“قطط وافدة”.. قراءة في جدلية الاندماج للوافدين في دول الخليج

الترند العربي – القاهرة
يقدم الكاتب عمر غازي في كتابه “قطط وافدة” معالجة اجتماعية لقضية العمالة الوافدة، وما ينتج عنها من إشكاليات تتعلق بالاندماج والصور النمطية المتبادلة. الكتاب يتخذ منحى تحليليًا بعيدًا عن الخطابات النمطية، محاولًا فهم ما يعتمل في نفوس المغتربين وأصحاب الأرض على حد سواء.
منذ الصفحات الأولى، يُدرك القارئ أن الكاتب لا يسعى فقط لعرض المشكلات بل لتفكيكها وتحليلها عبر نظرة نقدية متوازنة. فالكتاب مقسم إلى أربعة فصول رئيسية، تبدأ بعرض “ملاحظات لا بد منها”، وهي عبارة عن ملاحظات تمهيدية يستعرض من خلالها غازي تأثير التجارب الشخصية للمغتربين، وما تواجهه تلك الفئة من تحديات خلال محاولاتهم للتكيف مع مجتمعات جديدة قد لا ترحب دائمًا بالآخر المختلف.
ينتقل الكاتب في الفصل الثاني إلى موضوع “سخط الوافدين”، حيث يعرض أسباب الاستياء المتزايد لدى العمالة الوافدة، الناتجة عن التوقعات غير الواقعية، والصدمات الثقافية، والمعاملة المتحيزة في بعض الأحيان.
أما الفصل الثالث، “سخط مضاد”، فيتناول مظاهر الامتعاض من قبل المواطنين تجاه الوافدين، مستعرضًا الأسباب التي تجعلهم يرون في الوجود الأجنبي تهديدًا لهويتهم أو منافسًا لهم في سوق العمل.
الفصل الأخير، “نحو فهم سليم متبادل”، يحمل محاولات جادة لتقديم حلول عملية تسهم في تعزيز التفاهم المشترك بين الطرفين، مستندًا إلى تجاربه الشخصية وآراء خبراء ومفكرين تناولوا الموضوع من زوايا مختلفة.
يمتاز كتاب “قطط وافدة” بلغة سلسة وأسلوب حواري يجذب القارئ إلى متابعة الأفكار دون عناء، انطلاقا من تجربة غنية للكاتب حيث عاش مغتربا منذ طفولته وحتى الآن لنحو 3 عقود متواصلة، كما أن الكاتب يعتمد على أسلوب متوازن لا ينحاز لأي طرف، بل يسعى لفهم المشكلة من كافة جوانبها، مقدماً بذلك معالجة جادة لقضية معقدة في مجتمعاتنا.
رغم عمق الطرح، يلاحظ أن الكاتب لم يعزز بعض استنتاجاته بإحصاءات أو بيانات موثقة، مما يجعل بعض الأفكار أقرب للتأملات الشخصية منها إلى الدراسة البحثية الممنهجة. كما أن تركيزه على منطقة الخليج العربي دون غيرها قد يحد من شمولية الطرح.
يعتبر “قطط وافدة” إضافة نوعية للمكتبة العربية، حيث يثير أسئلة حول الهويات المتعددة وقضايا الاندماج والتعايش المشترك. وهو كتاب يستحق القراءة لكل من يرغب في فهم أعمق للعلاقة المعقدة بين الوافدين والمجتمعات المستضيفة، ومحاولة الإجابة على سؤال جوهري: كيف يمكننا بناء جسور تفاهم تتجاوز الصور النمطية؟
للقراءة والتحميل
https://docdro.id/3hEKj6J