فن

السينما الشعبية والمستقلة وتعزيز الثقافة السينمائية

عبدالله الأسمري

تواجه السينما في المملكة العربية السعودية بعض التحديات التي تقلص انتشارها بشكل كبير، وتمنع وصولها إلى جميع المدن والمحافظات، بالإضافة إلى عدم إتاحتها الفرصة للمواهب لعرض الأفلام غير التجارية أمام الجمهور بما يفيد صناعة السينما المحلية. وفي ظل نهضة سينمائية كبيرة تشهدها المملكة حاليًا، لا بد من إيجاد حلول لتلك التحديات الصعبة.

ولعل المتابع لخريطة توزيع دور العرض السينمائي في المملكة يجد أن معظمها يتمركز في المدن الكبيرة دون المحافظات التي يضطر سكانها إلى قطع مسافات طويلة وشاقة لمشاهدة الأفلام والاستمتاع بالتجربة السينمائية، والحل لهذه المشكلة يتمثل في إقامة “السينما الشعبية” خارج المجمعات التجارية، والتي تعتمد على عدد شاشات قليل وإمكانيات محدودة؛ مما يساعد على النمو في القطاع السينمائي ونشر ثقافة الذهاب للسينما.

وبطبيعة الحال “السينما الشعبية” ستشكل ذائقة مغايرة للجمهور المرتاد لها؛ لأنهم سيذهبون خصوصًا لمشاهدة هذا الفيلم، على عكس زوار “سينما المولات” الذين يعتبرون مشاهدة الأفلام جزءًا من خطتهم الترفيهية؛ مما أسهم في أن غالبية الأعمال التي تنجح لدينا هي من نوعية الأفلام الكوميدية، وخاصة كوميديا “الضحك من أجل الضحك”، أو أفلام الأكشن والأبطال الخارقين التي تكتسح شباك التذاكر.

ومن التحديات التي تواجه السينما في المملكة أيضًا، غياب “السينما المستقلة” التي تهتم بالأفلام السعودية التي لا تستطيع المنافسة في السينما التجارية، أو تعرض الأفلام القصيرة التي لا يتمكن صناعها من عرضها للجمهور على الشاشة الكبيرة، حيث أصبح من الضروري إتاحة فرص مثل هذه لخروج أسماء ومواهب تفيد صناعة السينما المحلية.

كما ستساعد هذه السينمات أيضًا في عرض الأفلام الكلاسيكية والأفلام المستقلة من حول العالم، وإتاحة الفرصة لعمل ندوات ومناقشات مع صناع هذه الأفلام أو بين المهتمين بالسينما، لا سيما أن هذا النوع من السينما منتشر في مختلف دول العالم، كما توجد تجارب ملهمة في البلدان العربية مثل «سينما زاوية» في مصر، و«سينما عقيل» في الإمارات.

وشهدت الفترة الأخيرة مبادرة جيدة ومحاولة لوجود سينما مستقلة في المملكة، تتمثل تلك المبادرة في «وادي سينما» المقدمة من شركة “تلفاز11” بالشراكة مع «موفي سينما» والتي كانت في بينالي الدرعية، ولاقت هذه المبادرة رواجًا بين الجمهور وصناع الأفلام، ولكنها للأسف كانت مؤقتة ولم تستمر.

ولكن المبهج والمبشر أنه قد تم الإعلان، مؤخرًا، من قبل شركة “CINAWAVES” وبدعم من الصندوق الثقافي عن “بيت السينما”، وهي سينما مستقلة فنية تهدف إلى عرض الأعمال القصيرة والمستقلة، محلية كانت أو عالمية، وأيضًا الأفلام الكلاسيكية وبشكل مستمر في مدينة الرياض، ومن المقرر افتتاحها في الربع الأول من السنة المقبلة 2024.

وتعد تلك التحديات والفرص بمثابة محطة للنقاش حول ضرورة تعزيز ثقافة السينما في المملكة العربية السعودية ونشر مفهوم “السينما للجميع” بشكل فعلي، ويمكن للمملكة أن ترسخ مكانة مهمة في عالم السينما من خلال دعم المبادرات المستقلة وتوفير التجارب المختلفة، مما يعود بالفائدة على المجتمع والثقافة المحلية في المستقبل.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى