آراء

هيئة ناظمة لزراعة الحشيشة.. وللهاربين من العدالة

سناء الجاك
عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جلسة للبحث في مواضيع ضرورية ومستعجلة وطارئة من 72 بنداً، منها تشكيل هيئة ناظمة لزراعة نبتة الحشيشة. بالطبع، لا يضم جدول الأعمال أي إشارة إلى ملف حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، المتلاحقة بحقّه مذكرات التوقيف الدولية. لا لزوم لبحث مثل هذا البند، لا في السراي ولا في أي مكان آخر. المطلوب إمّا أن يتنحى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من تلقاء نفسه، وهذا الأمر لن يحصل، أو أن يتحمل القضاء مسؤوليته، وهنا بيت القصيد الكفيل بحماية الرجل وتهريبه من القضاء الدولي. ولا اتكال على حكومة تصريف الأعمال لا تملك صلاحية عزله… ولأن لا رئيس جمهورية في المدى المنظور.

أيضاً، تغيب عن الجدول ممارسات «حزب الله» العسكرية، ومصادرته لقرار الحرب والسلم مع تهديد العدو الإسرائيلي بحرب كبرى «ستشمل كلَّ الحدود وستضيقُ مساحاتها وميادينها بمئات آلاف المقاتلين»… وتأثير ذلك على موسم السياحة الذي يبشرون به مليونياً. اللهم إلا إذا تطلبت أجندة الممانعة غير ذلك وفق موجبات استراتيجيتها. ليس مهماً أنّ المنطقة بدأت ترسي أسس بعد «التهدئة» وتصفير الأزمات، من إيران إلى السعودية إلى سوريا… وليس مهماً أنّ مثل هذه العنتريات المترجمة لسياسة توحيد الجبهات، تقصي لبنان عن قطار التنمية والاستقرار والازدهار الذي انطلق في الشرق الأوسط.

المهم أن ينعقد مجلس وزراء لحكومة تصريف أعمال في ظل شغور رئاسي متعمد بغية تعيين رئيس كل صفاته أنه مرشح طبيعي، فيما لا شرعية لغيره ممن تُحرق أسماؤهم تباعاً لأنهم أولاد زنا سياسي. ولا لزوم للاستغراب. فكل ما يحصل هو استمرار لما كان. لا يتضمن عنصر مفاجأة. منذ الاحجام عن ملاحقة مطلوبي المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وما استتبعه من جرائم قتل بشعة كبشاعة مرتكبيها. ومنذ «7 أيار» بأمجاده وبالأبرياء الذي قُتلوا على الطريق لاستكمال المهمة المجيدة بمصادرة البلد، ومنذ تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية حتى يُفرض علينا بطل «جهنم وبئس المصير»، ومنذ منع التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت.

لا عنصر مفاجأة. ولا لزوم للمفاجآت بعد القبض على مفاصل البلد والإطاحة بكل مرافقه العامة والخاصة، ونهب أموال المودعين بالتكافل والتضامن بين جميع المستفيدين من المحاصصة والصفقات والفساد المحمي بسلاح غير شرعي.

وبكل سلاسة يتم اغتيال انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، ويعاد تعويم المنظومة كلها. وبالمعنى الحرفي كلها، ويتصدر الفاسدون الحياة السياسية بفخر واعتداد. ولم لا؟ فهناك هيئة ناظمة عليا ترعى فسادهم وتؤمن استمراريتهم وتوزع الأدوار، وتضبط مقادير خلافاتهم وفق احتياجات كل فاسد ليبقى في بيت الطاعة، وتضع الفقراء بوجه الفقراء في صراعات يتم شحنها وتفخيخها. وبمهارة وقذارة تستفيد من المعطيات والمتناقضات، كتسليم منشقين سوريين إلى النظام الأسدي في معمعة إثارة قضية النزوح السوري. أو كالمسارعة إلى تشكيل هيئة ناظمة لزراعة نبتة الحشيشة، التي تمتد حقولها منذ عقود وسع منطقة تقع تحت سيطرة المحور، يفترض تشريعها في هذا التوقيت بالذات لغايات سوف تكشفها الأيام.

ولن تنتهي الحاجة إلى مزيد من الهيئات الناظمة، ليس لقطاع الكهرباء أو الاتصالات، ولكن إذا ما تم دوليًا الإعلان عن ملاحقة أفراد «العصابة الإجرامية المتهمة باختلاس أموال عامّة على حساب الدولة اللبنانية وخيانة الأمانة». بالطبع سيصار حينها إلى عقد جلسة ضرورية ومستعجلة وطارئة لحكومة تصريف الأعمال، لبحث بند وحيد وإقراره. وهو تشكيل هيئة ناظمة لرعاية مصالح المطلوبين للعدالة. وهم أكثر من الهمّ على القلب.

المصدر
العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى