كُتاب الترند العربي

آباء من ورق..!!

ساير المنيعي

كيف يكون الأب من ورق؟!! ولماذا يُشبَّه الأب بالورق؟!! وهل للورق علاقة ببعض الآباء؟!! وما علاقة التربويين بهذا؟!! وهل الآباء أنواع..؟!!

أسئلة كثيرة تدور في خلد من يقرأ مثل هذا العنوان، من ضمنها هذه الأسئلة. فهل هناك إجابات منطقية لها؟!! أم إن بعضها يجيب عن نفسه، وبعضها قد لا نجد له إجابة؟!

يشتكي كثير من التربويين من مواقف بعض أولياء الأمور، ومن تصرفاتهم التي لا يجدون لها مبررًا، أو لا يجدون لها سببًا يمت للمنطق بصلة..!! فيخطر ببالهم تصنيف الآباء، ويتذكرون أنواعهم!! فيجدون أنهم أصناف كثيرة، وأنواع عديدة!!

ولا نريد أن نتشعب في الموضوع، ونتحدث عن هذه الأنواع، وإنما سنتحدث عن واحد منها فقط، وهم الآباء من ورق..!!

فمَنْ هم؟!! وكيف كانوا كذلك؟!!

يظن بعض الآباء أن حرصه الزائد على ابنه نوعٌ من أنواع المحبة، أو صنف من أصناف التربية..!! ولا يدرك أنه بهذا الحرص المبالغ فيه يُضعف شخصية ابنه، ويجعلها مهزوزة بين زملائه.. ولا يدرك أنه بتصرفاته وبحرصه الزائد غير المبرر يحطمها تمامًا، ويجعل ابنه بلا شخصية..!!

فهو لا يريد للهواء أن يمس ابنه..!! ويطالب المدرسة بأن يعاملوا ابنه “معاملة القوارير”..!! فأي كلمة تربوية تقال للابن تجده يسابق الريح، أو يسير بسرعة الضوء، بل تجده كالبرق في الإدارة؛ ليصب جام غضبه على هذا المعلم أو ذاك؛ لأنه قال كلمة تربوية، يقصد من ورائها تربية الابن، وتعليمه معاني الرجولة؛ لينشأ قويًّا صلبًا، يستطيع أن يقف في وجه متغيرات الحياة.. ويخوض غمار صعوباتها..!! ويكون في المستقبل رجلاً يعرف كيف يتعامل مع متقلبات الزمان، ويُحسن التصرف حين تعركه الحياة بثقالها..!! وكيف يكون مواطنًا صالحًا، يخدم دينه ومليكه ووطنه.. ولكن هذا الأب لم يدرك هذه الأبعاد التربوية التي يقصدها المعلم..!! ولا يعرف الأهداف التي يريد تحقيقها من وراء هذا التوجيه التربوي، أو من وراء هذه الكلمة أو تلك..!! ويظن أن المعلم يريد إهانة ابنه -لا قدر الله-، أو أنه يقف ضده ويترصد له..!! بل إن بعضهم لا يعرف للتربية معنى..!! ولا يفقه ألف باء أصولها..!! ويظن أن “الدلال” الذي يعيشه ابنه هو التربية..!! وأن هذه الهالة من الحرص المبالغ فيه وغير المبرر هي عنوان المحبة لابنه..!! فيريد من الآخرين أن يعيشوا هذا الدور معه، ويتناسوا أدوارهم الحقيقية في تربية هذا الجيل..!!

وهذا النوع من الآباء هم الآباء الذين نقصدهم، وهم الآباء الذين نطلق عليهم اسم “آباء من ورق”..!!

وحين نتحدث عن هذا النوع من الآباء لا نبرئ ساحة المعلمين كلهم، ولا ننزه الجميع، ولا نبرر أخطاء بعضهم؛ فنحن نقر بأن بعض المعلمين لا يستحقون أن نصفهم بالمربين، أو نضعهم في دائرة التربية والتعليم، أو نخلع عليهم هيبة المعلم وإجلاله.. بل إن بعضهم ظلمٌ للتعليم وأهله بجوده بينهم، ولكن -ولله الحمد- هم قلة قليلة، لا تجعلنا نحط من قدر أشرف مهنة، أو ننقص من قدر وريث الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه.

ونحن لا نقصد الأب الحريص على مصلحة ابنه، والمتابع الجيد لكل ما يحيط به، والمربي الفاضل الذي يربي ابنه أفضل تربية، ويحرص على تنشئته تنشئة صالحة، تجعل منه رجلاً صالحًا يستطيع الوقوف في وجه مصاعب الحياة بكل شموخ وإباء.. وتجعله قويًّا يستطيع الصمود في وجه نوائب الدهر -أجارنا الله وإياكم منها- فهذا النوع من الآباء نقف له احترامًا، ونرفع له “العقال” هيبة وإجلالاً.

المصدر: سبق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى