هل فقد الأطفال شغف القراءة؟.. مبادرات عربية تُعيد إحياء الكتاب

هل فقد الأطفال شغف القراءة؟.. مبادرات عربية تُعيد إحياء الكتاب
الترند العربي – متابعات
في عصر الشاشات الذكية والتطبيقات الترفيهية، لم تعد الكتب الورقية الرفيق المفضل لدى غالبية الأطفال العرب. تتراجع أرقام القراءة الحرة عامًا بعد عام، وتظهر الإحصاءات أن نسبة كبيرة من الأطفال يقضون وقتهم في تصفح الفيديوهات والألعاب الإلكترونية أكثر مما يقضونه في تصفح صفحات الكتب. هنا يُطرح السؤال الحتمي: هل فقد الأطفال شغف القراءة؟ وماذا تفعل المؤسسات والمبادرات الثقافية لإعادة هذا الشغف إلى الحياة؟
تراجع معدلات القراءة لدى الأطفال العرب
تشير تقارير من منظمات ثقافية وتعليمية في العالم العربي إلى أن معدل قراءة الطفل العربي لا يتجاوز بضع دقائق سنويًا في بعض الدول، مقارنةً بما يزيد عن 100 ساعة سنويًا في الدول الغربية. هذا التراجع يعود إلى عدة عوامل، أبرزها:
هيمنة المحتوى المرئي على اهتمامات الأطفال.
قلة توافر مكتبات مدرسية جذابة ومحدثة.
غياب القدوة القرائية في المنزل.
ضعف المحتوى الأدبي المخصص للأطفال بلغتهم الأم.
مبادرات عربية تواجه التحدي
رغم هذا الواقع، برزت في السنوات الأخيرة مبادرات ثقافية عربية تسعى لإعادة الاعتبار للكتاب والقراءة بين الأطفال. هذه بعض أبرز المبادرات المؤثرة:
1. تحدي القراءة العربي – الإمارات
أطلقت الإمارات مبادرة “تحدي القراءة العربي” عام 2015، بهدف تحفيز الطلاب على قراءة 50 كتابًا خلال العام الدراسي. وقد بلغ عدد المشاركين في نسخة 2024 أكثر من 24 مليون طالب من 46 دولة. المبادرة لا تقتصر على المسابقة، بل تعزز ثقافة القراءة في المدارس من خلال برامج تدريبية للمعلمين وتوفير كتب باللغة العربية في المدارس.
2. مبادرة “كتابي صديقي” – تونس
أطلقت وزارة الثقافة التونسية هذه المبادرة لتوزيع الكتب على المدارس والمراكز الثقافية، مع تنظيم ورش قراءة ولقاءات مع كتّاب الأطفال المحليين. تهدف المبادرة إلى جعل الكتاب جزءًا من حياة الطفل اليومية، خصوصًا في المناطق الريفية والمهمشة.
3. مشروع “أنا أقرأ” – السعودية
تنظم الجمعيات الخيرية والثقافية في السعودية، مثل جمعية “القراءة للجميع”، فعاليات متنوعة لتحفيز الأطفال على القراءة، بما يشمل تخصيص زوايا في المجمعات التجارية والمهرجانات العامة للقراءة الجماعية والقصص التفاعلية.
4. “مكتبة في كل بيت” – المغرب
يهدف هذا المشروع إلى توزيع حزم كتب مجانية للعائلات ذات الدخل المحدود، مع مراعاة أعمار الأطفال وميولهم، وتقديم ورش تثقيفية للأهالي حول كيفية تنمية حب الكتاب في نفوس أبنائهم.
التكنولوجيا.. من التهديد إلى الأداة
في تحول إيجابي، بدأت بعض المبادرات تسخير التكنولوجيا لصالح القراءة، عبر:
تطبيقات إلكترونية تحاكي القصص بصريًا وصوتيًا (مثل “قصص بالعربي” و”ألف باء تاء”).
تحويل الكتب إلى فيديوهات قصيرة مع رسوم متحركة لجذب الأطفال.
مسابقات تفاعلية على مواقع التواصل الاجتماعي لمن يقرأ أكثر ويقدم تلخيصًا مبدعًا.
هل تعود القراءة عادة يومية؟
تشير نتائج بعض المبادرات إلى تحسن ملحوظ في سلوك الأطفال القرائي، لاسيما عندما يقترن الجهد المؤسسي بدور الأسرة والمدرسة. فحين يقرأ الأب أو الأم أمام أطفالهم، ويتحول وقت القراءة إلى لحظة ممتعة ومشتركة، يستعيد الطفل علاقته الطبيعية بالكتاب.
لكن نجاح هذه الجهود يتطلب استمرارية في التمويل، وانخراطًا فعليًا من المدارس وأولياء الأمور، وإنتاج محتوى عصري وجذاب بلغة عربية سليمة وقريبة من الطفل.