آراءتقنية

سياسة الخصوصية الجديدة لتطبيق “واتساب”

ديبوباما بهاتاشاريا *

قام تطبيق “واتساب” WhatsApp بتحديث شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة به في يناير 2021 وطلب من مستخدميه الالتزام به بشكل إلزامي إذا كانوا يرغبون في الاستمرار في استخدام التطبيق. ستمكِّن الشروط المحدثة التطبيق من جمع البيانات الوصفية للمستخدمين، مثل: رقم الهاتف المحمول، وطراز الهاتف، وسجلات المكالمات، والموقع التقريبي، ومدة التفاعلات، وما إلى ذلك، ومشاركتها مع حسابات الأعمال والشركة الأم لـ”واتساب”.

وقد ذكرت شركة “واتساب” في تحديث سياستها إنه إذا اختار المستخدمون النقر فوق الإعلانات أثناء استخدام “فيسبوك” Facebook، أو “إنستغرام” Instagram، فإنه يمكن استخدامها لتقديم إعلانات مخصصة في المستقبل بناءً على بيانات المستخدم الوصفية. وسيحتاج “واتس آب” إلى موافقة المستخدمين في أوروبا حتى يتمكن “فيسبوك” من الوصول إلى بياناتهم الوصفية مثل أرقام الهواتف، أو سجلات المكالمات.

ويختار المستخدمون أيضًا عدم منح موافقتهم والاستمرار في استخدام “واتساب”. فبالنسبة للمستخدمين في بقية العالم، ابتداء من الآن، تمَّ تمديد تاريخ قبول تغييرات السياسة من أجل الاستمرار في استخدام التطبيق حتى 15 مايو 2021، مقارنة بالموعد النهائي السابق في 8 فبراير 2021.

لقد أثارت خطوة “واتساب” أسئلة مهمة حول خصوصية البيانات وأمن البيانات، وأهم من ذلك، حرية اختيار الأفراد. إن هذا صحيح بشكل خاص لأن خيار الانسحاب من تغييرات السياسة لم يتم توفيره. فقد بدت التغييرات أيضًا تمييزية في طبيعتها لأنها تنطبق فقط على المستخدمين خارج أوروبا والمملكة المتحدة – ولايات قضائية توجد فيها قوانين صارمة لحماية البيانات.

ومع قاعدة مستخدمين تزيد على 340 مليون مستخدم، يعدُّ تطبيق “واتس آب”، أحد أكثر تطبيقات المراسلة شيوعًا في الهند، وهو ما يمثل أكبر عدد من المشتركين، تليها البرازيل والولايات المتحدة. وقد كان هناك رد فعل عنيف بين المستخدمين بعد فترة وجيزة من تنبيه السياسة المحدثة. إذ تحول عدد كبير من المستخدمين إلى تطبيقات المراسلة المنافسة مثل “تليغرام” Telegramو”سيجنال” Signal.

لقد أدى التدفق الهائل للمستخدمين الجدد إلى “سيجنال” Signal إلى تعطيل خدماتها في 15 يناير 2016، حيث أصبح “تليغرام” التطبيق غير المخصص للألعاب هو الأكثر تنزيلاً في جميع أنحاء العالم لشهر يناير 2021، مع 24% من إجمالي التنزيلات من الهند، وفقًا لأحدث البيانات التي قدمتها شركات التحليلات.

في مقابل رد الفعل السلبي، أوضحت شركة “واتساب” عبر تحديثات الحالة الخاصة بها أنه لم يتغير شيء فيما يتعلق بالرسائل الشخصية، بالنظر إلى أن جميع المحادثات الشخصية كانت محمية بتشفير من طرف إلى آخر ولم تتم مشاركة جهات اتصال وتحديثات موقع مع “فيسبوك”، باستثناء بعض الحسابات التجارية.

قضية خصوصية البيانات

أدت التغييرات الجديدة في سياسة “واتساب” إلى مخاوف متزايدة بشأن الطريقة التي سيتم بها التعامل مع بيانات العمل وكيف ستؤثر على خصوصية العملاء. فعلى سبيل المثال، تستخدم العديد من الشركات هذه المنصة لتقديم تقارير معملية وتذاكر طيران وغير ذلك من سرية المعلومات للعملاء.

وصفت وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات تغييرات السياسة بأنها غير عادلة وغير مقبولة في شكلها الحالي، وطلبت توضيحات من “واتس آب” فيما يتعلق بخصوصية معلوماتها، والمعاملة التفاضلية لمواطني الدولة، على عكس الأوروبية باعتبارها مصدر قلق.

وقد صرحت محكمة دلهي العليا، التي نظرت في التماس يطعن في سياسة الخصوصية الجديدة للتطبيقات على أساس أنها تنتهك الحق في الخصوصية المكفول بموجب الدستور الهندي، أن “واتساب” هو تطبيق خاص وأن تنزيل التطبيق نفسه ليس إلزاميًا للمواطنين. كما سلطت الضوء على حقيقة أنه ليس “واتس آب” فقط، لكن هناك العديد من التطبيقات الأخرى التي لها شروط وأحكام مماثلة.

ومن الجدير بالملاحظة أن الحكومة الهندية فرضت، في فبراير 2021، حظرًا على ما يقرب من 60 تطبيقًا، بما في ذلك “تيك توك” TikTok، بموجب القسم 69A من قانون تكنولوجيا المعلومات. وقد كانت المخاوف المتعلقة بجمع البيانات وأمن البيانات وخصوصية المستخدم، على وجه التحديد، الأسباب التي طلبت وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات توضيحات بشأنها من الـ”واتس آب” وتعدُّ هي المسؤولة عن هذا الحظر.

فقد قضت المحكمة العليا، بحكم أجمع عليه تسعة قضاة، في عام 2017، أن خصوصية البيانات تندرج تحت نطاق الحق في الخصوصية، المحمي كحق أساسي بموجب المادة 21 من دستور 1954، في حين يعدُّ أمرًا إلزاميًا وربطه بمنح مزايا الدولة ينتهك الحق في خصوصية الأفراد. وقد ألغت المحكمة في هذا الحكم الأحكام السابقة في قضيتي “خاراك سينج” ضد ولاية شارما في عام 1962، والتي تمَّ الاعتبار فيها أن الحق في الخصوصية ليس حقًا أساسيًا.

ويتم تنظيم حماية البيانات وخصوصيتها حاليًا بموجب أحكام قانون تكنولوجيا المعلومات لعام 2000. فقد تطورت المادة 21 من الدستور أيضًا على مدار فترة زمنية لتشمل الحق في الخصوصية كعنصر أساسي من عناصر الحق في الحياة. وفي حالة عدم وجود تشريع محدد بشأن خصوصية البيانات، فإن حكومة الاتحاد في يوليو 2017، بعد الحكم الصادر عن المحكمة العليا في قضية “بوتاسوامي” Puttaswamy، تم تشكيل “سريكريشنا” للتداول بشأن إطار حماية البيانات في البلاد. وقدمت اللجنة تقريرها في يوليو 2018.

مشروع قانون حماية البيانات الشخصية 2019، الذي تمَّ طرحه في ولاية “لوك سبحا” Lok Sabha في عام 2019، قيد النظر حاليًا من قِبَل لجنة برلمانية. وعند إقراره، سيكون أول تشريع في الهند بشأن حماية البيانات الشخصية بناءً على توصيات لجنة “سريكريشنا”. إذ أوصت بأن تكون الخصوصية حسب التصميم على جزء من معالجي البيانات والموافقة الفردية كأطر أساسية للتحكم في مشاركة البيانات. كما دعت اللجنة إلى مراعاة قدرة الأفراد على تقييد البيانات الشخصية على الإنترنت وفك ارتباطها وحذفها. هناك حاجة لآلية تنظيمية محددة من هذا النوع، ذلك أن عمالقة التكنولوجيا الخاصة يلعبون دورًا مهمًا للغاية عندما يتعلق الأمر بإدارة البيانات الشخصية ومعالجتها.

نظرة مستقبلية

تعدُّ شركات “أمازون”، و”جوجل”، و”آبل”، و”مايكروسوفت”، و”فيسبوك” من بين الشركات العشر الأكثر قيمة في العالم وكلها تنتمي إلى قطاع البيانات. إذ يمتلك عمالقة التكنولوجيا هؤلاء قدرًا كبيرًا من البيانات الضخمة، وهو الحجم الكبير من المعلومات التي يولدها المستخدمون باستخدام خدماتهم. فقد مكنت التطورات التكنولوجية هذه الشركات من جمع وتخزين ومعالجة هذه البيانات. ومع ذلك، فإن قدرتهم على القيام بذلك لا ينبغي أن تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. إذ يعدُّ توفير ضمانات للبيانات الشخصية باستخدام أعلى إعدادات الخصوصية الممكنة بشكل افتراضي، وطلب الموافقة ومنح الحق في إلغاء الموافقة في أي وقت، بمثابة معايير مهمة في هذا الصدد. وبينما تسعى الهند باستمرار لضمان سلامة وسيادة الفضاء السيبراني والبيانات الشخصية، فإن الاتجاه الذي ستتخذه ملحمة الـ”واتس آب” سيتم مراقبتها باهتمام.

* وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر
مركز سمت للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى