فن

مواهب الطفولة البائدة!..

عبدالله الزيد

في الأسبوع الفارط، وبينما أنا منهمك في بروفات أحد الأعمال الفنية لليوم الوطني، لفت انتباهي تلك الطفلة المشعة التي ذكرتني ببيت لطرفة:

ووجه كأنَّ الشمس ألقت رداءها… عليه؛ نقي اللون لم يتخددِ

كانت الجاذبية والموهبة تسترخيان على تقاسيم وجه تلك الطفلة الشقية بلا تكلف، وحينها تذكرت فتاة هوليوود الساحرة “شيرلي تمبل” التي بزغ نجمها في الثلاثينيات حتى سجلت أرقام مبيعات مهولة بعمر الثلاث السنوات فقط! كان حضور الطفلة المعجزة “تمبل” استثنائيًا في الرقص والغناء والتمثيل! وللاختصار دعوكم من كلامي، وأعطوا لمتعتكم الفرصة بمشاهدة موهبة “تمبل” في فيلم “Stand Up and Cheer” على سبيل المثال وليس الحصر. وللأسف الشديد وكعادة الأمور الرائعة دائمًا، اختفت شيرلي في الأربعينيات، وقررت أن تعتزل التمثيل وتغادر عالم الشهرة والأضواء سريعًا.

والسؤال الذي يحضرني الآن، وأريدكم – كرمًا – أن تتأملوه معي: ما السر في اختفاء مثل هذه المواهب باكرًا؟ هل لتحويل الأطفال نجومًا بشكل مفاجئ أي علاقة بما يحدث لهم؟ هل لما يتردد دائمًا من علماء التربية والنفس بأن على الطفل أن يعيش مرحلة هدوء واستمتاع تتناسب مع عمره أي علاقة، أم أنَّ القصة تتلخص في ماكينة الاستهلاك الضخمة التي تلتهم هؤلاء الأطفال لحمًا وترميهم عظمًا بعد أن تنتهي موضتهم وتتغير ملامحهم الساحرة والفطرية؟

طبعًا أنا لا أُومن بأن هنالك تشخيصًا واحدًا جاهزًا لكل الأطفال في العالم! وعلى سبيل المثال، الطفلة في بيئتنا الشرقية حينما تصل إلى سن المراهقة يستجد على حياتها الكثير من التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تحتاج أن تدار بذكاء للمحافظة على موهبتها واستمراريتها، ومن ثم تأتي تفاصيل أخرى دقيقة، تحتاج إلى أن تنمو من أجلها مهن جديدة مثل مهنة إدارة أعمال الفنانين، التي من المفترض أن تقوم – باحترافية عالية – على خلق مسار مهني للطفل والطفلة! وتحدد هل يصبح الطفل الموهوب مشهور «إنستغرام»، أم ممثلاً محترفًا، وبينهما فرق كبير وكبير جدًا؟ وهل تصبح الطفلة الموهوبة مغنية أم فاشنيستا؛ وهذا اللقب بالمناسبة وصف مهني فضفاض يصلح لكل أنثى تظهر على الشاشة ممن لا يمكن تصنيفها تحت أي موضوع!

المهم وما أريد أن أختم به هذه المقالة، هو أنه بمجرد رؤية نجم أو نجمة صغيرة تتألق على الشاشة، فعلينا أن نتذكر بأن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى بعض العناية وكثير من اللعب والتعلم، وقبل ذلك، هم بحاجة ماسة إلى شركات إدارة أعمال محترفة لتطوير مساراتهم المهنية واستدامة الاستفادة منهم قدر الإمكان. وإذا لم نفعل ذلك، فقد نجد ساحتنا الفنية السعودية تفتقد الكثير من «شيرلي تمبل»، ومن طفلتنا الشقية التي لم تعتزل..«بعد»!

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى