رياضةرياضة مصرية

ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي

ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي

الترند العربي – متابعات

في مشهدٍ طال انتظاره، أعلن النادي الأهلي المصري رسميًا تعاقده مع المدرب الدنماركي ياس توروب لمدة عامين ونصف، ليبدأ فصلًا جديدًا من الحكاية الحمراء التي لا تتوقف. لحظة الإعلان جاءت وسط حالة من الترقب بين جماهير القلعة الحمراء، التي تبحث عن الاستقرار الفني بعد سلسلة من التغييرات السريعة على مستوى الأجهزة الفنية في السنوات الأخيرة.
توروب، الذي يمتلك سجلًا أوروبيًا غنيًا وتجربة متنوعة بين الدنمارك وألمانيا وبلجيكا، يدخل التحدي المصري وهو يدرك تمامًا أن تدريب الأهلي لا يشبه أي تجربة سابقة، وأن النجاح في “القلعة الحمراء” لا يُقاس فقط بالأداء، بل بالبطولات، والانضباط، والقدرة على السيطرة على التفاصيل الدقيقة في فريقٍ يعرف طريق المجد لكنه لا يرضى بأقل منه.

ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي
ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي

بداية المشهد.. من هو ياس توروب؟

المدرب الدنماركي ياس توروب (Jess Thorup)، البالغ من العمر 55 عامًا، وُلد في مدينة راندرز الدنماركية، وبدأ مسيرته كلاعب مهاجم حيث خاض أكثر من 240 مباراة في الدوريات الأوروبية وسجل خلالها 71 هدفًا، قبل أن يتحول إلى عالم التدريب عام 2009 كمساعد في نادي إيسبيرج الدنماركي.
بعدها، تولى المهمة رسميًا في 2011 وحقق نتائج مميزة دفعت به إلى تجارب أكبر مع أندية مثل ميتلاند وجينك البلجيكي وكوبنهاغن، قبل أن ينتقل إلى الدوري الألماني لقيادة فريق أوجسبورج.
ويُعرف توروب بقدرته على تطوير الهجمات المنظمة وبناء اللعب من الخلف، إضافة إلى شخصيته القوية في إدارة الغرف المغلقة، وهو ما يجعله مرشحًا مثاليًا لتدريب فريق مثل الأهلي، حيث الضغوط لا تتوقف والمطالب لا ترحم.

ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي
ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي

بصمة هجومية وهوية شاملة

يميل توروب إلى الكرة الهجومية ذات الإيقاع السريع والضغط العالي، مع الاعتماد على أسلوب “التمركز المتنوع”، الذي يسمح للاعبين بتغيير مراكزهم أثناء الهجمة.
هذا الأسلوب ينسجم مع هوية الأهلي التاريخية القائمة على الاستحواذ، التمرير القصير، والتحول السريع من الدفاع إلى الهجوم.
في تجاربه السابقة، فضّل توروب اللعب بطريقة (4-3-3) أو (4-2-3-1) مع التركيز على أظهرة هجومية تساند الأطراف في الاختراق العرضي.
أما في ميتلاند، فقد ابتكر شكلًا هجوميًا مميزًا يعتمد على المهاجم المتأخر الذي يصنع العمق ويفتح المساحات لزملائه، وهو ما جعل فريقه يسجل معدلات تهديفية مرتفعة في الدنمارك وبلجيكا.

ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي
ياس توروب.. المدرب الدنماركي الجديد للأهلي المصري بين الفكر الهجومي والتحدي الأفريقي

الأهلي والبحث عن الهوية المفقودة

منذ رحيل الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، والأهلي يعيش مرحلة من التغيّر الفني المستمر، إذ تولى المهمة بعده عدد من المدربين أبرزهم ريكاردو سواريش ومارسيل كولر وخوسيه ريبيرو، لكن رغم تحقيق بعض النجاحات، ظل الأداء يتأرجح بين الصعود والهبوط.
اختيار ياس توروب جاء بعد دراسة استمرت أكثر من 38 يومًا، شملت ملفات 4 مدربين بينهم ثلاثة برتغاليين.
لكن لجنة التخطيط في الأهلي رأت في المدرب الدنماركي شخصية قادرة على فرض الانضباط وتقديم كرة قدم هجومية حديثة تناسب تطلعات النادي محليًا وقاريًا.
الرهان هذه المرة ليس فقط على النتائج، بل على بناء مشروع فني مستدام يمتد لسنوات، يعيد للفريق أسلوبه المتكامل القائم على التنظيم، الصبر، والتنوع التكتيكي.


بين التجربة الأوروبية والواقع الإفريقي

يدرك توروب أن انتقاله إلى أفريقيا، وتحديدًا إلى النادي الأهلي، يعني مواجهة تحديات مختلفة كليًا عمّا اعتاده في أوروبا.
فإيقاع المباريات هنا يعتمد على القوة البدنية والضغط الجماهيري، والملاعب في بعض البلدان لا تمنح نفس ظروف اللعب المثالية، فضلًا عن السفر الطويل وتباين الأجواء المناخية.
لكن خبرته في التعامل مع ضغوط الجماهير في كوبنهاغن وجينك جعلته أكثر قدرة على التكيّف.
كما أن امتلاكه عقلية احترافية عالية ستُسهم في تعزيز الجانب الذهني للاعبين، خاصة أنه طالب إدارة الأهلي منذ اللحظة الأولى بوجود طبيب نفسي ضمن الجهاز الفني، في خطوة تعبّر عن وعيه بأهمية العامل النفسي في فريق يلعب دائمًا للفوز.


استقبال في القاهرة.. وبدء صفحة جديدة

من المنتظر أن يصل توروب إلى القاهرة برفقة طاقمه المساعد المكوّن من خمسة أفراد: مساعدان، معد بدني، محلل فني، ومدرب حراس مرمى، على أن يقود أول تدريب رسمي يوم الجمعة المقبل في ملعب مختار التتش.
وسيخوض الأهلي تحت قيادته أول مباراة رسمية أمام فريق إيجل نوار البوروندي يوم 18 أكتوبر في ذهاب الدور التمهيدي الثاني لدوري أبطال أفريقيا.
هذه المباراة ستكون بمثابة اختبار مبكر يحدد ملامح العلاقة بين الجمهور والمدرب الجديد، فالجماهير لا تنتظر كثيرًا قبل إطلاق أحكامها، خاصة أن التاريخ يُظهر أن كل المدربين الذين بدأوا مشوارهم القاري مع الأهلي خارج الأرض حققوا الفوز في أول مباراة، مثل جوزيه وفايلر وكولر.


فلسفة توروب.. اللعب بالضغط والإيقاع

تُظهر مسيرة المدرب الدنماركي أنه من أنصار “الضغط المتقدّم” الذي يعتمد على افتكاك الكرة في مناطق الخصم، وتضييق المساحات عبر خطوط متقاربة.
كما يؤمن بالتحولات السريعة، إذ يرى أن الهجوم المنظم لا يعني البطء بل الذكاء في اختيار التوقيت.
غالبًا ما يستخدم توروب تدريبات “المساحات الصغيرة” التي تجبر اللاعبين على التفكير السريع واتخاذ القرار في أقل من ثانيتين، وهي نفس الطريقة التي جعلت فريقه كوبنهاغن يقدّم أداءً ممتعًا في الدوري الدنماركي ودوري الأبطال الأوروبي موسم 2022.
ويرى المحللون أن هذا الفكر يتناسب تمامًا مع طبيعة لاعبي الأهلي الذين يمتازون بالمهارة والسرعة، شريطة الانضباط التكتيكي الكامل.


شخصية هادئة وصارمة

يصف المقربون من توروب شخصيته بأنها “هادئة وصارمة في الوقت نفسه”. فهو لا يميل إلى الانفعال، لكنه لا يتسامح مع الإهمال أو التهاون في الانضباط.
يملك المدرب قدرة عالية على قراءة الشخصيات والتعامل مع اللاعبين بمرونة، وهو حاصل على دبلومة في لغة الجسد والتحفيز القيادي، ما يجعله قادرًا على التواصل النفسي والفني بعمق.
وفي تصريحات سابقة له، قال:

“أفضل أن أرى في عيون لاعبيّ الحماس قبل أن أراه في النتائج، لأن العين لا تكذب، ومن هناك يبدأ الفوز الحقيقي.”


