سابقة تاريخيّة.. الإمارات تغيّر موعد صلاة الجمعة اعتبارًا من الشهر القادم
الترند العربي – متابعات
في خطوة غير مسبوقة على مستوى التنظيم الديني المجتمعي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة تعديل موعد إقامة خطبة وصلاة الجمعة في جميع مساجد الدولة، ليصبح التوقيت الجديد الساعة 12:45 ظهرًا بشكل ثابت طوال العام، وذلك اعتبارًا من 2 يناير 2026. القرار، الذي جاء بعد سنوات من الدراسة والتقييم، يعكس مقاربة إماراتية مختلفة في إدارة الشأن الديني، تقوم على مراعاة المتغيرات الاجتماعية وأنماط الحياة الحديثة، دون الإخلال بالضوابط الشرعية.
هذا التعديل أثار تفاعلًا واسعًا داخل الإمارات وخارجها، بين مرحّب يرى فيه خطوة تنظيمية متقدمة، ومتسائل عن خلفياته الشرعية والمجتمعية، خاصة أنه يغيّر نمطًا ظل ثابتًا لعقود طويلة في توقيت صلاة الجمعة.

قرار مدروس بعد سنوات من التقييم المجتمعي
أكد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في الإمارات، الدكتور عمر حبتور الدرعي، أن قرار تعديل موعد صلاة الجمعة لم يكن قرارًا لحظيًا أو مرتبطًا بظرف طارئ، بل جاء ثمرة نحو أربع سنوات من الدراسة، شملت رصد تفاعل المجتمع مع مواعيد الصلاة، وتحليل أنماط العمل، والحياة الأسرية، وتغير طبيعة اليوم الوظيفي والاجتماعي في الدولة.
وأوضح الدرعي أن الهيئة لاحظت، خلال السنوات الماضية، أن شريحة واسعة من المجتمع لا تندرج ضمن إطار الموظفين التقليديين، فهناك المتقاعدون، وكبار السن، وأصحاب الأعمال الحرة، وربات البيوت، والطلاب، ما يجعل توقيت الجمعة عنصرًا مؤثرًا في توازن اليوم الأسري والاجتماعي.

البعد المجتمعي… لا الفتوى الشرعية
شدّد رئيس الهيئة على أن القرار ليس فتوى شرعية جديدة، ولا يتضمن أي تغيير في الحكم الديني لصلاة الجمعة، موضحًا أن وقت صلاة الجمعة شرعًا يمتد من دخول وقت الظهر وحتى دخول وقت العصر، وأن أداءها في الساعة 12:45 أو حتى بعد ذلك يظل صحيحًا من الناحية الفقهية.
وبيّن الدرعي أن الهدف الأساسي من القرار هو تحقيق الانسجام المجتمعي، وتعزيز مفهوم “لمة الجمعة”، بما يتيح للعائلات قضاء وقت أطول معًا، ويخفف من الضغوط الزمنية التي كانت تفرضها بعض المواعيد السابقة، خاصة على العاملين بنظام الدوام الجزئي أو المرن.

لماذا الساعة 12:45 تحديدًا؟
اختيار توقيت 12:45 لم يكن اعتباطيًا، بل جاء بعد مراجعة دقيقة لعدة عوامل، أبرزها طول وقت الظهر على مدار العام، واختلاف فصول السنة، وتفاوت ساعات العمل بين الجهات الحكومية والخاصة، إضافة إلى حركة المرور والتنقل داخل المدن الكبرى.
ووفق مختصين، فإن هذا التوقيت يحقق توازنًا بين أداء الشعيرة في وقتها الشرعي، ومنح مساحة زمنية مريحة قبل وبعد الصلاة، دون أن يتسبب في تعارض حاد مع الالتزامات المهنية أو الأسرية.
تجربة إماراتية في إدارة الشأن الديني
القرار يعكس نموذجًا إماراتيًا خاصًا في إدارة الشأن الديني، يقوم على الدمج بين الضوابط الشرعية والاعتبارات الواقعية، دون إخضاع الدين لضغوط التحديث، ولا تجاهل تحولات المجتمع المعاصر.
فالإمارات، التي تضم مزيجًا سكانيًا متنوعًا، عملت خلال السنوات الماضية على تطوير خطابها الديني، وتنظيم شؤون المساجد، والخطب، والمواقيت، بما يعزز الوسطية، ويواكب إيقاع الحياة الحديثة.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تشكّل نموذجًا يُدرَس في دول أخرى، خاصة تلك التي تواجه تحديات مشابهة في التوفيق بين متطلبات العمل والحياة الدينية.
تفاعل واسع وجدَل إيجابي
أثار الإعلان عن تعديل موعد صلاة الجمعة تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مرحّبين اعتبروا الخطوة “تنظيمية ذكية”، ومن رأى أنها تحتاج إلى مزيد من الشرح والتوعية لتجنب أي لبس لدى العامة.
غير أن اللافت أن الجدل ظل في معظمه هادئًا وإيجابيًا، مع تركيز النقاش على البعد المجتمعي للقرار، أكثر من كونه خلافًا دينيًا، وهو ما يعكس مستوى الوعي العام بطبيعة التغيير وأسبابه.
انعكاسات القرار على المساجد والخطاب الديني
من المتوقع أن ينعكس القرار على تنظيم عمل المساجد، وجدولة الخطب، وتوزيع الأئمة والمؤذنين، إضافة إلى تنسيق أفضل مع الجهات الخدمية والأمنية، خاصة في المدن الكبرى.
كما يُنتظر أن يسهم التوقيت الجديد في تحسين حضور المصلين، وتقليل حالات التأخر أو الازدحام، وإتاحة وقت أطول بعد الصلاة للأنشطة الأسرية والاجتماعية التي تُعد جزءًا من روح يوم الجمعة.
الجمعة بين العبادة والحياة اليومية
يؤكد القرار، بحسب مراقبين، أن يوم الجمعة في التصور الإماراتي ليس مجرد شعيرة تؤدى، بل فضاء اجتماعي وروحي، يجمع بين العبادة، وصلة الرحم، والاستقرار النفسي، وهو ما سعت الهيئة إلى ترسيخه من خلال هذا التعديل.
فالجمعة، كما أوضح الدرعي، ليست يوم عمل فقط، ولا يوم عبادة فقط، بل يوم توازن، والقرار جاء ليعيد ضبط هذا التوازن بما يخدم الإنسان والأسرة والمجتمع.
هل يشمل القرار جميع مساجد الدولة؟
نعم، أكدت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة أن التعديل سيُطبق على جميع المساجد في دولة الإمارات دون استثناء، لضمان توحيد التوقيت، ومنع الارتباك أو التباين بين منطقة وأخرى.
س: متى يبدأ تطبيق موعد صلاة الجمعة الجديد؟
ج: يبدأ التطبيق رسميًا اعتبارًا من يوم الجمعة الموافق 2 يناير 2026.
س: هل التعديل مرتبط بفتوى شرعية جديدة؟
ج: لا، القرار تنظيمي مجتمعي، ولا يستند إلى فتوى جديدة، فصلاة الجمعة شرعًا تصح في أي وقت بين الظهر والعصر.
س: لماذا تم اختيار الساعة 12:45 تحديدًا؟
ج: لأنها تحقق توازنًا بين الوقت الشرعي ومتطلبات الحياة العملية والاجتماعية، بعد دراسات استمرت سنوات.
س: هل يشمل القرار جميع المساجد في الإمارات؟
ج: نعم، يشمل جميع مساجد الدولة دون استثناء.
س: هل يمكن تغيير التوقيت مستقبلًا؟
ج: القرار جاء بعد دراسة طويلة، ويهدف إلى الاستقرار، لكن الجهات المختصة تظل منفتحة على التقييم المستمر وفق مصلحة المجتمع.
خاتمة
بهذا القرار، تفتح الإمارات صفحة جديدة في تنظيم الشعائر الدينية، تؤكد من خلالها أن الدين والحياة ليسا في صراع، بل في تكامل، وأن إدارة الشأن الديني يمكن أن تكون مرنة، واعية، ومتجذرة في المقاصد الشرعية، دون أن تنفصل عن واقع الناس. خطوة قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في عمقها دلالات ثقافية واجتماعية تتجاوز مجرد تغيير ساعة على جدار مسجد.
اقرأ أيضًا: بئر الهُجيم… شاهد ماءٍ صامت على سيرة العابرين في المدينة المنورة


