أكثر من 13.9 مليون عمرة في شهر واحد.. موسم استثنائي يعكس جاهزية المملكة ورؤية العبور نحو خدمة 30 مليون معتمر سنويًا
الترند العربي – متابعات
تشهد المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر مراحل التطور تسارعًا في منظومة الحج والعمرة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما تؤكده الأرقام الضخمة التي أعلنتها وزارة الحج والعمرة والهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بتسجيل أكثر من 13.9 مليون مرة أداء للعمرة خلال شهر جمادى الأولى فقط، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم الجاهزية التشغيلية، وتقدم البنية الخدمية، وتنامي الطلب العالمي على زيارة الحرمين الشريفين. وفي الوقت نفسه، تتجاوز أهمية هذا الرقم كونه مؤشرًا عدديًا، ليصبح شاهدًا على تحول شامل في قدرة المملكة على إدارة الحشود، والتسهيلات الرقمية، والاستعدادات الميدانية، والبيئة الروحانية التي تستقبل الملايين يوميًا.

قراءة معمّقة في أرقام جمادى الأولى
توضح الإحصاءات الرسمية أن عدد المعتمرين القادمين من خارج المملكة خلال شهر واحد فقط تجاوز 1.7 مليون معتمر، يمثلون عشرات الجنسيات من مختلف قارات العالم. ويعكس هذا الرقم اتساع نطاق الاستفادة من التسهيلات التي وفرتها المملكة عبر التأشيرات الإلكترونية والسياحية وتأشيرات العمرة، إلى جانب العروض الجوية الموسّعة، وتطوير المطارات، ورفع الطاقة التشغيلية لرحلات الوصول إلى جدة والمدينة المنورة. ويشير المراقبون إلى أن هذه القفزة لم تكن لتتحقق لولا توسع القدرات الاستيعابية للحرمين الشريفين ومرونة الاستجابة التشغيلية.

التحول الرقمي في خدمة ضيوف الرحمن
لم يعد أداء العمرة رحلة معقدة أو طويلة كما كانت في العقود الماضية؛ إذ أصبحت التجربة اليوم مدعومة بأنظمة إلكترونية تكاملية تشمل الحجز، وتنظيم المواعيد، وإدارة الحشود، ومراقبة الحالة التشغيلية في الحرم لحظة بلحظة. ويعد تطبيق “نسك” أحد أبرز الأدوات التي أحدثت نقلة في آلية التخطيط لرحلة العمرة، إذ يسمح للمعتمر بإتمام الإجراءات كافة قبل السفر، وحجز أوقات زيارة الروضة الشريفة، والاطلاع على خيارات النقل والسكن. كما أن التطوير الذي شهدته المنظومات الرقمية للحرمين الشريفين جعل عملية الدخول والخروج والخدمات الميدانية أكثر انسيابية، مع تقليص أوقات الانتظار وتسهيل الحركة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.

