فاطمة العدلانيكُتاب الترند العربي

حلقات فارغة

فاطمة العدلاني

تائه وسط كل هذه الندوب، اتسعت الحلقات حتى كادت تختفي نقطة الأصل، تاهت البداية.
تخيل حلقات دائرية تتسع لتشمل الكون بأكمله وتمتد حتى أن نقطة الأصل في الغالب قد اختفت وانعدمت فلا النهاية مرئية ولا البداية ملحقة، حلقات من الندوب لمُجتمع مشوه. لقطات كلاسيكية من عالم السوشيال ميديا الذي أصبحت حياتنا جزءا منه نعم حياتنا أصبحت جزءا منه عبارة صحيحة وليس العكس أنه أصبح جزءا من حياتنا فقد كادت الحياة تمتزج به حتى طغى عليها وأصبح الأصل وهي الجزء.

اللقطة الأولى
كتبت تشكو العقم و تأخر الفرج الذي هو بمثابة طفل حتى ولو واحد فقط واحد فقط ولن تتمنى بعده شيئا قط كما قالت في شكواها.

اللقطة الثانية
كتبت تشكو حالها من أين تُطعم وتكسو صغارها وقد مات زوجها؟!

اللقطة الثالثة
كتبت تشكو زوجها فقد ملت الإهمال وهو ما فسرته نتيجة لعمله الدائم أغلب اليوم، وقالت “لا أريد المال إذا كان سيسرق عمري”

اللقطة الرابعة
كتبت إحداهن عن شجارها الدائم مع زوجها حتى يجد عملا إضافيا لعل ذلك يمكنهم من بعض الرفاهية.

اللقطة الخامسة
كتبت إحداهن عن شكواها من البحث عن عمل دون جدوى ولو أنها فقط وجدت عمل لكادت تكمل عمرها دون أن تتمنى شيئا آخر.

اللقطة السادسة
كتبت تشكو مشقة العمل
كتبت تشكو مسافة المنزل عن العمل
كتبت تشكو ضغط العمل ومدير العمل وموظفي العمل.

اللقطة السابعة
تزوجت في العشرين وأنجبت وأقرت عينها بالذرية فكتبت تشكو شبابها الضائع الذي ضحت به ولم تستطع أن تلحق به في الحياة وهي فارغة لترى العالم بعين مقبلة، أو لم تستطع أن تحقق كيانها العملي. “تقول هذا بعد خوض التجربة بأكملها”

اللقطة الثامنة
أكملت شبابها دون أن تفنى به وتهدره كما يقولون في بيت وزوج وأولاد، أتت تشتكي الوحدة وتقول ماذا صنع لي العمل هل ملأ فراغ الروح وعاطفة الأمومة؟! “تقول هذا بعد خوض التجربة بأكملها”

اللقطة التاسعة
تخرج وسافر وحقق مبلغا من المال يكفيه ليعول ثم تزوج أواخر الثلاثين جاء يشتكي الغربة والعمر الذي سرقه وضيق الحال الذي دفعه لهذا.

اللقطة العاشرة
تخرج وتوفرت له السُبل وتيسرت وشق طريقه وأكمله دون عناء جاء يشتكي فراغا ولربما لن يشعر بقيمة ما ملكه بين يديه مالم يكد فيه، ولعله يضيعه لأن ما مُلِك يسرا يُفقد يسرا دون كلل.

لقطات كلاشيكية لا تنتهي ولن تنتهي بحتا مادامت الحياة ستظل هكذا مرارا وتكرارا كما يولد بن آدم،
التي اشتكت العقم لو كانت هي من أنجبت ومات زوجها لاشتكت عبء الصغار والعكس صحيح
والتي اشتكت عدم سعي زوجها الرفاهية لو أنه عمل طيلة اليوم لاشتكت أيضا نفسها من سرقة العمر في العمل والعكس صحيح.
والتي تبحث عن عمل لنفسها لو وجدته دون جهد لاشتكت أيضا من كل ما يخص العمل حتى ولو كان العمل ساعتان فقط
ومن أفنت عمرها في العمل لو أنها هي من تزوجت ف العشرين لقالت أيضا ما قالته أنها كان يجب ألا تضيع شبابها في تربية أطفال،
ولو أن من سافر وكدّ حتى أصبح عصامي كان قد وجد المال علي طبق من فضة لشعر أيضا بالفراغ الذي شعر به الآخر ووارد جدا أن يكون معدوم المسؤولية وليذهب ما جاء له كما جاء دون وعي.

ماذا تريد أن تقول؟!
ما أعنيه أننا كلنا نسخة مطبوقة مختلفة الزوايا تختلف حسب ما نعيش فيه كلنا نفس الشخص باختلاف طفيف يحكمه المبدأ والتربية والشخصية والذات لكن بنسبة تصل لسبعين في المائة يتأثر البشر ذات التأثير إذا وُضعوا في نفس الموقف.
والثلاثين في المائة الباقون ينطبقون إذا انطبقت الشخصية والطباع والمباديء التي تختلف من شخص لآخر.

نظرت من بعيد لكل اللقطات هذه ولعلني ركزت أكثر على الفتيات لكن هذا لا يخلو من الشباب فالفكرة واحدة كلنا تائهون هكذا لقطة وعكسها في نفس اليوم ونفس اللحظة يعيش شخصان مشاعر مضادة شخص يتمنى وعلى الصعيد الآخر آخر يكره، شخص يرجو وعلى الصعيد الآخر آخر يأسف، لسنا ثابتون و حين نظرت للتناقضات في نفس ذات الزمان ولعل المكان وجدت البشر لا يعيشون الأيام سويا ففي نفس الساعة يُقام هنا حفل ويُقام هناك عزاء ولا يخلو ذلك من تناقضات مشاعر البشر لعل ما يكره شخص يتمناه آخر والعكس.
ولعل المواقف هي التي تحكم فلو أن المرأة مثلا التي تتمنى طفلا كانت هي التي رُزقت به مريضا لتمنته معافى، أو لم يأت في الوقت الذي تتمناه التي لم تُرزق به وتعتقد أنه حتى لو مريض كانت ستقبله وهو بالواقع ما لم تتحمله بالفعل الأخرى!
ولكن محروم الخبز يراه عجبا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى