اقتصادسياسة

بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026

الترند العربي – متابعات

مع اقتراب العالم من عام 2026، تتكشف صورة إنسانية شديدة القتامة، تعكس حجم الانهيار المتسارع في عدد متزايد من الدول، حيث بات أكثر من 239 مليون إنسان حول العالم في حاجة عاجلة إلى المساعدات الإنسانية والحماية، وفق التقرير العالمي للاحتياجات الإنسانية الصادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا».

هذا الرقم غير المسبوق لا يعكس فقط تصاعد النزاعات المسلحة، بل يكشف أيضًا عن تشابك معقّد بين الحروب الممتدة، والتغير المناخي، والانهيارات الاقتصادية، وتآكل المنظومات الصحية والغذائية، في مشهد بات يوصف بأنه الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.

التقرير، الذي يُعد مرجعًا رئيسيًا لصناع القرار والمنظمات الإنسانية، يضع أمام المجتمع الدولي خريطة دقيقة للدول الأكثر تضررًا، ويكشف أن دولًا عربية تتصدر المشهد العالمي للاحتياج، في مؤشر خطير على عمق الأزمات في المنطقة.

بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026
بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026

التقرير الأممي.. أرقام تكشف حجم الكارثة

بحسب التقرير، يحتاج الشركاء في المجال الإنساني إلى ما يقارب 33 مليار دولار خلال عام 2026، بهدف تقديم المساعدات المنقذة للحياة لنحو 135 مليون شخص في مناطق الأزمات. هذه الفجوة التمويلية الضخمة تأتي في وقت تشهد فيه المساعدات الدولية تراجعًا ملحوظًا، وسط أزمات اقتصادية عالمية وتنافس جيوسياسي متزايد.

ويؤكد التقرير أن العنف المروع، والجوع، والنزوح القسري، وانتشار الأوبئة، باتت ملامح مشتركة في معظم الدول المدرجة ضمن خطط الاستجابة الإنسانية، مع تزايد استهداف المدنيين، وانتهاك القوانين الدولية، وضرب البنى التحتية الصحية والتعليمية بشكل ممنهج.

بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026
بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026

السودان.. الصدارة القاتمة لقائمة الاحتياج

يتصدر السودان قائمة الدول الأكثر احتياجًا للمساعدات الإنسانية عالميًا، مع تسجيل نحو 33.7 مليون شخص بحاجة إلى الدعم، وهو رقم يعكس انهيارًا شبه كامل لمقومات الحياة في البلاد.

الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح ملايين المدنيين داخليًا وخارجيًا، وسط حصار مدن بأكملها، وانهيار النظام الصحي، وتفشي المجاعة في مناطق واسعة، خاصة في دارفور وكردفان.

التقرير يشير إلى أن الفاشر وحدها شهدت مقتل آلاف المدنيين بعد حصار دام أكثر من 500 يوم، في ظل انعدام كامل للحماية، واستمرار استهداف القوافل الإنسانية، ما يجعل السودان اليوم بؤرة واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في العالم.

بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026
بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026

اليمن.. أزمة ممتدة بلا أفق

في المرتبة الثانية، يأتي اليمن بـ23.1 مليون شخص محتاج للمساعدات الإنسانية، في واحدة من أطول الأزمات الإنسانية الممتدة في العصر الحديث.

رغم تراجع وتيرة العمليات العسكرية المباشرة، إلا أن آثار الحرب المستمرة منذ سنوات ما زالت تضرب بقوة، مع انهيار الاقتصاد، وارتفاع معدلات الفقر، وانعدام الأمن الغذائي، وتدهور الخدمات الصحية، وانتشار الأوبئة، خصوصًا الكوليرا وسوء التغذية الحاد بين الأطفال.

التقرير يؤكد أن ملايين اليمنيين يعيشون على حافة المجاعة، وأن أي تراجع إضافي في التمويل الإنساني قد يدفع البلاد إلى كارثة أوسع يصعب احتواؤها.

بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026
بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026

أفغانستان.. دولة تحت وطأة العزلة والفقر

في المركز الثالث، تحل أفغانستان بنحو 22 مليون شخص محتاج للمساعدات الإنسانية، نتيجة تضافر عوامل سياسية واقتصادية وإنسانية معقدة.

العزلة الدولية، وتجميد الأصول، وانهيار النظام المصرفي، إضافة إلى الجفاف المتكرر، كلها عوامل دفعت غالبية السكان إلى الفقر المدقع، مع تسجيل معدلات مرتفعة من سوء التغذية، خاصة بين النساء والأطفال.

ويشير التقرير إلى أن القيود المفروضة على عمل المنظمات الإنسانية، خصوصًا تلك المتعلقة بعمل النساء، فاقمت من صعوبة إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر هشاشة.

بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026
بينها 3 دول عربية.. خريطة الاحتياج الإنساني عالميًا مع دخول 2026

سوريا.. جرح لم يلتئم

تأتي سوريا في المرتبة الرابعة عالميًا، بـ16.5 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بعد أكثر من عقد من الحرب، وما رافقها من دمار واسع ونزوح داخلي وخارجي.

ورغم تراجع العمليات العسكرية في بعض المناطق، إلا أن العقوبات، وانهيار العملة، ودمار البنية التحتية، لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على حياة المدنيين، مع ارتفاع أسعار الغذاء والدواء، وتراجع الخدمات الأساسية.

التقرير يحذر من أن أي تراجع في الاستجابة الإنسانية قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة، ويزيد من هشاشة المجتمعات المحلية.

غزة والأراضي الفلسطينية.. أزمة مركبة

يشير التقرير إلى أن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بلغ 3.6 مليون شخص، في ظل حرب مدمرة دخلت عامها الثالث.

ووفق إحصاءات وزارة الصحة، تجاوز عدد القتلى 69 ألف شخص، مع دمار واسع في قطاع غزة، وانهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، واستمرار القيود على دخول المساعدات.

التقرير يصف الوضع في غزة بأنه أحد أسوأ الأوضاع الإنسانية المعاصرة، مع تسجيل مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي، وانتشار الأمراض، وانعدام المأوى.

الصراعات المسلحة.. العامل الحاسم

يلفت التقرير إلى أن ثلاثة من كل أربعة وفيات مدنية في النزاعات خلال عام 2025 وقعت في دول لديها خطط استجابة إنسانية، ما يعكس حجم العنف الموجه ضد المدنيين، وتراجع احترام القانون الدولي الإنساني.

الهجمات على المستشفيات، والمدارس، ومخيمات النزوح، باتت نمطًا متكررًا، في ظل غياب المحاسبة، وتآكل آليات الردع الدولية.

التغير المناخي.. مضاعف للأزمات

إلى جانب النزاعات، يشكل التغير المناخي عاملًا مضاعفًا للأزمات الإنسانية، مع تصاعد الفيضانات، والجفاف، والعواصف، التي تدمر سبل العيش، وتدفع بملايين الأشخاص إلى النزوح.

ويشير التقرير إلى أن دولًا مثل السودان واليمن وأفغانستان، تعاني من تأثير مزدوج للصراع والمناخ، ما يجعل التعافي أكثر تعقيدًا وكلفة.

أزمة التمويل.. خطر يهدد الاستجابة

يحذر التقرير من أن فجوة التمويل قد تقوض الجهود الإنسانية، في ظل تراجع مساهمات بعض الدول المانحة، وتزايد الاحتياجات.

ويؤكد أن عدم سد هذه الفجوة سيؤدي إلى تقليص البرامج الغذائية والصحية، وترك ملايين الأشخاص دون دعم، ما قد يفاقم معدلات الوفيات والنزوح.

مستقبل قاتم إن لم يتغير المسار

مع دخول عام 2026، يبدو أن العالم يقف أمام مفترق طرق حاسم، إما تعزيز التضامن الدولي، والاستثمار في الحلول السياسية والإنسانية، أو ترك الأزمات تتفاقم، مع ما يحمله ذلك من تداعيات أمنية وإنسانية عابرة للحدود.

ما عدد الأشخاص المحتاجين للمساعدات الإنسانية عالميًا في 2026؟
أكثر من 239 مليون شخص يحتاجون بشكل عاجل إلى المساعدات الإنسانية والحماية وفق تقرير الأمم المتحدة.

ما الدولة الأكثر احتياجًا للمساعدات؟
السودان يتصدر القائمة بنحو 33.7 مليون شخص محتاج.

كم عدد الدول العربية ضمن قائمة الأعلى احتياجًا؟
ثلاث دول عربية رئيسية هي السودان واليمن وسوريا، إضافة إلى الأراضي الفلسطينية.

ما حجم التمويل المطلوب للاستجابة الإنسانية؟
نحو 33 مليار دولار لمساعدة 135 مليون شخص خلال عام 2026.

ما أبرز أسباب تفاقم الأزمات الإنسانية؟
النزاعات المسلحة الممتدة، التغير المناخي، الانهيارات الاقتصادية، وتراجع التمويل الدولي.

هل يمكن احتواء هذه الأزمات؟
الخبراء يؤكدون أن الاحتواء ممكن فقط عبر حلول سياسية مستدامة، وزيادة التمويل الإنساني، واحترام القانون الدولي الإنساني.

اقرأ أيضًا: المغرب تحت صدمة الفيضانات المفاجئة… مدينة آسفي تدفع ثمن ساعة واحدة من المطر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى