سياسة

عودًا على سؤال “مفرج” والتأليف!

عبدالله الزيد

بالمناسبة، أنا أكره أن أحصر شخصًا ما بوظيفة أو لقب: كاتب، أو مخرج، أو الدكتور فلان، أو المهندس علان!.. أشعر أن في الألقاب انتقاصًا؛ وخصوصًا بحق بعض من أعرفهم، ممَّن مواهبهم تنوء بها العصبة أولي القوة! وأحدهم الصديق مفرج المجفل! نعم، لقب “الكاتب” بحق مفرج أظنه من تحجير الواسع والحصر في مقام البيان؛ كما يقول الأصوليون.. وآخ بس لو الله يهديه ويُحمِّل في جواله واتساب!.. ما علينا هذا خياره، وأنا لست مدير عام شؤون خلق الله المكلف على كل حال!

القصة وما فيها يا إخوان إن العزيز “مفرج” طرح في حسابه على “x” سؤالًا لمتابعيه عن رأيهم بطلبات ترده من ناشرين لطباعة سيناريو فيلمه “حد الطار“، وهو فيلم روائي طويل يقع ضمن قائمة غير طويلة لأفلام سعودية وضعت بصمتها في السينما العربية.. وما أقوله بالمناسبة رأي وليس معلومة. والفيلم من إخراج الجميل عز الشلاحي، وقدم فيه الممثل فيصل الدوخي أعظم أداءاته؛ وهذه معلومة وليست رأي.

وبغض النظر عن مقصد سؤال مفرج لمتابعيه، والذي أظنه سؤالاً أبعد من مجرد استشارة في أمر محسوم بالنسبة له، إنما القضية التي دارت في ذهني حينها، هل حقًا طباعة السيناريوهات عمل ينتمي للتثقيف السينمائي ويعززه؟ ربما يهمك أيها القارئ الكريم معرفة أن “الجواب نعم” كان غالبًا على الردود التي وردت لسؤال مفرج، بحجة أن نشر السيناريو سوف يسهم في تثقيف المتخصص وغير المتخصص سينمائيًا.

طبعًا لن أناقش مطلقًا فكرة أن نشر السيناريو مطبوعًا مفيد للقارئ غير المتخصص!! فالإجابة على هذا الافتراض عبث، وإضاعة للوقت.. ولكن سأناقش فكرة أنها مفيدة للمتخصص! وهنا سأقول لكم رأيي بشكل مباشر وبلا مواربة أو مجاملة: إنَّ الاطلاع على التجارب بحجة الاستفادة منها في التجربة الإبداعية؛ أراها لا تخلو أبدًا من مغبة «التنميط» وهو أشبه بصناعة خط إنتاج لنسخ مقلدة من الكتَّاب والأعمال الفنية! ولذا أظن – مع فارق التشبيه – أن من أشنع ما حدث للسينما العربية والعالمية هي بدعة الــ«Remaking» أو إعادة الإنتاج للفيلم. وهي بالمناسبة ثقافة رأس مالية بحتة، أوجدتها الصناعة التجارية للسينما والفنون لتعزيز مبدأ “الكم” الذي تعتمد عليه التجارة وليس الفن، وملخص القصة: أنتج.. ثم علِّب.. ثم بيع يا وديع.

ما أريد أن أقوله هو أنَّ التأليف في السينما، وللسينما عالم ثري ومتنوع، أجمله الكتابة عن ذلك البعد الإنساني والتاريخي لما هو خارج قاعة العرض والتجارب قبل وبعد التصوير. أمَّا الجانب الفني والسينمائي، فإنَّ الشاشة الطويلة العريضة كفيلة به يا إخوان!.. وعندي في هذا الجانب مثالان سريعان حاضران، أولهما مؤلفات السينمائي ابن حارة العتبة المصور سعيد الشيمي، الذي صال قلمه وجال في تاريخ السينما المصرية والعالمية وكواليس الإنتاج في مجموعة أعماله التي وصلت لـ100 فيلم، وما زلت أذكر كتابًا له جمع فيه رسائل ومذكرات المخرج من أصول باكستانية محمد خان، والذي عرض فيها «الشيمي» جانبًا إنسانيًا بديعًا لحياة واحد من أهم المخرجين العرب ومن أكثرهم ثقافة، وبكل صدق كانت تلك الرسائل التي طُبعت على جزأين نافذتي المطلة على تفاصيل أعظم الإنتاجات في سينما الخمسينيات والستينيات العالمية. وأيضًا كتاب لمصري آخر وهو «مؤمن محمدي”، الذي أختلف معه في الكثير من الأفكار، ولكنه – للأمانة – كتب للسينما ما لا يُمل! ومنها كتابيهِ «ملح السيما»، وكتاب «ألف مشهد ومشهد”. وأمَّا سعوديًا، فمن يسأل عما يمكن أن يقرأ فعليه – بلا تردد – مراجعة قائمة طويلة لمطبوعات مهرجان أفلام السعودية في جميع دوراته، والتي لا يمكن أن أقول عنها إلا إنها كنز من كنوز التأليف في السينما السعودية والعربية، بل والعالمية، فهي تختصر ما لا يُختصر في هذه القضية المثيرة «للتغريدات» و”التايم لاينات»..

وأمَّا الصديق مفرج، فأقول له افعل ما يحلو لك وانشر ما تريد، أو امنع ما تريد؛ فما تقدم من أعمالك «سينمائيًا» يغفر لك ما تأخر، وبلغ سلامي لمتابعيك كلهم واحدًا واحدًا.. والسلام ختام، أخوك المخلص عبدالله الزيد.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى