مقابلة مع الممثل “سيلفستر ستالون”
روجر إيبرت
فيلادلفيا، بدأ الفنان “سيلفستر ستالون” حديثه بقول: “هناك سؤال يغضبني للغاية عندما يُطرح علي… يسألني الجميع، هل سينقذ فيلم Rocky II مسيرتك المهنية؟ يريدون أن يعلموا إذ ما ستكون هذه عودتي إلى السينما؟ وهل سينقذ الفيلم مسيرتي المهنية من الهلاك؟ لم أكن أعلم أن وضعي سيئ لهذه الدرجة، لم تخسر أي من أفلامي يومًا خسارة مالية. فإذا كان Rocky II هو طريقي للعودة، لكان بإمكاني جعله تجاريًا أكثر، مثلاً كان من الممكن أن أجعل روكي رائد فضاء”.
تنهد سيلفستر نفسًا عميقًا وهو مستلقيًا في جناحه بالفندق، واضعًا إحدى سيقانه فوق الكرسي. كان هذا في ساعة هادئة من ظهر اليوم الذي سيبث فيلم Rocky II في عرضه العالمي الأول في فيلادلفيا. زار الملعب في الليلة الماضية، وتناول الغداء في المؤتمر الصحفي، وزار بعد ذلك أكاديمية العلوم الطبيعية للتبرع بسلحفاتيّ روكي الأليفتين. كانت الحشود مصطفة في ذلك الحين في الخارج على الرصيف، وكانوا يهتفون، لكنهم لم يكونوا يهتفون باسم «ستالون!» لقد كانوا يهتفون باسم «روكي!» وقال «بعد أن حقق فيلم Rocky هذا النجاح الهائل، لن يكون أي شيء بعده بمثل هذه الإثارة والحماس. كمثال: مثلت في فيلم Fist وقال الناس إنه فشل، لكنه حقق في الواقع أرباح تبلغ 28 مليون دولار. ولقد مثلت أيضًا في فيلم Paradise Alley الذي لم يحقق نفس قدر الربح، لكنه حقق ربحاً معتدلًا».
«هل تعرف ما الذي أعتقد أنه قد حدث؟ بعد فيلم Rocky، كانت وسائل الإعلام تنتظر أن يكون فيلمي القادم فاشل. لقد كان العامان الماضيان صعبين للغاية، من ناحية الإعلام. قلت بعض الأشياء التي لم تكن في محلها. لقد أبرزت غروري بشكل غير لائق».
ثم قال «لقد أعدت سماع بعض أشرطة الكاسيت من البرامج الحوارية التي كنت فيها، بدافع الفضول فقط. أدركت للأسف أنني كنت هناك بشخصية “سيلفستر ستالون« ولكن الناس يريدون “روكي”، كانوا يسألونني أسئلة لا أعرف عنها شيئًا بكوني ممثل، وكنت مسحورًا جدًا بصوت ثرثرتي لدرجة أنني كنت أطيل في الكلام بشكل ممل عن آرائي. وقمت بفعل نفس الشيء في برنامج Dinah Show، وبعد انتهاء البرنامج، كان هناك رجل شكله بريء يأتي نحوي، وكانت عيناه تلمعان. طرح عليّ سؤالاً واحداً: “لماذا تفعل هذا؟ «ثم دار وسار بعيدًا».
«كانت تلك هي النهاية بالنسبة لي. أدركت ما كنت أفعله. ما حدث أن Rocky كان فيلماً ضخمًا، بينما كنت أنا عكس ذلك، وكنت أيضًا مغرورًا للغاية. في عام 1972، كان إجمالي دخلي 1400 دولارًا فقط، ولكن بعد الفيلم كنت شخصًا مشهورًا! ولكن أعتقد أن الأمور أصبحت أكثر وضوحًا لي الآن».
يعتبر ستالون بطلًا في مدينة فيلادلفيا، والتي هي مسقط رأس شخصية «روكي»، والتي وقع فيها تصوير فيلم Rocky الأول والثاني.
في الليلة السابقة، ألقى ستالون كرة في مباراة لفريق Phillies الفيلدلفي وشجعه مسؤول مدني قائلًا: «أنت تجسد روح فيلادلفيا، وهي التي تقول: يمكنك أن تربح من دون أن تكون أنت الفائز».
كانت مجاملة غير مباشرة نوعًا ما، ولكن ستالون في ذلك الوقت كان يقبل أي شيء يمكنه الحصول عليه، فكان مؤتمره الصحفي في الظهيرة سيركًا إعلاميًا. وقد سُئل السؤال المعتاد: «هل تعتقد أن شخصًا إيطاليًا من جنوب فيلادلفيا يمكن انتخابه كعمدة للمدينة؟” وتفوّه ستالون ببعض العبارات الغريبة في حديثه، لكن لم يبدُ أن أحدًا التقطها. أحدهما كان بيانه الغريب: «يمر جسدي باضطراب هائل الآن».
