المخمس الأسطوري يعود
نرمين يُسر
هناك أفلام متكاملة من الناحية الفنية، لكن ليس لها القدرة على أسر القلوب. وهناك بعض الأفلام المتعرجة بعض الشيء، ومع ذلك فيها ما يلهمنا ويجذبنا، وفيلم «سطار» عودة المخمس الأسطوري ينتمي إلى الفئة الثانية. وقد تعتقد من العنوان أنه جزء ثانٍ لعمل سابق طبقًا لما هو متعارف عليه من عناوين الأفلام متعددة الأجزاء، لكن الفيلم ليس له جزء سابق حتى تتحقق العودة ونتمنى متابعة صفعات سعد القادمة.
سعد “إبراهيم الحجاج” اليتيم الذي تربى مع جده، ذلك المهووس بالمصارعة الحرة أو الترفيهية، وقام بتربية حفيده على طريقته الخاصة، لذلك نشأ سعد أيضًا وهو مستغرق تمامًا في عالم المصارعة؛ مما دفع زملاءه في المدرسة والمعلمين للتنمر عليه والسخرية من أمنيته بأن يصبح مصارعًا، ويشمئز ويثور على جده عندما يتأكد أنه عالم مزيف متسائلاً عمَّا دفع الجد لتعليمه شيئًا مزيفًا بدلاً من تعليمه شيئًا حقيقيًا ومفيدًا.. قد تجد الأشياء المفيدة، بينما الحقيقية هي الوهم الذي نغلف به الأشياء التي نحبها فنصدقها ونؤمن بحقيقتها. يكبر سعد ويتولى وظيفة في مكتب التأمين كموظف عادي تقليدي يعمل في أجواء مكتبية روتينية تلمع عيونه أحيانًا كثيرة لحلم المصارعة، وسرعان ما ينتبه ويذكر نفسه بأنه مسؤول وعلى وشك الزواج وتكوين أسرة، لكن حياته تغيرت عندما استجمع شجاعته للدخول في مسابقة مصارعة لمجرد تجربتها.
هكذا تم إعداد القصة، وفي وقت لاحق تظهر الشخصيات التي تحركها وتدفع الأحداث. يتعرض سعد للضرب المبرح في مسابقة المصارعة، وينتشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، فأُطلق عليه لقب «المضروب»، وتأتي المفاجأة والموقف الذي غير حياة سعد برمَّتها عندما تصدمه شاحنة في أثناء مغادرته مقر المسابقة. لكن وللعجب ينهض سعد واقفًا وكأن شيئًا لم يكن بدون خدش أظفره، وكان ذلك المشهد أمام عيني علي هوجان «عبدالعزيز الشهري» الذي يعمل مدير أعمال لرجل يُدعى أندر تيكر يدير حلبة مصارعة غير قانونية تحت الأرض كتلك التي صارع فيها براد بيت في فيلم “نادي القتال”، فيتفق هوجان مع سعد على منازلة المصارعين في حلبة المصارعة أمام جمهور الرهان، وسواء كسب أم لا، فسوف يحصل على مبالغ مادية، فهناك من يراهن على خسارته بعد فيديو الضرب بالتأكيد.
يلجأ سعد إلى مدرب المصارعة عبدالخالق عن طريق علي هوجان، وذلك للاشتراك في مسابقة كبرى ويحاول التمرين أملاً في تغيير حياته الرتيبة، فهناك الكثير من التوتر والضغط في حياة سعد، فهو لم يحصل على مكافأة الزواج من عمله، بالإضافة إلى حماته التي تعامله باستخفاف لأنه لا يجني الوفير من الأموال، كما أنها تطلب منه الحصول على مطبخ باهظ الثمن، في حين أن صديقه سوف يهدي له مطبخًا هدية الزفاف. على كل الأحوال، فإن تلك الهموم نابعة من طبيعة شخصية سعد غير المسؤولة، التي تهرب إلى أحلام اليقظة من المسؤوليات.
بخلاف سيناريو المصارعة لدى سعد الذي يتم كتابته والتدريب على الحركات القتالية المزيفة ومعرفة الفائزين مسبقًا، يقدم الكاتبان أيمن وتار وإبراهيم الخير الله سيناريو يعد بطل الفيلم من حيث السرد المتناغم والحوار الكوميدي يتلقى فيه الممثلون النكتة ويردونها في أفضل شكل وبسرعة. عادة التناغم بين فريق العمل يصنع بهجة وطاقة إيجابية تنعكس على العمل كله.
يبقى القول إن قصة فيلم “سطار” تعدُّ رمزًا ملهمًا لملاحقة أحلام المرء. تصميم سعد ليس مجرد سمة شخصية، إنه نشيد يتردد صداه في أذهان المشاهدين، ويحثهم على التفكير في تطلعاتهم الخاصة. إن قدرة الفيلم على الدمج بسلاسة بين صراعات سعد الشخصية ومساعيه في المصارعة هي ضربة معلم، حيث يرسم صورة لرجل يتحرر أخيرًا من أغلال الأعراف المجتمعية.
المصدر: سوليوود