإنسان فيها إلى أكثر من 200 ألف عام، بينما يمتد تاريخ الحضارات فيها إلى 7 آلاف عام، بدءًا من الدادانيين واللحيانيين والنبطيين وصولًا إلى الحضارة الإسلامية. هذا العمق التاريخي يُعاد تقديمه اليوم بطريقة مبتكرة تجعل التراث مادة حية. فالهيئة الملكية للعُلا تعتمد على منهجية حديثة تقوم على إحياء التراث بدلاً من مجرد ترميمه. يتم دمج الفنون في المواقع التاريخية، وتقديم عروض سردية تعكس حياة الناس في تلك الحقبة، وإشراك الزوار في التجربة بحيث يصبح المشاهد جزءًا من الحكاية وليس مجرد متفرج.

الفنون بوابة جديدة لفهم التاريخ
الفنون في العُلا أصبحت إحدى أهم ركائز التجربة الثقافية. فالمهرجانات الفنية مثل مهرجان العُلا للفنون، ومهرجان الفنون في الهواء الطلق، وتجارب “وادي الفن” التي تحتضن منحوتات عالمية موزعة على مساحات طبيعية شاسعة، أعادت تعريف العلاقة بين الإنسان والطبيعة. الفن هنا ليس مجرد عنصر تزييني، بل وسيلة لفهم المكان، ورؤية التاريخ بطريقة جديدة. وعبر منصات العروض الموسيقية مثل قاعة مرايا الشهيرة، أصبح للفن دور محوري في تعزيز الهوية الثقافية للعُلا، حيث تستضيف القاعة نخبة الفنانين العالميين في مساحة معمارية فريدة تُعد أعجوبة هندسية مكسوة بالكامل بالمرآة.
مرايا… أيقونة العُلا المعمارية
لا يمكن الحديث عن العُلا دون ذكر مبنى مرايا، الذي دخل موسوعة غينيس كأكبر مبنى مكسو بالمرايا في العالم. هذا المبنى العملاق يعكس الطبيعة المحيطة به بطريقة تجعل الزائر يشعر بأنه داخل عمل فني حي. مرايا ليست مجرد صالة حفلات، بل رمز لهوية العُلا الجديدة التي تمزج بين الابتكار والبيئة الطبيعية، وبين الحداثة والانسجام مع الجبال التي تحيط بالمكان من كل جانب. وقد استضافت القاعة حفلات عالمية وفعاليات دولية، وأسهمت في وضع العُلا ضمن أهم وجهات الفنون والثقافة في الشرق الأوسط.
برنامج لحظات العُلا… موسم يمتد طوال العام
من أبرز أسباب نجاح العُلا عالميًا برنامج “لحظات العُلا” الذي يقدم سلسلة من الفعاليات والمهرجانات الممتدة على مدار العام. هذه الفعاليات لا تستهدف السياح فقط، بل تعزز العلاقة بين السكان والمكان، وتخلق حراكًا ثقافيًا مستمرًا يشمل:
عروض الموسيقى الكلاسيكية
مهرجانات التذوق
فعاليات المغامرات الصحراوية
الجولات الليلية في الحِجر
المعارض التاريخية
العروض الفنية الخارجية
سباقات الجري في الوديان
رياضات الهواء الطلق
هذا الزخم المستمر جعل من العُلا وجهة دائمة وليست موسمية، وهو عنصر مهم في ملف الجائزة العالمية.
الطبيعة… جزء من التجربة الثقافية
العُلا ليست مجرد آثار وحكايات، بل جزء من جمالها يكمن في طبيعتها النادرة. الجبال الرملية التي تجري بينها الظلال، والتكوينات الصخرية التي تتخذ أشكالًا هندسية طبيعية مذهلة، والوديان الخضراء التي تمتد بين الصحراء. هذه الطبيعة تمثل عنصرًا أساسيًا في التجربة السياحية، خاصة مع تطوير مسارات للمشي، ومسارات للمغامرات، ورحلات للاستكشاف، وتجارب فريدة مثل الطيران الشراعي، وركوب الدراجات الجبلية، والرحلات الليلية تحت سماء مرصعة بالنجوم. الطبيعة في العُلا ليست خلفية للمشهد، بل جزء من المشهد نفسه.