وسألته عمّا كان يعني بذلك.
فأجابني: «كما سمعت. أنا حقاً مبعثر من الداخل. عندما كنا نصور فيلم Rocky II، تعرضت لضرب مبرح. لقد سمحت لكارل ويذرز الذي يؤدي مرةً أخرى دور خصمه، أبولو كريد» بأن يضربني. لقد كان ذلك أكثر شيء مرهق مررت به على الإطلاق. تكسرت عظامي، وغيرها… كما كان طول مدة المعركة أربع أضعاف الأولى وأما اللكمات فكان عددها ثمانية أضعاف اللكمات في المعركة الأولى. والكثير من تلك اللقطات ليست مزيفة. فتزييف مشهد ضرب أحدهم أصعب من ضربه في الحقيقة، ففي الوقت الراهن حالتي الصحية سيئة للغاية».
أهي فعلًا سيئة للغاية؟
«نعم إنها سيئة حقًا. ويجب عليّ الذهاب لإجراء فحوصات مكثفة، حيث أخبروني أن أمعائي متضخمة، وأعضائي الداخلية متدهورة… بالإضافة إلى أنني فقدت الكثير من الوزن، ولكن لا تقلق. سأصلح كل هذا».
لكنك تخطط لعمل تكملة نهائية باسم Rocky III. هل ستمر بكل هذه المخاطر مرة أخرى!
«نعم، بالتأكيد»
لماذا؟
لأنني مضطر لذلك. لا يمكنني صنع فيلم بدون معارك. ويجب أن تبدو المعركة حقيقية وإلا فلن ينتهي الفيلم بشكل جيد. وأريد أن أصنع Rocky III في المستقبل القريب. وكأن جسدي لديه ميول للهلاك. كان عمري 29 عاما عندما قمت بدور «روكي». والآن عمري 32 عامًا. الوقت يمر سريعًا، أود أن أنتهي من Rocky III في الأشهر الـ 18 المقبلة.
«انظر، لدي هذا الشيء، قد يبدو مجنونًا. عندما كان عمري 15 عامًا، قرأت ثلاثية Studs Lonigan، بقلم جيمس تي فاريل. حول هذا الطفل الأيرلندي في شيكاغو، أعتقد أنه توفي عندما كان عمره حوالي 32 عامًا، بينما كان في حالة سيئة تمامًا. لكنني أردت دائمًا أن تُظهر السينما الأمريكية شخصية كاملة حتى النهاية. يجب أن يتعامل كل فيلم مع حوالي عام من حياة الشخصية».
إذاً في Rocky III، هل لدى روكي وأبولو مباراة إعادة أخرى؟
«لا، لدي ما هو أكثر من ذلك، سأخبرك بما سيحدث. أبولو سيتقاعد. وميكي، مدير روكي، سيصاب بسكتة دماغية. مما يجعل روكي يريد التقاعد، ولكن يظهر هذا المنافس الصعب في الشوارع ويقرر روكي القيام بمعركة أخرى، على الرغم من أنه نصف أعمى، وستكون هذه معركته الأخيرة بطريقة أو بأخرى. فيذهب إلى أبولو كريد ويطلب منه أن يكون مدربه. فيعلمه أبولو أن يقاتل بنفس طريقته».
ابتسم ستالون وقال: «إن علاقتهما مثيرة للاهتمام، لأن أبولو كريد يُعد مثقفاً مقارنةً بروكي بالبوا. ولذلك علمه أبولو أشياء مثل كيفية إدارة أمواله. بينما روكي علم أبولو أشياءً حول كيفية التعامل بدهاء في الشارع. هل يمكنك أن تتخيل، على سبيل المثال، روكي بالبوا في أوروبا! في الواقع هذا هو المكان الذي سآخذه إليه».
ستأخذه لمعركته الأخيرة؟
قال ستالون: «ستكون مباراته الأخيرة في مدرج الكولوسيوم الروماني، التي يتم بثها عبر الأقمار الصناعية في جميع أنحاء العالم، وسيهتف له العديد من الأصوات المتحمسة. هل يمكنك التخيل؟ روكي في الكولوسيوم! المصارع الأخير؟ وللتدريب، يصعد راكضًا على درجات السلم الأسباني! هل يمكنك تخيل روكي وهو كما تعلم متدين للغاية ويقضي الوقت داخل كنيسة القديس بطرس؟ سأحاول أن أشمل البابا في الفيلم. لا أعرف. ربما مع بابا هذه الكنيسة إذا وافق. وإذا لم يفعل، نبحث عن بابا آخر».
وهذا هو كل الملخص عن فيلم روكي.
«نعم. أريد أن أوجه انتباهي قليلاً إلى الأفلام التي تتحدث عن علاقات الحب. واستكشاف نفسية الأنثى، فبالتأكيد هناك بعض الاكتشافات المثيرة للاهتمام عنها. ولجعل قصص الحب تنجح، يجب إدراج حوار رومانسي حيث إن هذا ما يريده الناس. كمثال يقول روكي في الفيلم، “إذا لم تتواجد هنا، فلن أتواجد أنا أيضًا”. سيبدو هذا مبتذلًا للغاية على صفحة المطبوعة. ولكن إذا كان في فيلم فسيحبه الناس. لست مهتمًا على الإطلاق كما تعلمون بالقصص التي تتحدث عن حياة الناس مثل، فيلم Nine Men Against the World. ولكن لن يكون هناك أبدًا Rocky IV. فذلك يكفي».
ظل باب جناح ستالون يفتح ويغلق وبدأت الغرفة تمتلئ تدريجياً بالناس: مع 6 صحفيين من مؤسسة United Artists، ومع 4 حراس شخصيين، بالإضافة إلى اثنين من مساعدي المدينة. لقد حان الوقت لهذه الخطوة الكبيرة. سيحاول ستالون الخروج من الفندق بسلام وشق طريقه بنجاح عبر المدينة إلى أكاديمية العلوم الطبيعية، لحضور حفل تقديم السلاحف العظيم.
قال: «الأمر هكذا، كان يمكنني الاستمرار في صنع سلسلة أفلام روكي إلى الأبد، ولكن حتى فرقة Bowery Boys أصبحت محرجة قليلاً من الاستمرار عندما بلغوا من العمر 50 أو 60 عاماً. كان يجب أن يكونوا فرقة باوري للمسنين».
في الطابق السفلي، أمام فندق باركلي، كان الحشد ينتظر لساعات. كانوا لا يزالون يرددون «روكي!» وكان نقيب الشرطة يشرف على رجاله عند الحواجز. انتظرت سيارات الليموزين مع إبقاء محركاتها تعمل. خرج ستالون من الفندق وسط هتافات صاخبة، ورفع يديه فوق رأسه بفخر، ودخل في سيارة ليموزين واختفى بموكب من سيارات الشرطة والأطفال على الدراجات الهوائية.
في أكاديمية العلوم الطبيعية، كان كل شيء جاهزًا. تسلل ستالون من الباب الخلفي. أعطى رئيس الأكاديمية، الدكتور توماس بيتر بينيت، إحاطة خلف الكواليس: «أولًا، كلمتي. وبعد ذلك يدخل السيد ستالون على أنغام موسيقى فيلم Rocky. ثم يبدأ الحفل».
في المقدمة، كانت القاعة مكتظة بمحبي روكي، معظمهم من الفتيات المراهقات. كان هناك طاولة بجوار المنصة تحمل وعاءً زجاجيًا مغطى بقطعة قماش بنية اللون. ظهر الدكتور بينيت، وتنحنح، وابتسم في وجه التصفيق، وذكّر الجمهور بالمشهد اللطيف للسيد ستالون مع سلاحفه الأليفة والحيوانات الأخرى.
ثم دوّت موسيقى فيلم Rocky من مكبرات الصوت، وظهر ستالون على المسرح، وانتشرت البهجة وسط الجمهور. ابتسم ستالون، وأشار بيده ليصمت الجميع، ثم تحدث قائلًا: «امم … أسماء هذه السلاحف كاف ولينك… قد لا يجيدون الحديث بشكل جيد ولكنهم يزحفون بشكل جميل. إنهما برمائيان التقطتهما على جانب الطريق في نيو جيرسي، والآن يتم تخليدهما».
قام بسحب القماش عن الوعاء، وها هما، كاف ولينك. تزايدت التصفيقات. قال: «سمعتم، يا كاف ولينك؟ أليس هذا رائعاً؟ حتى السلاحف يجب أن يكون لها مكانها تحت الأضواء.”
وفي طريق عودتي إلى مطار فيلادلفيا، طلبت من السائق التوقف عند متحف فيلادلفيا للفنون. حيث اشتمل على أكثر اللقطات التي لا تنسى في فيلم Rocky، حيث ركض الملاكم صعودًا على درجات المتحف عند الفجر وقفز في الهواء هناك، وذراعيه فوقه، يتذوق النصر. تكرر هذا المشهد في فيلم Rocky II، ووراء روكي مئات الأطفال.
وفي أعلى الدرج، يمتد المنظر عبر حديقة طويلة باتجاه قاعة المدينة. لقد قيل لي ما قد أراه هناك، والآن رأيت ذلك بالفعل: نصف دزينة من السياح، يرتدون بدلات رياضية مثل روكي، ويركضون صعودًاعلى الدرج ويقفزون في الهواء، بينما يسجل لهم أصدقائهم هذا اللحظات باستخدام كاميرات الأفلام المنزلية. يقولون إنهم يذهبوا هناك كل يوم وحتى في الأيام التي تمطر.
المصدر: سوليوود