تحدي الجماهير والإعلام

في مصر، الضغط الإعلامي يوازي ضغط المباريات. يدرك توروب أن كل تصريح وكل تبديل سيكون محل نقاش واسع.
وقد حذر بعض النقاد من الإفراط في الإشادة أو الانتقاد قبل أن يخوض المدرب أولى مبارياته، مؤكدين أن الحكم عليه يجب أن يكون بعد مشاهدة بصمته على أرض الملعب.
ورغم الجدل حول نطق اسمه الصحيح – بين “ياس سوروب” و“ييس توروب” – إلا أن الجمهور اتفق على شيء واحد: “النتائج فقط هي التي ستحسم الموقف”.


الأهلي في مرحلة إعادة البناء

تسعى إدارة الأهلي إلى بناء مشروع متكامل لا يعتمد على مدرب واحد، بل على منظومة فنية مستدامة.
فبعد الهيكلة الجديدة التي شملت التعاقد مع محللين فنيين ومتخصصين في تحليل الأداء، جاء توروب ليكمل هذه المنظومة بأسلوبه العلمي الحديث.
ومن المنتظر أن يشرف بنفسه على وضع خطط تطوير قطاع الناشئين، بهدف خلق هوية فنية موحدة تربط بين الفريق الأول وفرق الأكاديمية.
هذه الخطوة تمثل رؤية النادي في خلق مدرب “قائد مشروع” وليس مجرد مدير فني يبحث عن بطولة سريعة.


التحدي الإفريقي.. البطولة الأهم

يعرف جمهور الأهلي أن أي مدرب جديد يُقاس أولًا بمردوده في دوري أبطال أفريقيا، البطولة الأغلى في قلوب الجماهير.
وتاريخ الأهلي حافل بالبطولات القارية (11 لقبًا)، وهو ما يضع المدرب الدنماركي أمام مسؤولية ضخمة.
توروب سيبدأ مشواره في أجواء ملتهبة، فالفريق مطالب بالحفاظ على هيبته في القارة، خصوصًا بعد تراجع الأداء في النسخة الأخيرة من البطولة رغم الوصول إلى الأدوار النهائية.
وسيكون الهدف الأول هو فرض أسلوب هجومي متوازن يجمع بين الفاعلية والسيطرة الذكية على مجريات اللعب، خاصة في المباريات الخارجية التي تحتاج إلى المرونة والانضباط.


مقارنة مع المدربين السابقين

يأتي توروب بعد سلسلة من المدربين الأجانب الذين تركوا بصمة متفاوتة في الأهلي.
فـ جوزيه رسّخ فلسفة “الهيمنة الكاملة”، بينما أدخل موسيماني مفهوم “المرونة التكتيكية” بين الدفاع والهجوم، ثم جاء كولر بأسلوب “التحكم في الإيقاع”.
أما توروب، فيُتوقع أن يمزج بين هذه المدارس الثلاث، مستفيدًا من خبرته الأوروبية في دمج الضغط العالي بالتحولات المنظمة، ومن صرامته في فرض الانضباط التكتيكي على كل خطوط الفريق.


طاقم العمل.. العقول المساعدة

يحمل توروب معه فريق عمل متكامل، يضم محللًا فنيًا متخصصًا في الإحصائيات الدقيقة للمباريات، ومعدًا بدنيًا سبق له العمل مع أندية في الدوري الألماني، إضافة إلى مدرب حراس مرمى صاحب خبرة واسعة في تدريب الحراس الشباب.
ويُتوقع أن يعتمد الجهاز الفني الجديد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل الأداء، حيث سيتم دمج برامج رقمية لرصد تحركات اللاعبين بدقة خلال التدريب والمباريات، وهي خطوة تهدف إلى رفع جودة التحضير البدني والفني.