الاقتصاد الثقافي… مكاسب تتجاوز السياحة
تكمن أهمية مشروع العُلا في أنه ليس مشروعًا سياحيًا فقط، بل مشروع اقتصادي وثقافي متكامل. تطوير العُلا خلق فرص عمل للسكان المحليين، وساهم في دعم الحرف التقليدية، وتنشيط الصناعات الصغيرة، وتعزيز الاستثمار في السياحة والفنون والتعليم. كما أصبح المشروع نموذجًا عالميًا للتنمية المستدامة التي تعتمد على الثقافة والتراث كمحرّكات رئيسية للنمو الاقتصادي، بدل الاعتماد على القطاعات التقليدية فقط.
السعودية ومكانتها الجديدة في السياحة العالمية
مع فوز العُلا بالجائزة العالمية، تؤكد المملكة أنها أصبحت لاعبًا رئيسيًا في صناعة السياحة الثقافية. رؤية السعودية 2030 وضعت الثقافة والتراث ضمن ركائز التطور الاقتصادي، والعُلا تمثل أحد أهم مشاريع هذه الرؤية. التطور السريع في البنية التحتية، وفتح التأشيرات السياحية، وتنظيم الفعاليات العالمية، وتحسين جودة التجارب السياحية، كلها عوامل جعلت السعودية تدخل قائمة الوجهات الأكثر نموًا في العالم.
لماذا اختار الخبراء العُلا؟ تحليل لأسس الفوز
إن اختيار العُلا ليس صدفة، بل نتيجة لمجموعة عناصر أبرزها:
الابتكار في تقديم التجربة الثقافية
الحفاظ على التراث بأساليب غير تقليدية
التوازن بين التطوير والبيئة الطبيعية
تنوع التجارب المقدمة على مدار العام
جودة الخدمات السياحية وارتفاع رضا الزوار
البصمة العالمية لمشاريع مثل مرايا والحِجر
التكامل بين الفن والعمارة والطبيعة
هذه العناصر وضعت العُلا في صدارة مشاريع السياحة الثقافية عالميًا.
المستقبل… كيف ستستثمر العُلا هذا الإنجاز؟
الفوز بالجائزة العالمية لعام 2025 ليس نهاية الطريق، بل بدايته. فالعُلا تستعد لإطلاق مشاريع جديدة تشمل مسارات سياحية متطورة، برامج تعليمية عن التراث، تطوير واحات زراعية تاريخية، وتحويل تجربة الزائر إلى تجربة أكثر عمقًا باستخدام تقنيات الواقع الممتد والسرد القصصي الرقمي. كما تستعد لاستقبال مزيد من الفعاليات الموسيقية والفنية العالمية التي تعزز جاذبيتها كوجهة ثقافية أولى في المنطقة.
ختامًا… العُلا ليست مجرد مدينة، بل قصة تُروى للعالم
إن تتويج العُلا كأفضل مشروع للسياحة الثقافية في العالم لعام 2025 هو تتويج لقصة طويلة من العمل، والرؤية، والاهتمام بالتفاصيل. قصة مدينة احتفظت بتاريخها آلاف السنين، ثم عادت لتظهر للعالم بشكل جديد، تحتضن الماضي وتبتسم للمستقبل. ومع استمرار مشاريع التطوير والاهتمام الثقافي، يبدو أن العُلا ماضية في طريقها لتصبح واحدة من أهم الوجهات الثقافية على هذا الكوكب، ليس فقط لأنها جميلة، بل لأنها تملك القدرة على سرد الحكاية… حكاية الإنسان في أجمل فصوله.
ما الذي يميز العُلا عن غيرها من الوجهات السياحية الثقافية؟
تميز العُلا يقوم على الجمع بين التراث العميق والطبيعة الساحرة ورؤية حديثة لتقديم التجربة الثقافية بطريقة غامرة ومعاصرة.
هل يمكن زيارة مواقع العُلا التاريخية طوال العام؟
نعم، تقدم العُلا فعاليات وتجارب متنوعة على مدار العام ضمن برنامج لحظات العُلا.
هل تُعد العُلا مناسبة للسياحة العائلية؟
بالتأكيد، فهي تقدم تجارب خاصة للأطفال، ومسارات تعليمية، ومغامرات صحراوية تناسب كل الفئات.
كيف تستعد العُلا للمستقبل بعد الجائزة؟
تستعد لإطلاق مشاريع أكثر تطورًا في مجالات التراث، والفنون، والضيافة، والاستدامة البيئية.
اقرأ أيضًا: مشاهد مهيبة من ضباء والوجه وأملج… السيول ترسم أعظم لوحات الطبيعة وتتدفق بقوة نحو البحر الأحمر