كفاءة تشغيلية تتسع لملايين الزوار
تقدّم المملكة نموذجًا عالميًا في إدارة الحشود، وهو ما يتكرر سنويًا خلال مواسم الحج، ويتواصل طوال العام في العمرة. وتعتمد الجهات المعنية على أنظمة ذكية لرصد كثافة الزوار، وتوجيههم ضمن مسارات محددة وفق مستويات الازدحام، بما يحافظ على سلامة وأمان الجميع. كما أن الفرق الميدانية المنتشرة في ساحات الحرمين تعمل وفق خطط استباقية للتعامل مع ارتفاع الموجات الزائرة، خصوصًا في أوقات الذروة خلال المساء وبين صلاتي المغرب والعشاء.
توسعات الحرمين ودور البنية التحتية الجديدة
شهدت مكة المكرمة والمدينة المنورة سلسلة مشاريع توسعية ضخمة في العقد الماضي، أتاحت رفع الطاقة الاستيعابية للمعتمرين. فالمساحات الأفقية والرأسية في ساحات الحرم توسعت، والممرات أصبحت أكثر رحابة، وأنظمة التكييف والتظليل تغطي مساحات أكبر، وهو ما جعل القدرة على استقبال أكثر من مليون زائر يوميًا في بعض الأيام أمرًا طبيعيًا. كما أن مشاريع النقل الداخلي، ومنها قطار الحرمين السريع ومحطات الحافلات المحسّنة، أسهمت في تخفيف الازدحام وتحسين عملية التنقل من وإلى الحرمين.
رؤية المملكة 2030.. العمرة كقطاع استراتيجي
وضعت رؤية المملكة 2030 خدمة ضيوف الرحمن في قلب أهدافها الأساسية، باعتبارها ركيزة إنسانية وروحية واقتصادية وثقافية. ويستهدف برنامج خدمة ضيوف الرحمن رفع عدد المعتمرين إلى 30 مليون معتمر سنويًا، وهو هدف لا يبدو بعيدًا في ظل الأرقام الحالية التي تتجاوز 13.9 مليون عمرة في شهر واحد فقط. كما تهدف الرؤية إلى تقديم تجربة روحية راقية متكاملة، تتجاوز أداء المناسك إلى أن تكون زيارة ذات قيمة معرفية وروحانية عميقة.
البعد الاقتصادي لقطاع العمرة
يُعد قطاع العمرة أحد أهم المحركات الاقتصادية للمدينتين المقدستين، حيث ينعكس نشاطه في حركة الفنادق، والنقل، وتجارة الهدايا، والأسواق المحلية، والقطاعات المساندة. ومع زيادة أعداد الزوار، تتزايد الفرص الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتظهر العديد من الخدمات المبتكرة التي تدعم التجربة مثل خدمات المرشدين متعددَي اللغات، وحلول النقل الذكية، وبرامج الضيافة الممتدة.
تسهيلات كبيرة لزوار الخارج
تشير الإحصاءات إلى أن المعتمرين الذين يدخلون المملكة اليوم يستفيدون من سلسلة واسعة من الخدمات المحسّنة، تشمل سرعة إنهاء الإجراءات في المنافذ الجوية، ودعم متقدم للرحلات الدولية، وخدمات نقل بين المطارات والمدن المقدسة. وتستخدم الجهات المشغلة تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد أنماط الوصول والتنبؤ بذروة الحركة، مما يساعد على الاستعداد المسبق وتوزيع فرق التشغيل وفق الحاجة.
المرأة وكبار السن.. مسارات مخصصة وتجربة أكثر راحة
خصصت الجهات المعنية مسارات وخدمات إضافية لكبار السن من زوار الحرمين الشريفين، مراعيةً احتياجاتهم في الحركة والتنقل. كما أصبحت العديد من الخدمات متاحة للمعتمرة من خلال مسارات لائقة تحترم الخصوصية، مع فرق ميدانية نسائية مؤهلة للتوجيه والإرشاد في ساحات الحرم.
التوعية والإرشاد اللغوي
شهدت الفترة الماضية توسعًا في عدد المواد الإرشادية بلغات متعددة، سواء عبر التطبيقات الرقمية أو اللوحات الذكية أو من خلال المتطوعين المنتشرين في مختلف النقاط. وتسعى هذه الخدمات إلى توصيل المعلومات الأساسية حول أداء المناسك، وتعليمات السلامة، والطرق المثلى للتعامل مع ازدحام الطواف والسعي.
الاستدامة البيئية في الحرمين
تعمل الجهات المعنية على إدخال عناصر الاستدامة في منظومة العمرة، بما يشمل تقليل الانبعاثات الناتجة عن الحافلات من خلال الانتقال إلى أسطول أكثر كفاءة، وترشيد استهلاك المياه، وإعادة تدوير النفايات في منشآت الحرمين. وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية بيئية موسعة تهدف إلى جعل مكة والمدينة بيئتين مستدامتين متكاملتين.
الأمن الصحي ومراقبة الأمراض
من الدروس التي استخلصتها المملكة من الجائحة العالمية الأخيرة، تعزيز الأنظمة الصحية داخل الحرمين الشريفين. ولذا تنتشر فرق طبية وإسعافية على مدار الساعة، مع جاهزية كاملة للتعامل مع حالات الإرهاق الحراري أو الإجهاد البدني أو الحالات الطارئة. وتتم متابعة الحالات الصحية في الحرمين من خلال منظومة استجابة طبية تعتبر من الأكثر تطورًا في المنطقة.
الاستجابة السريعة.. ثقافة تشغيل متكاملة
تقوم فرق إدارة الحشود على تحليل الحركة بصورة مستمرة عبر كاميرات ذكية وأنظمة قياس الكثافة، ويتم إصدار توجيهات ميدانية لحظية. وبينما كانت إدارة هذه الأعداد الكبيرة قبل سنوات تتطلب جهدًا بشريًا مضاعفًا، أصبحت اليوم تعتمد على تقنيات ترفع دقة التعامل وتسرّع الاستجابة.
تجربة العمرة في المواسم الهادئة.. خيار عالمي مفضل
أصبح كثير من المسلمين حول العالم يفضلون أداء العمرة خلال المواسم التي تسبق رمضان أو في الفترات الهادئة من العام، نظرًا لانخفاض الازدحام وثراء التجربة الروحانية. وتؤكد شركات السياحة العالمية أن الطلب على العمرة خارج المواسم التقليدية ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
التطوير المستمر للمنظومة التشريعية
تعمل الجهات المختصة على تحديث الأنظمة الخاصة بتراخيص خدمات العمرة، مع فرض معايير أعلى على شركات النقل والضيافة، وضمان جودة خدمة المرشدين، واعتماد معايير قياس رضا الزوار، وهو ما أدى إلى رفع جودة التجربة وتقليل المخالفات التشغيلية.
المستقبل المتوقع لمنظومة العمرة
مع الاتجاه القوي للتوسع في البنية التحتية، وتطوير مطارات العمرة، وتحسين جودة الخدمات الميدانية، يُتوقع أن تشهد المملكة موجة جديدة من الارتفاع في أعداد المعتمرين، قد تتجاوز 20 مليونًا سنويًا خلال سنوات قليلة، وصولًا إلى هدف 30 مليونًا في نهاية العقد.
كم بلغ عدد مرات أداء العمرة في شهر جمادى الأولى؟
بلغ العدد أكثر من 13.9 مليون مرة، وفق الإحصاءات الرسمية.
كم عدد المعتمرين القادمين من خارج المملكة؟
أكثر من 1.7 مليون معتمر خلال شهر واحد.
ما أبرز عوامل هذا الارتفاع؟
التحول الرقمي، توسع البنية التحتية، تحسين خدمات الحرمين، وتسهيل إجراءات القدوم.
هل تستمر المملكة في تطوير خدمات العمرة؟
نعم، عبر تطوير الأنظمة التشغيلية، وتحسين خدمات النقل، ورفع جودة الخدمات المقدمة داخل الحرمين.
اقرأ أيضًَا: قرار الفيفا يعيد رونالدو إلى الواجهة في مونديال 2026.. تفاصيل تُنهي الجدل



