منوعات

فيلم Brick.. حين تتحوّل المدرسة إلى مسرح جريمة كلاسيكي

فيلم Brick.. حين تتحوّل المدرسة إلى مسرح جريمة كلاسيكي

الترند العربي – متابعات

حين تبدأ مشاهدة فيلم Brick، لا يبدو للوهلة الأولى أنك أمام فيلم جريمة تقليدي. لكن شيئًا فشيئًا، تدرك أنك داخل سردية بوليسية تدور في مكان غير معتاد: مدرسة ثانوية. هنا، لا يتحدث الطلاب بلغة المراهقين، بل بلغة المحققين القُدامى. تلك المفارقة التي أوجدها المخرج الشاب آنذاك ريان جونسون، جعلت من الفيلم تجربة تُشبه الحلم الداكن، حيث تتداخل البراءة بالمؤامرة، والعنف بالحب، والهوية بالمصير.

فما الذي يجعل Brick عملًا لافتًا في تاريخ أفلام “النيونوير”؟ وكيف استطاع أن يبني عالمًا مكتملاً بأقل الإمكانيات؟

تحقيق كلاسيكي في حرم حديث
تدور القصة حول الطالب بريندان فراي، الذي يتلقى اتصالًا غامضًا من حبيبته السابقة إيميلي، قبل أن يتم العثور عليها مقتولة. ما يبدأ كحزن شخصي يتحوّل إلى مهمة تحرٍ معقدة، يقود فيها بريندان بحثًا في عالم مظلم يختبئ تحت ممرات المدرسة ودرجاتها.

لكن اللافت في Brick ليس القصة فقط، بل كيف نُقلت تلك القصة إلى الشاشة بلغة أدبية باردة، تحاكي روايات داشيل هامِت، وتستدعي أفلام الخمسينيات، لكن من خلال طلاب يرتدون الجينز ويحملون حقائبهم على ظهورهم.

أسلوب بصري يُضفي توترًا ضمنيًا
اعتمد ريان جونسون على صورة مشبعة بالتباين، تلعب فيها الظلال والإضاءة دورًا سرديًا موازيًا للحوار. الكاميرا تتحرّك بهدوء، وكأنها تراقب الشخصيات أكثر مما ترافقها. البيئة المدرسية، رغم حداثتها، تتحوّل إلى فضاء محاصر، تشعر فيه بالاختناق أكثر من الأمان.

الموسيقى التصويرية التي ألّفها ناثان جونسون جاءت بدورها غير تقليدية، حيث استخدم أدوات غير مألوفة لخلق حالة من الغموض الهادئ، كأن الصوت نفسه متواطئ مع الجريمة.

تمثيل داخلي بلا مبالغة
أدّى جوزيف غوردون-ليفيت دور البطولة بأسلوب جاف، لكنه مشحون داخليًا. لم يكن بريندان صاخبًا، لكنه كان مركز العاصفة. الشخصية تمشي على حبل رفيع بين الذكاء والانكسار، بين الإصرار والضياع، وهو ما جعل الأداء مقنعًا بقدر ما هو مربك.

كيف يترجم المشاهد هذه التجربة؟
المُشاهد لا يشعر أنه يشاهد فيلمًا مدرسيًا، بل فيلمًا ناضجًا متنكّرًا في هيئة مراهقة. من هنا، جاءت قوة Brick في كونه لا يُعامل الجمهور كمستهلك لقصة سهلة، بل كمشارك في قراءة عمل رمزي. تقول الدراسات إن أفلام النيونوير الحديثة تنجح عندما تخلق فجوة بين الشكل والمضمون، وهي فجوة يدعو فيها الفيلم جمهوره لملئها بتأويله الخاص.

لمزيد من المقالات: فيلم Brick

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى