منوعات

عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة

الترند العربي – متابعات

رغم العناوين القاتمة التي هيمنت على أخبار المناخ خلال السنوات الأخيرة، جاء عام 2025 ليكسر هذا الإيقاع المتشائم نسبيًا، ويقدم سلسلة من التحولات والإنجازات المناخية التي أعادت بعض التوازن إلى المشهد العالمي، في وقت ما زالت فيه الظواهر المتطرفة، وارتفاع درجات الحرارة، وتجاوز الحدود الكوكبية، تشكل تهديدًا وجوديًا لكوكب الأرض والإنسان معًا.

بين أحكام قضائية غير مسبوقة، واتفاقيات دولية لحماية الطبيعة، وطفرة حقيقية في إنتاج الطاقة المتجددة، وتغيرات ملموسة في علاقة الاقتصاد بالانبعاثات، برز عام 2025 بوصفه عامًا مفصليًا في مسار العمل المناخي العالمي، عامًا لم يُلغِ الأزمات، لكنه قدّم دلائل واضحة على أن مسار المواجهة لم يعد مجرد وعود نظرية.

المناخ بين القلق العالمي وبوادر الأمل
هيمن تغيّر المناخ على المزاج العام للبشرية خلال 2025، ليس فقط بوصفه قضية بيئية، بل كعامل مباشر في تشكيل القلق الجماعي، مع تصاعد الحرائق والفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى البحار، غير أن هذا القلق نفسه كان أحد محركات التحول، إذ دفع الحكومات والمؤسسات والمجتمعات المدنية إلى البحث عن أدوات جديدة للمواجهة، تتجاوز الخطاب إلى الفعل.

عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة
عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة

القضاء الدولي يدخل قلب معركة المناخ
أحد أبرز ملامح 2025 كان انتقال ملف المناخ بقوة إلى ساحات القضاء الدولي، بعدما أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا تاريخيًا وضع تغيّر المناخ في إطار قانوني واضح، وربط بين حماية البيئة وحقوق الإنسان الأساسية، في خطوة اعتبرها خبراء القانون تحولًا نوعيًا في طريقة التعامل مع الأزمة المناخية.

الحق في بيئة سليمة كحق إنساني أساسي
الرأي الاستشاري للمحكمة أكد أن الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة يُعد من الحقوق الإنسانية الجوهرية، تمامًا مثل الحق في الغذاء والمياه والسكن، وهو توصيف لم يكن مجرد صياغة لغوية، بل تأسيس لقاعدة قانونية جديدة تفتح الباب أمام مساءلة الدول والشركات الكبرى المسببة للتلوث.

زخم قانوني يتجاوز الإطار الرمزي
ورغم أن الرأي الاستشاري غير ملزم قانونيًا، إلا أنه منح دفعة قوية لمسار التقاضي المناخي، وأعاد تعريف مسؤوليات الدول وفق القانون الدولي، ما جعله أداة مرجعية تستخدمها المحاكم الوطنية والإقليمية، والمنظمات الحقوقية، والمجتمعات المتضررة من آثار تغيّر المناخ.

عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة
عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة

قضايا مناخية تطرق أبواب المحاكم
عام 2025 شهد توسعًا لافتًا في القضايا المناخية، من بينها دعاوى رفعت ضد شركات طاقة كبرى، تطالب بتعويضات عن أضرار مباشرة لحقت بالمزارعين والمجتمعات المحلية، في مؤشر على أن التقاضي المناخي لم يعد استثناءً، بل مسارًا متصاعدًا في أدوات الضغط والمساءلة.

القانون كأداة لحماية الكوكب
التحول الأهم تمثل في تغير النظرة إلى القانون من كونه إطارًا تنظيميًا بطيئًا، إلى أداة فاعلة لحماية البشر والطبيعة، وهو ما أكده مختصون اعتبروا أن 2025 كان العام الذي بات فيه القانون جزءًا أساسيًا من معركة المناخ، وليس مجرد شاهد عليها.

معاهدة أعالي البحار.. حماية ثلثي المحيطات
في موازاة التحول القضائي، شهد العام خطوة تاريخية أخرى مع مصادقة الاتحاد الأوروبي وعدد من دوله على معاهدة الأمم المتحدة لحماية أعالي البحار، في تطور اعتُبر من أهم الإنجازات البيئية الدولية خلال العقد الأخير.

محيطات بلا حدود وطنية
أعالي البحار، التي تقع خارج نطاق السيادة الوطنية، تغطي نحو ثلثي محيطات العالم، وظلت لعقود منطقة رمادية من حيث الحماية القانونية، ما جعلها عرضة للتلوث والصيد الجائر والاستغلال المفرط، قبل أن تأتي هذه المعاهدة لتضع إطارًا ملزمًا لحمايتها.

عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة
عام الانتصارات الخضراء.. كيف قلب 2025 موازين المناخ من القضاء إلى الطاقة النظيفة

خطوة حاسمة لحماية التنوع البيولوجي
المعاهدة تمهّد لإنشاء مناطق بحرية محمية واسعة النطاق، وتدعم الهدف العالمي بحماية 30 في المئة من المحيطات بحلول 2030، وهو هدف اعتُبر سابقًا طموحًا يصعب تحقيقه، قبل أن يتحول في 2025 إلى مسار قابل للتنفيذ.

المحيطات في قلب المعركة المناخية
أهمية هذه الخطوة لا تكمن فقط في حماية الحياة البحرية، بل في الدور الحيوي الذي تلعبه المحيطات في تنظيم مناخ الأرض، وامتصاص الكربون، والتخفيف من آثار الاحترار العالمي، ما يجعل حمايتها عنصرًا محوريًا في أي استراتيجية مناخية فعالة.

طفرة غير مسبوقة في الطاقة المتجددة
على صعيد الطاقة، سجّل عام 2025 لحظة فارقة تمثلت في تجاوز إنتاج الطاقة المتجددة، من الشمس والرياح، الطلب العالمي على الكهرباء للمرة الأولى في التاريخ، في تحول رمزي وعملي في آن واحد.

الشمس تقود التحول العالمي
الطاقة الشمسية برزت باعتبارها المحرك الرئيسي لهذا التحول، مع تسجيل معدلات نمو قياسية في الإنتاج، مدفوعة بانخفاض التكاليف، وتطور تقنيات التخزين، وتوسع الاستثمارات في هذا القطاع، خاصة في الاقتصادات الناشئة.

الرياح شريك أساسي في المعادلة
إلى جانب الشمس، واصلت طاقة الرياح تعزيز حضورها في مزيج الطاقة العالمي، وأسهمت بشكل ملموس في تقليص الاعتماد على الفحم، الذي تراجع لأول مرة إلى المرتبة الثانية كمصدر لإنتاج الكهرباء عالميًا.

الكلفة المنخفضة تغير قواعد اللعبة
التحول لم يكن مدفوعًا فقط بالاعتبارات البيئية، بل أيضًا بالاقتصاد، إذ باتت الطاقة الشمسية الأرخص بين جميع مصادر الكهرباء، ما جعل التحول إليها قرارًا ماليًا عقلانيًا، وليس مجرد التزام أخلاقي أو سياسي.

التخزين يزيل العقبة الكبرى
الانخفاض الحاد في أسعار بطاريات التخزين، خاصة بطاريات الليثيوم، أسهم في حل واحدة من أكبر مشكلات الطاقة المتجددة، وهي تقلب الإنتاج، وجعل الأنظمة الشمسية قادرة على منافسة محطات الغاز من حيث الكلفة والاستقرار.

اقتصادات تنمو بلا زيادة في الانبعاثات
أحد التحولات اللافتة في 2025 كان تراجع الارتباط التقليدي بين النمو الاقتصادي وارتفاع الانبعاثات، حيث بدأت دول عدة تحقق نموًا في الناتج المحلي دون زيادة موازية في انبعاثات غازات الدفيئة.

فك الارتباط بين النمو والتلوث
هذا التحول، الذي طالما اعتُبر نظريًا، أصبح واقعًا ملموسًا في عدد متزايد من الاقتصادات، ما يعزز فكرة أن التنمية الاقتصادية لا تشترط بالضرورة استنزاف البيئة، بل يمكن أن تسير في مسار أقل كلفة مناخيًا.

الصين في قلب التحول
حتى الصين، أكبر مصدر للانبعاثات عالميًا، أظهرت مؤشرات على استقرار أو تراجع الانبعاثات، رغم استمرار النمو الاقتصادي، في إشارة إلى تغير تدريجي في نموذج التنمية، يعتمد بشكل أكبر على الطاقة النظيفة والكفاءة الصناعية.

رسالة مهمة للدول النامية
هذا التحول يحمل دلالة خاصة للدول النامية، التي طالما وُضعت أمام معادلة صعبة بين النمو وحماية المناخ، إذ يقدّم نموذجًا بديلًا يثبت أن المسارين يمكن أن يتقاطعا بدل أن يتعارضا.

انتصار صامت للحياة البرية
بعيدًا عن الأرقام والسياسات، شهد 2025 انتصارًا بيئيًا صامتًا تمثل في تحسن أوضاع بعض الأنواع المهددة بالانقراض، وعلى رأسها السلاحف البحرية الخضراء، التي أعيد تصنيفها إلى فئة أقل قلقًا.

ثمار عقود من الحماية
هذا التحسن لم يكن وليد عام واحد، بل نتيجة جهود امتدت لعقود، شملت حماية مواقع التعشيش، والحد من الصيد الجائر، وتقليل الصيد العرضي، ما يؤكد أن العمل البيئي طويل الأمد قادر على إحداث فرق حقيقي.

التنوع البيولوجي كجزء من الحل المناخي
تعافي الأنواع المهددة لا يمثل قيمة أخلاقية فقط، بل عنصرًا أساسيًا في استقرار النظم البيئية، التي تلعب دورًا حاسمًا في امتصاص الكربون، وتنظيم المناخ، وحماية السواحل.

لماذا يُعد 2025 عامًا مفصليًا؟
ما يميز 2025 ليس غياب الأزمات، بل تزامن الأزمات مع أدوات جديدة للمواجهة، قانونية وتقنية واقتصادية، جعلت مسار التحول أكثر واقعية، وأقل اعتمادًا على الوعود المؤجلة.

الإنجازات لا تلغي حجم التحدي
ورغم هذه الانتصارات، يحذر الخبراء من الإفراط في التفاؤل، مؤكدين أن الطريق ما زال طويلًا، وأن هذه الإنجازات تمثل خطوات مهمة لكنها غير كافية وحدها لوقف مسار الاحترار العالمي.

الأمل كأداة سياسية وعلمية
مع ذلك، يشدد مختصون على أن إبراز النجاحات المناخية ليس ترفًا إعلاميًا، بل ضرورة، لأن الأمل المدعوم بالوقائع يحفّز المجتمعات وصنّاع القرار على الاستمرار في المسار الصحيح بدل الاستسلام لليأس.

2025.. عام يغيّر السردية
في نهاية المطاف، قد يُذكر عام 2025 بوصفه العام الذي بدأت فيه السردية المناخية العالمية تتغير تدريجيًا، من خطاب الخسارة فقط، إلى خطاب الفعل والإنجاز، دون إنكار حجم الخطر.

رسالة العام إلى المستقبل
الرسالة الأوضح التي حملها 2025 هي أن التغيير ممكن، لكنه يتطلب إرادة سياسية، واستثمارًا طويل الأمد، وتعاونًا دوليًا حقيقيًا، وهي شروط بدأت تتشكل، وإن ببطء.

ما أبرز انتصار مناخي في 2025؟
إصدار رأي استشاري تاريخي من محكمة العدل الدولية يربط حماية البيئة بحقوق الإنسان.

ما أهمية معاهدة أعالي البحار؟
توفر إطارًا قانونيًا ملزمًا لحماية ثلثي محيطات العالم وتعزيز التنوع البيولوجي.

هل تفوقت الطاقة المتجددة على الفحم فعلًا؟
نعم، وللمرة الأولى تجاوز إنتاج الطاقة المتجددة إنتاج الفحم عالميًا.

هل يمكن للاقتصاد أن ينمو دون زيادة الانبعاثات؟
أظهرت بيانات 2025 أن عددًا متزايدًا من الدول يحقق نموًا اقتصاديًا مع استقرار أو تراجع الانبعاثات.

هل تكفي هذه الإنجازات لمواجهة أزمة المناخ؟
تمثل خطوات مهمة، لكنها تحتاج إلى تسريع وتوسيع لتجنب أسوأ سيناريوهات التغير المناخي.

اقرأ أيضًا: انفجار من فجر الكون.. جيمس ويب يرصد أقدم مستعر أعظم ويكشف أسرار النجوم الأولى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى