أنماط التغذية الجديدة في العالم العربي.. بين التريندات والمخاطر الصحية

أنماط التغذية الجديدة في العالم العربي.. بين التريندات والمخاطر الصحية
الترند العربي – متابعات
تشهد المنطقة العربية في السنوات الأخيرة تغيّرات ملحوظة في عادات الأكل والتغذية، مدفوعة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وارتفاع الوعي الصحي، والتأثر بالثقافات الغذائية الغربية والآسيوية. ورغم أن بعض هذه الأنماط قدّمت خيارات صحية وجعلت الغذاء أكثر وعيًا، إلا أن بعضها الآخر ارتبط بمخاطر صحية خفية نتيجة الانتشار السريع دون وعي كافٍ أو إشراف علمي.
تغذية تحت تأثير “الترند”
تُظهر الدراسات في دول الخليج أن ما يزيد عن 60% من الشباب يجرّبون أنظمة غذائية جديدة استجابة لما يشاهدونه على منصات مثل “تيك توك” و”إنستغرام”، وفقًا لتقارير صادرة عن مركز الخليج للأبحاث الصحية.
من أبرز “التريندات” الغذائية المنتشرة في العالم العربي:
الصيام المتقطّع
الكيتو دايت
الديتوكس العصيري
الأنظمة النباتية الصارمة (Vegan)
منتجات “الجلوتين فري” لغير المصابين بالحساسية
ورغم أن بعضها قد يكون له أساس علمي، إلا أن تطبيقها بشكل عشوائي ومن دون إشراف مختصّ غذائي قد يؤدي إلى نتائج عكسية مثل فقدان العضلات، اضطرابات الهضم، وسوء التغذية.
زيادة في الإقبال على الأغذية الصحية.. ولكن
شهد السوق الغذائي العربي توسّعًا كبيرًا في المنتجات المصنّفة كـ”صحية”، مثل البروتين شيك، الحبوب الكاملة، الوجبات الجاهزة منخفضة الكربوهيدرات، ومنتجات خالية من السكر.
في السعودية، على سبيل المثال، ازداد عدد المتاجر الإلكترونية المختصة بالأغذية الصحية بنسبة تتجاوز 150% بين عامي 2020 و2024، وفقًا لتقارير الهيئة العامة للغذاء والدواء. وفي الإمارات، ارتفعت واردات المنتجات النباتية بنسبة 40% خلال عام 2023، بحسب بيانات وزارة التغير المناخي والبيئة.
لكن خبراء التغذية يحذرون من أن “الطابع الصحي” على المنتج لا يعني دائمًا أنه مفيد، إذ تحتوي بعض هذه المنتجات على نسب عالية من المواد الحافظة أو الأملاح لتعويض النكهة.
الأطفال والمراهقون.. الأكثر تأثرًا
باتت فئات عمرية صغيرة في العالم العربي تنخرط في هذه الأنماط الغذائية الحديثة، تحت تأثير المشاهير والمؤثرين. وتفيد دراسة أجرتها جامعة الملك سعود عام 2023 أن 31% من طلاب المرحلة الثانوية في الرياض جربوا نوعًا من الأنظمة الغذائية المقيدة خلال العام، دون استشارة طبيب أو مختص.
ويرى أخصائيو التغذية أن هذا الانجراف نحو “التريند الغذائي” من دون توعية صحيحة قد يؤثر سلبًا على نمو الجسم، الصحة النفسية، والعادات الغذائية المستقبلية.
التطبيقات والأنظمة الذكية.. هل تساهم في وعي غذائي أفضل؟
ساهمت تطبيقات متابعة السعرات الغذائية والوجبات (مثل MyFitnessPal وYazio) في تعزيز الوعي حول كمية الطعام وجودته. كما بدأت شركات غذائية عربية بإطلاق تطبيقات مشابهة باللغة العربية، لتتبع المكونات والنصائح الغذائية، وهو توجه واعد، لكنه ما زال بحاجة إلى توسيع قاعدة المستخدمين ودعم المحتوى العلمي المحلي.
مزيج من الحداثة والموروث الغذائي
في المقابل، هناك تيار تصحيحي بدأ ينتشر، يدعو إلى العودة إلى المأكولات العربية التقليدية ولكن بطريقة صحية، مثل المرقوق، المجدرة، أو الكسكسي، باستخدام طرق طهي أخف وتقليل الدهون.
وقد دعمت مبادرات حكومية هذا التوجه، مثل حملة “غذاؤك مسؤوليتك” في الأردن، وبرنامج “نحو غذاء متوازن” في السعودية، والتي هدفت إلى تعزيز الهوية الغذائية المحلية بمراعاة الصحة.
توازن مطلوب بين الوعي والواقع
أنماط التغذية الجديدة في العالم العربي تعكس ديناميكية مجتمعية متسارعة تجمع بين الانفتاح على العالم والبحث عن نمط حياة أفضل. لكن نجاح هذا التحول يرتبط بالقدرة على التمييز بين الموضة المؤقتة والخيار العلمي الصحيح، وبين الإعلان الرقمي والتوصية الطبية.
ولا يزال الدور الأكبر يقع على الجهات الصحية والإعلامية في تقديم محتوى تثقيفي علمي، وعلى الأفراد في إدراك أن التغذية ليست مجرد “تريند”، بل سلوك حياتي يؤثر في صحتهم اليوم ومستقبلهم.
لمزيد من المقالات حول أنماط التغذية