الترند العربي – متابعات

لم تكن المكانة العالمية التي حققها مطار أبها الدولي هذا الشهر مجرّد رقم يُضاف إلى سجل النجاحات، بل جاءت كجزء من تحوّل نوعي أوسع يشهده قطاع الطيران المدني في المملكة. فحصول المطار على المركز الثالث عالميًا في دقة مواعيد الرحلات لشهر أكتوبر 2025 بنسبة التزام بلغت 92.40% لم يكن حدثًا عابرًا، بل نتيجة مباشرة لرؤية تنظيمية وتشغيلية بدأت قبل سنوات، وبدأت تظهر آثارها الآن على أرض الواقع.
هذا الإنجاز يفتح الباب أمام سؤال أكبر: كيف استطاع مطارٌ إقليمي أن ينافس مطارات عالمية ضخمة في آسيا وأوروبا والأمريكتين؟ وما الذي تغيّر فعليًا في أبها ليصل إلى هذه المرتبة؟

CIRIUM.. الجهة التي أعادت رسم خريطة الترتيب العالمي

تُعد شركة CIRIUM واحدة من أبرز الجهات العالمية المعنية بتحليل بيانات الطيران ومراقبة الأداء اليومي والدقة التشغيلية للمطارات وشركات الطيران. وتكتسب هذه التقارير أهمية مضاعفة لأنها تعتمد على ملايين البيانات اليومية المتعلقة بحركة الطائرات، الإقلاع والهبوط، نسب التأخير، أسباب التعطل، الظروف الجوية، وكفاءة إدارة العمليات.
وبحسب تقرير أكتوبر 2025، تفوق مطار أبها الدولي على عشرات المطارات العالمية الشهيرة، ليقف في المركز الثالث عالميًا ضمن فئة أكثر المطارات التزامًا بالمواعيد، متفوّقًا بذلك على مطارات ذات قدرات تشغيليـة ضخمة وبنى تحتية أقدم وأكثر اتساعًا. هذا الإنجاز يكشف بوضوح أن معيار النجاح لم يعد مرتبطًا فقط بحجم المطار أو موقعه، بل بكفاءة إدارته وجودة عملياته.

كيف تغيّر أداء مطار أبها خلال السنوات الأخيرة؟

شهد مطار أبها الدولي خلال السنوات الأربع الماضية سلسلة إصلاحات تشغيلية وهيكلية تتماشى مع مستهدفات برنامج الطيران المدني في رؤية المملكة 2030، والتي ركّزت على:

• تحسين إدارة الجداول الزمنية للرحلات
• رفع كفاءة عمليات الإركاب والمغادرة
• تقليل فترات انتظار المسافرين
• تطوير أنظمة الخدمة الذاتية
• زيادة نقاط التفتيش الأمني
• تعزيز جاهزية الأطقم التشغيلية والفنية
  هذه الإجراءات جعلت المطار أكثر قدرة على التعامل مع الازدحام الموسمي، خصوصًا خلال “صيف عسير” الذي يشهد زيادة سنوية متسارعة في عدد الزوار.

منشأة ذات هوية محورية في المنطقة الجنوبية

يعد مطار أبها الدولي أهم بوابة جوية للمنطقة الجنوبية، ويقع في قلب واحدة من أكثر المناطق السياحية نشاطًا في المملكة. ويشكّل المطار نقطة الوصل بين المدن السعودية الرئيسية والمناطق الجبلية والطبيعية في عسير، ما يجعله أحد أهم المحاور في شبكة الطيران الداخلي.
ومع توسّع السياحة الداخلية وزيادة الرحلات الموسمية، أصبح تعزيز موثوقية الرحلات الجوية ضرورة ملحة، وهو ما استطاع المطار تحقيقه وفق معايير دقيقة.

المطار الجديد.. مشروع يغيّر قواعد اللعبة

لم يأت إعلان المخطط العام لمطار أبها الجديد صدفة أو بمعزل عن هذا التقدم، بل جاء كخطوة تكميلية تعزز ما تحقق. المشروع الجديد يمثل نقلة استراتيجية للمنطقة من جميع النواحي:

• مساحة صالات 65 ألف متر مربع بدلًا من 14,500 في المطار الحالي
• هوية معمارية مستوحاة من تراث عسير
• جسور إركاب حديثة تقلل زمن الانتظار
• منصات خدمة ذاتية ذكية
• مرافق متقدمة للمسافرين والأطقم الجوية
• زيادة الطاقة الاستيعابية إلى 13 مليون مسافر سنويًا بدلًا من 1.8 مليون
  هذا النمو الهائل سيحوّل المطار إلى مركز إقليمي قادر على الربط بين الرحلات الداخلية والدولية بكفاءة أكبر.

نقلة في حركة الرحلات

اليوم، يتعامل مطار أبها مع ما يقارب 30 ألف رحلة سنويًا. ومع اكتمال المطار الجديد، سيرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 90 ألف رحلة، أي ثلاثة أضعاف الحركة الحالية.
هذا التوسع لا يعني فقط زيادة أعداد المغادرين والقادمين، بل يعني أيضًا:

• تحسين الربط الجوي في المنطقة الجنوبية
• إضافة وجهات جديدة
• تعزيز حركة السفر الدولية
• تحسين اقتصاد السياحة في عسير
• خلق آلاف الفرص الوظيفية في مجال الطيران والسفر والخدمات اللوجستية

لماذا يهمّ الالتزام بالمواعيد؟

يعكس الانضباط في مواعيد الرحلات مستوى نضج المنظومة التشغيلية في أي مطار. فالمسافر اليوم يقارن التجربة بين المطارات على أساس زمن الانتظار، دقة الرحلات، جودة التعامل، وسهولة الحركة.
وبالتالي، فإن وصول مطار أبها إلى هذا المستوى يعني:

• تقليل احتمالية ضياع الرحلات الدولية المرتبطة
• تحسين تجربة السفر للمواطنين والمقيمين
• تعزيز ثقة شركات الطيران في المطار
• زيادة الطلب على الوجهات التي يخدمها
• رفع تنافسية المملكة في قطاع النقل الجوي عالميًا

دور الهيئة العامة للطيران المدني

تتبنى هيئة الطيران المدني استراتيجية متكاملة لتحسين الأداء التشغيلي لجميع مطارات المملكة، عبر أنظمة رصد إلكترونية حديثة تتتبع كل رحلة، ومؤشرات أداء شهرية يتم تحديثها باستمرار.
إضافة إلى ذلك، يجري العمل على تطوير البنية الرقمية للمطارات واعتماد أنظمة تشغيل تقلل الهدر وتعزز الدقة التشغيلية.

من عسير إلى العالم.. مطار يُقدّم نموذجًا سعوديًا جديدًا

يبرز مطار أبها اليوم ليس فقط كمطار يخدم منطقة محلية، بل كنموذج سعودي يعكس كيف يمكن تطوير المطارات الإقليمية لتنافس عالميًا.
فالمنطقة الجنوبية تمتلك مقومات سياحية ضخمة: الجبال، الغابات، الأجواء المعتدلة، والمبادرات الثقافية والترفيهية التي تُطلق سنويًا، ما يجعل نجاح المطار عنصرًا أساسيًا في استدامة نمو المنطقة اقتصاديًا وسياحيًا.

شهادة عالمية تعزّز ثقة المسافرين

إن تحقيق نسبة التزام تصل إلى 92.40% ليس مجرد إنجاز رقمي، بل هو رسالة ثقة للمسافرين بأن هذا المطار يوفر تجربة سفر أكثر أمانًا وتنظيمًا وموثوقية.
وبالنسبة للمستثمرين والشركات السياحية، يمثل هذا مؤشرًا قويًا على جاهزية المنطقة لاستقطاب مزيد من الفعاليات الكبرى والأنشطة السياحية النوعية.

أبها في 2030.. وجهة عالمية تستعد للانطلاق

مع اكتمال المشاريع السياحية الضخمة في عسير، من المتوقع أن يصبح مطار أبها أحد أهم مراكز الربط الجوي الإقليمية.
وبفضل التوسع الكبير، ستتمكن شركات الطيران من إضافة رحلات دولية مباشرة إلى المدن الكبرى في آسيا وأوروبا، وهو ما سيغيّر خريطة السفر والسياحة في المنطقة بالكامل.

كيف ستتغير تجربة المسافر في المستقبل؟

تجربة المسافر في مطار أبها بعد افتتاحه الجديد ستكون مختلفة جذريًا، وتشمل:

• خفض وقت الانتظار عند نقاط التفتيش
• ارتفاع عدد منصات الخدمة الذاتية
• تفعيل أنظمة البوابات الذكية
• توسعة صالات المغادرة والوصول
• مناطق تجارية وترفيهية ومطاعم متنوعة
• مسارات أكثر مرونة للأشخاص ذوي الإعاقة
  هذه المزايا ستضع المطار في فئة المطارات العالمية الحديثة التي تركز على جودة تجربة المسافر بقدر التركيز على العمليات التشغيلية.

الموقع الجغرافي يمنح المطار أهمية استراتيجية

أحد أسرار نجاح مطار أبها هو موقعه المرتفع على سلسلة جبال السروات، ما يجعل المنطقة وجهة صيفية مهمة. ومع ازدياد الإقبال خلال المواسم، يصبح الالتزام بالمواعيد عنصرًا حساسًا في القدرة على استيعاب الطلب المتنامي.
كما يساهم موقع المطار في ربط المحافظات الجبلية والمدن الساحلية المحيطة، ما يعزز دوره الاقتصادي في حركة التجارة والتنقل.

أثر الإنجاز على المجتمع المحلي

لا يقف تأثير هذا التطور على المسافرين فقط، بل ينعكس أيضًا على:

• زيادة الأنشطة الاقتصادية في محيط المطار
• خلق فرص عمل جديدة
• تحسين الحركة السياحية في جميع محافظات عسير
• دعم المشاريع المحلية في الضيافة والتجارة والخدمات
  هذا الارتباط الوثيق بين أداء المطار وازدهار المجتمع المحلي يمثل جزءًا مهمًا من رؤية 2030 في تمكين المناطق.

الاستعداد للمستقبل الرقمي في الطيران

يشهد قطاع الطيران تحولًا عالميًا نحو التشغيل الرقمي:

• أنظمة الذكاء الاصطناعي لإدارة الحركة
• الصيانة التنبؤية للطائرات
• الروبوتات في الخدمات الأرضية
• التحليل الفوري للبيانات التشغيلية
  وقد بدأت مطارات المملكة، بما فيها مطار أبها، تبني هذه التقنيات تدريجيًا، ما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة عالميًا.

ما سبب حصول مطار أبها الدولي على المركز الثالث عالميًا؟
لتحقيقه نسبة التزام مرتفعة في مواعيد الإقلاع والهبوط بلغت 92.40% خلال أكتوبر 2025، بحسب تقرير CIRIUM.

هل سيؤثر المطار الجديد على تصنيف المطار مستقبلًا؟
نعم، من المتوقع أن يرفع تصنيف المطار عالميًا بفضل بنيته الضخمة وقدراته التشغيلية الجديدة.

كم عدد المسافرين المتوقع بعد افتتاح المطار الجديد؟
أكثر من 13 مليون مسافر سنويًا، مقارنة بـ1.8 مليون في الوقت الحالي.

متى ينتهي العمل في المطار الجديد؟
المخطط العام أُعلن رسميًا، ويجري العمل على مراحل التنفيذ بما يتماشى مع خطة تطوير مطارات المملكة.

كيف يؤثر هذا الإنجاز على السياحة في عسير؟
يعزز ثقة المسافرين، ويزيد معدلات الإقبال السياحي، ويدعم خطط تنشيط القطاع السياحي في المنطقة.

اقرأ أيضًا: أرامكو تتصدّر المشهد العالمي للطاقة.. تفوّق غير مسبوق في تقرير 2026