الحرمين يفتحان باب المشاركة الخيرية.. انطلاق استقبال طلبات «إفطار الصائمين» لرمضان 1447هـ
الترند العربي – متابعات
بدأت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي رسميًا استقبال طلبات ووثائق شركات الإعاشة والمصانع الراغبة في المشاركة في تقديم خدمة إفطار الصائمين خلال شهر رمضان المبارك لعام 1447هـ، في خطوة مبكرة تعكس الاستعداد التنظيمي المتقدم لموسم يُعد من أكثر المواسم ازدحامًا وحساسية في الحرمين الشريفين.
وتأتي هذه الخطوة ضمن إطار منظومة متكاملة تهدف إلى ضمان تقديم خدمة إفطار الصائمين وفق أعلى المعايير الصحية والتنظيمية، وبما ينسجم مع قدسية المكان، وكثافة أعداد المصلين والمعتمرين والزوار الذين يفدون إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال الشهر الفضيل من مختلف دول العالم.

وتحظى خدمة إفطار الصائمين في الحرمين الشريفين بمكانة خاصة، كونها تمثل أحد أبرز مظاهر التكافل والضيافة في شهر رمضان، وترتبط بوجدان المسلمين بوصفها صورة إنسانية وروحية تتجدد سنويًا، وتعكس قيم العطاء والتراحم التي تقوم عليها رسالة الحرمين.
وتؤكد الهيئة أن فتح باب التقديم المبكر يهدف إلى إتاحة الوقت الكافي لدراسة الطلبات والتحقق من استيفاء جميع الاشتراطات، بما يضمن جاهزية المنشآت المشاركة وقدرتها على الالتزام بالمعايير المعتمدة طوال أيام الشهر الكريم دون أي إخلال بجودة الخدمة أو سلامة المستفيدين.
وتشمل متطلبات التقديم جملة من الشروط النظامية والتنظيمية، في مقدمتها وجود مقر تشغيلي فعلي للمنشأة داخل نطاق مكة المكرمة أو المدينة المنورة، بما يضمن سهولة الإشراف والمتابعة الميدانية، إضافة إلى اشتراط خلو سجل المنشأة من أي مخالفات تتعلق بالصحة العامة أو سلامة الغذاء.

وتولي الهيئة أهمية قصوى للجانب الصحي، في ظل طبيعة الخدمة التي تستهدف آلاف الصائمين يوميًا، حيث تشترط الالتزام الكامل بالاشتراطات الصحية المعتمدة، بدءًا من مراحل إعداد الوجبات، مرورًا بالتغليف والنقل، وصولًا إلى آلية التوزيع داخل ساحات الحرمين، بما يضمن تقديم وجبات آمنة وصحية تليق بالمكان والمستفيدين.
ومن بين الشروط الأساسية أيضًا الالتزام بتطبيق الهوية البصرية المعتمدة لمشروع خدمة إفطار الصائمين في الحرمين الشريفين، في إطار توحيد المشهد التنظيمي والبصري، وتعزيز الانضباط داخل الساحات، ومنع أي مظاهر عشوائية قد تؤثر على انسيابية الحركة أو قدسية المكان.
كما أكدت الهيئة ضرورة الالتزام بمكونات الوجبة المعتمدة رسميًا، والتي جرى تحديدها بعناية لتلبي الاحتياجات الغذائية الأساسية للصائمين، مع مراعاة سهولة التناول وسلامة التخزين، وتجنب أي مكونات قد تسبب مشكلات صحية أو صعوبات في التوزيع.

واشترطت الهيئة قدرة المنشأة المتقدمة على توريد ما لا يقل عن عشرة آلاف وجبة يوميًا، وهو شرط يعكس حجم الخدمة المطلوبة، ويضمن أن تكون الجهات المشاركة قادرة فعليًا على تلبية الطلب المتوقع خلال الشهر الفضيل، دون تعثر أو انقطاع.
ويُنظر إلى هذا الشرط بوصفه مؤشرًا على الجاهزية التشغيلية، وليس مجرد رقم، إذ يتطلب توفير بنية لوجستية متكاملة تشمل خطوط إنتاج كافية، وفرق عمل مدربة، وأساطيل نقل مبردة، ونظم رقابة داخلية تضمن الاستمرارية والجودة على مدار أيام رمضان.

وحددت الهيئة نهاية فترة التقديم في العاشر من شهر رجب الجاري، مؤكدة أن أي طلبات تُقدَّم بعد هذا التاريخ لن تُنظر، في إطار الالتزام بالجدول الزمني المعتمد للاستعداد للموسم الرمضاني، والذي يتطلب تنسيقًا مبكرًا بين مختلف الجهات ذات العلاقة.
وتُعد خدمة إفطار الصائمين في الحرمين من أكبر مبادرات الإطعام الجماعي في العالم الإسلامي، حيث تستقبل ساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي مئات الآلاف من الصائمين يوميًا، ما يستدعي تنظيمًا دقيقًا يوازن بين تقديم الخدمة والحفاظ على انسيابية الحركة وأمن وسلامة المصلين.
وخلال السنوات الماضية، شهدت هذه الخدمة تطورًا ملحوظًا على مستوى التنظيم والتقنيات المستخدمة، سواء في آليات الفرز والاعتماد، أو في طرق التوزيع، أو في إدارة النفايات بعد الإفطار، بما يعكس نقلة نوعية في إدارة الحشود والخدمات داخل الحرمين.

وتسعى الهيئة من خلال هذه الإجراءات إلى تحقيق عدة أهداف متوازية، في مقدمتها الارتقاء بتجربة الصائم داخل الحرمين، وتعزيز مفهوم العمل المؤسسي المنظم، وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية عبر إتاحة المجال للمنشآت المؤهلة للمساهمة في هذا العمل الخيري العظيم.
كما ينسجم هذا التوجه مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تولي عناية خاصة بتحسين جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتعزيز كفاءة إدارة الحشود، وتوظيف أفضل الممارسات العالمية في تنظيم المواسم الدينية الكبرى.
ويؤكد مراقبون أن تنظيم خدمة إفطار الصائمين بهذه الآلية يعكس تحولًا نوعيًا في إدارة الأعمال الخيرية داخل الحرمين، من المبادرات الفردية المحدودة إلى منظومة مؤسسية تخضع لمعايير دقيقة، بما يحفظ كرامة المستفيدين، ويضمن عدالة التوزيع، ويمنع أي تجاوزات تنظيمية.
وتُعد هذه الخدمة أيضًا فرصة للمنشآت الوطنية المتخصصة في الإعاشة لتقديم نموذج احترافي يعكس قدرات القطاع المحلي، ويسهم في تعزيز الثقة في الكفاءات الوطنية القادرة على إدارة مشاريع ضخمة في بيئات عالية الحساسية والتعقيد.
وتحرص الهيئة على التأكيد أن اعتماد الجهات المشاركة لا يُعد مجرد إجراء شكلي، بل هو التزام كامل بمعايير صارمة ستخضع للمتابعة والتقييم الميداني المستمر طوال شهر رمضان، مع اتخاذ الإجراءات النظامية بحق أي منشأة يثبت إخلالها بالاشتراطات المعتمدة.
ومن المتوقع أن يشهد شهر رمضان المقبل كثافة عالية من المعتمرين والزوار، في ظل استمرار الزخم الديني والسياحي، ما يجعل من التنظيم المسبق لخدمة إفطار الصائمين عنصرًا محوريًا في نجاح الموسم، وضمان راحة ضيوف الرحمن.
ويرى مختصون في إدارة الحشود أن بدء استقبال الطلبات في هذا التوقيت يعكس قراءة دقيقة لمتطلبات المرحلة، ويمنح الجهات المعنية هامشًا كافيًا لمعالجة أي ملاحظات أو نواقص قبل حلول الشهر الكريم، بما يقلل من احتمالات الطوارئ أو الارتباك التنظيمي.
وتؤكد الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي التزامها المستمر بتطوير منظومة الخدمات داخل الحرمين، والعمل على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات المؤهلة، بما يخدم رسالة الحرمين، ويعكس الصورة الحضارية للمملكة في إدارة أقدس بقاع الأرض.
ومع اقتراب شهر رمضان، تتجه الأنظار إلى الاستعدادات المتسارعة داخل مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث تشكل خدمة إفطار الصائمين أحد أبرز ملامح هذا الموسم الروحي، بما تحمله من أبعاد دينية وإنسانية وتنظيمية تتجاوز كونها مجرد وجبة إفطار، لتصبح تجربة متكاملة تعكس روح المكان وقدسيته.
اقرأ أيضًا: رسميًا.. كتائب القسام تعلن استشهاد أبو عبيدة