بين الحلم والواقع.. رسالة إلى جماهير الأهلي

لا يخفى على أحد أن جماهير الأهلي هي الأصعب إرضاءً في الوطن العربي.
لكنها في الوقت نفسه الأكثر دعمًا وحبًا لفريقها.
توروب يعلم أن هذه الجماهير لا تقبل الأعذار، وأن الفوز ليس هدفًا بل التزامًا. لذلك، جاءت رسالته الأولى واضحة عقب توقيع العقود:

“أعرف أنني في نادٍ لا يعرف المستحيل. أعدكم أن نعمل بجدٍّ، وأن نحترم شعار الأهلي في كل مباراة.”

كلمات بسيطة لكنها حملت روح التحدي، لتعيد إلى الأذهان بدايات المدربين الكبار الذين كتبوا أسماءهم في ذاكرة القلعة الحمراء.


ما بعد التعاقد.. الخطط والملفات

كشفت مصادر داخل الأهلي أن أول قرارات توروب بعد وصوله ستكون عقد اجتماع موسّع مع لجنة التخطيط لمناقشة قائمة الفريق وتحديد احتياجات الميركاتو الشتوي.
كما سيضع برنامجًا خاصًا لإعادة تأهيل بعض اللاعبين العائدين من الإصابات، ووضع معايير واضحة لاختيار التشكيلة الأساسية وفق الأداء وليس الأسماء.
ويركز المدرب الجديد على إشراك اللاعبين الشباب تدريجيًا في المباريات، لتوسيع قاعدة الاختيارات وإضافة طاقة جديدة داخل الفريق.


التطلعات الجماهيرية والإعلامية

الحديث عن “المدرب الأغلى في تاريخ الأهلي” جعل سقف التوقعات مرتفعًا للغاية.
وتناقلت وسائل الإعلام أن عقد توروب يتضمن حوافز مالية ضخمة مرتبطة بالفوز بالبطولات القارية والمحلية.
ويرى الخبراء أن النادي راهن على اسم كبير ليكون قادرًا على قيادة الفريق في مرحلة التجديد الشامل، التي تستهدف تطوير الأداء الجماعي دون المساس بثقافة الانتصار.


من هو ياس توروب؟
مدرب دنماركي يبلغ من العمر 55 عامًا، بدأ مسيرته كلاعب مهاجم قبل أن يتحول إلى التدريب عام 2009، وقاد أندية أوروبية مثل كوبنهاغن وجينك وأوجسبورج.

ما أسلوبه الفني؟
يعتمد على الضغط العالي، واللعب الجماعي السريع، والتحولات المنظمة، مع مرونة تكتيكية بين 4-3-3 و4-2-3-1.

ما مدة عقده مع الأهلي؟
وقّع عقدًا يمتد لعامين ونصف، مع إمكانية التمديد وفق النتائج الفنية.

متى سيبدأ عمله رسميًا؟
يصل إلى القاهرة غدًا الخميس ويقود أول تدريب يوم الجمعة، فيما ستكون أول مباراة رسمية له في 18 أكتوبر أمام إيجل نوار البوروندي في دوري الأبطال.

هل يمتلك طاقمًا مساعدًا؟
نعم، يضم خمسة مساعدين: اثنين فنيين، معد بدني، محلل أداء، ومدرب حراس مرمى.


📍 القاهرة – 8 أكتوبر 2025
المدرب الدنماركي ياس توروب يدخل التاريخ من بوابة الأهلي المصري، حيث ينتظره جمهور لا يعرف الصبر، ونادٍ لا يقبل إلا بالبطولات. فهل يكتب فصلاً جديدًا من المجد الأحمر أم يظل الاسم الدنماركي مجرد تجربة عابرة في سجل القلعة الحمراء؟
الإجابات تبدأ من ملعب مختار التتش، وتُكتب في قلوب الملايين كلما عزف الأهلي نشيده المعتاد: “أهلي يا نادي القرن”.

اقرأ أيضًا: الخطيب يحسم الجدل: يترشّح رسميًا لرئاسة الأهلي ويشرح دوافعه في بيان مطوّل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى