فاطمة العدلانيكُتاب الترند العربيمنوعات

مالا نهاية

فاطمة العدلاني

الانتظار موت مع إيقاف التنفيذ.
يقول أحدهم قضيت عمرًا بانتظار الثانوية العامة حتى التحق بكلية الشرطة وآخر عاش عمره في انتظار أن يُصبح طيارًا!
كلاهما ظن أن السعادة تكمن في تحقيق أحلامهم وجاءت الثانوية العامة ولأسباب قدرية لم يستطع أيا منهم الالتحاق بما يريده.
وكلًا منا على هذا المنوال يربط سعادته بقيد الحلم الذي طالما ظن أنه النجاة له من التعاسة الأبدية،
من اتخذ حلمه وسيلة للسعادة تكيف مع الوضع القائم وصنع مجده وقمته الخاصة.. والآخر ظن أن حلمه غاية للسعادة فحين فقد غايته فقد السعادة وتدمرت حياته لم يعد قادرا على استعادة قدرته على النجاح ظنا منه أنه فشل لمجرد عدم وصول المبتغى!
أحلامنا وسيلة للسعادة إن تحققت وليست غاية لها بها وإلا فلا!
فربما الخير كل الخير في فقدان ما نظنه خيرًا، ورب الخير لا يأتي إلا بالخير.
مؤكد صادفك قولهم:
(لو بس قدرت أجمع تكاليف الزواج) ثم يصادفك بعدها بعام وقد تزوج أتظنه لا يواجه عقبات، ستسمعه يقول (لو أنجبت الذرية الصالحة) مُر عليه بعد عامين وقد رزقه الله ببنت ستسمعه يقول (لو بس رزقت الولد يحمل اسمي ويرث بعدي) مُر عليه بعد عام وقد رزقه الله ما تمنى، ستراه يشكو ضيق الحال ويقول (لو بس اتقبل في وظيفة كذا بدل التعب دا) … وإن انقبل في الوظيفة أتظن كل ما يحلم به تحقق لا والله ستراه يشكو مرض زوجته، ابنه، ابنته، ضيق منزله، تكاليف معيشته، وربما زهد في كل ما تمنى حتى رآه عاديا من كرم الله عليه.
لا يوجد على كوكب الأرض بأكمله إنسان بلا حلم بلا هدف، ربما يوجد من لا يملك طموحا للسعي فيتأخر أميالا وأميال وربما يحيد عن مساره وقد ينسى هدفه الأساسي لكن مستحيل البتة عدم وجود أحلام في قرارة نفسه يتمنى الحصول علي شيء وظيفة سكن عربية أسرة أولاد فيزا سفر للخارج وربما شيئًا آخر فاهتمامات البشر مختلفة لكن حتما هناك أماني وأهداف.
ولكن لو آمن كل منا أن الأحلام لا تتحقق دون عناء لأنه وببساطة لسنا على كوكب الأماني وليست الأحلام إلا لمن ينتزعها انتزاعا.
إذا فقط آمن كلا منا أنه دائما وأبدا سيفقد أمرا في يومه ربما يختلف من وقت لآخر لكن فقدان شيء(شر لا بد منه)
ومع اختلافات غاياتنا ووجهتنا ورؤيتنا للأشياء تضيع أعمارنا في الانتظار ولو لوهله توقفنا عن انتظار ما نفقده لرأينا ما نملك في الحاضر لرضينا به وما ضاع كما ضاع الأمس ظنا منا بأن السعادة فقط في الحصول على المفقود!
سراب إلى مالانهاية ولا جدوى!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى